يعقد المجلس المركزي الفلسطيني اجتماعاً غير عادي يومي الأحد والإثنين بعنوان «القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين» لتحديد سبل الرد علي القرارات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة المتعلقة بالقدس والضفة الغربية (الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، والبدء بإجراءات نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلي القدس- تصويت حزب «الليكود» الحاكم علي ضم المستوطنات المقامة في الضفة الغربيةوالقدس إلي إسرائيل - قرار الكنيست بعدم تغيير حدود مدينة القدس «الموحدة» إلا بموافقة ثلثي أعضاء الكنيست «80 عضواً »، في الوقت الذي رفضت فيه حركتا حماس والجهاد الإسلامي المشاركة في الاجتماع احتجاجاً علي عدم التنسيق معهما بشأن المبادئ الحاكمة لمواقف القوي والفصائل المشاركة، حيث يرتبط عدم حضور حركة «حماس» والذي يمثل أول مشاركة لها بالمجلس برغبتها في إدخال تعديلات لإصلاح مسار المنظمة، وتغيير ميثاقها السياسي ليسمح بانضمام الحركة، أما فيما يتعلق بمشاركة الجهاد الإسلامي فهناك عدة أسباب منها رفض المفاوضات مع إسرائيل، وتبني نهج الكفاح المسلح كخيار استراتيجي، مع عدم الاعتراف بدولة فلسطين علي حدود 1967، والمطالبة بالعودة إلي حدود 1948والقدس الشريف كاملة عاصمتها، فضلاً عن رغبتهما في عقد اجتماع الإطار القيادي المؤقت, تمهيداً لتشكيل حكومة وحدة وطنية لإدارة الأراضي الفلسطينية، والدعوة لتشكيل آلية دولية لحل القضية الفلسطينية، تكون برعاية الأممالمتحدة، في ظل الانحياز الأمريكي الكامل لإسرائيل. يعد المجلس المركزي أكبر هيئة تشريعية منبثقة عن المجلس الوطني الفلسطيني (أعلي هيئة تشريعية تمثيلية للشعب الفلسطيني) وهو مسئول أمامه، ويتكون من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس المجلس الوطني، وممثلين عن فصائل حركة المقاومة والاتحادات الشعبية والكفاءات الفلسطينية المستقلة، وبالتالي فإن الرسالة الفلسطينية من وراء قرارات المجلس المركزي وهو الإطار الأعلي تشريعاً في منظمة التحرير الفلسطينية، تفوق بمضمونها الرمزية، لأنها تدخل في نطاق الفعل، إلا أن امتناع فصائل التيار الديني عن المشاركة يضعف من فرص التوافق علي آليات لتنفيذ ما يتم التوصل إليه من قرارات داخل المجلس، حيث تشير محصلة مناقشات اللجنة السياسية المعنية بالتحضير للقرارات ( تضم أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وقادة الأحزاب الفلسطينية الأعضاء بالمنظمة)، إلي السعي لطرح مسألة تعليق اعتراف المنظمة بإسرائيل لحين اعتراف الأخيرة بالدولة الفلسطينية، والعمل علي اعتبار فلسطين دولة محتلة ووضع خطة للانتقال من مرحلة السلطة إلي مرحلة الدولة، مع البدء في تحديد العلاقات الأمنية والاقتصادية والسياسية مع إسرائيل، تنفيذاً لقرارات المجلس المركزي في دورته الأخيرة التي عقدت عام 2015، مع تأكيد ضرورة العمل من خلال مجلس الأمن لتوفير حماية دولية للفلسطينيين، والتقدم أمامه مجددا بطلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأممالمتحدة، خاصة بعد تصويت 138 دولة في نهاية عام 2012 علي عضوية فلسطين في الأممالمتحدة كدولة مراقب، فضلاًعن بذل مزيد من الجهود لفتح تحقيق قضائي من قبل المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في جرائم حرب ارتكبها قادة إسرائيليون ضد الفلسطينيين،. تتزامن التحركات الفلسطينية مع تنامي حملة التحريض التي يشنها كل من قادة إسرائيل، وفي مقدمتهم رئيس الحكومة «بنيامين نيتانياهو»، والسفيرة الامريكية لدي الاممالمتحدة «نيكي هيلي» ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، حيث كان من المتوقع أن تدفع الولاياتالمتحدة 125 مليون دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» مع بداية الشهر الحالي، غير أن ذلك لم يحدث، وذلك لإجبار الجانب الفلسطيني علي العودة إلي مائدة المفاوضات، وبما يطرح العديد من المخاطر علي قيام الوكالة بدورها في مجالات التعليم والصحة والتنمية الاجتماعية للاجئين، خاصة مع تقاعس عدة دول ومنظمات دولية عن دفع التزاماتها للوكالة، والتزام الولاياتالمتحدة بتحمل ثلث ميزانية وكالة غوث، وليس هناك مجال للشك ان وكالة الاونروا تتعرض لعملية تصفية تدريجية مركزة، تشارك فيها بعض الدول الأوروبية والمنظمات الدولية والاقليمية، بهدف التمهيد لإنهاء ملف اللاجئين الفلسطينيين وشطب حقهم في العودة، وتوطينهم في اماكن وجودهم، وتحويل الوكالة الي وكالة إقليمية تمولها الدول العربية كمدخل لنزع البعد الدولي من قضية اللاجئين، وتحويلها الي قضية عربية إقليمية، عبر مشاريع التطوير الحضري والتمليك تمهيداً لإلغاء مخيمات اللاجئين. وفي ضوء خطورة المرحلة الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية فإن اجتماع المجلس المركزي يجب أن يكون بداية لتحقيق وحدة وطنية حقيقية شاملة في المنظمة والسلطة، وعلي أساس برنامج وطني يجسد القواسم المشتركة، من أجل مسار جديد وعملية سياسية جديدة في إطار الأممالمتحدة، من خلال مؤتمر دولي مستمر وكامل الصلاحيات، وتكون مرجعيته القانون الدولي، وقرارات الأممالمتحدة، واعتبار فلسطين دولة تحت الاحتلال، ومن ثم استمرار المواجهات ضد الاحتلال بكل أساليبها المشروعة، كما يجب علي المحتل أن يدفع ثمن استمرار احتلاله، وسيطرته علي مقدرات الشعب الفلسطيني، وبما يتطلب ضرورة تعامل القوي الفلسطينية بواقعية مع طبيعة المرحلة الراهنة، حتي لايكون منبراً للخطابة والمزايدات، وتكون قراراته قابلة للتنفيذ. عضو مركز الدراسات الإسرائيلية لمزيد من مقالات لواء. محمد عبد المقصود