يكتسب تراجع معدل التضخم فى ديسمبر الماضى للشهر الخامس على التوالى أهمية خاصة ، بما يعكس امتصاص جانب مهم من تداعيات حزمة اجراءات الاصلاح الاقتصادى لاسيما تحرير سعر الصرف ،ويتزامن ذلك مع التطورات الايجابية على مستوى ارتفاع الاحتياطى الاجنبى لاعلى مستوى تاريخى ليتجاوز 37 مليار دولار ، وتحسن مصادر النقد الاجنبى، وفى مقدمتها قطاع السياحة الذى يمثل احد الركائز المهمة لدفع النمو الاقتصادى ، الى جانب استمرار نمو تحويل المصريين بالخارج حيث ارتفع بنحو 5.8 % فى نوفمبر الماضى ليصل الى 2.2 مليار دولار مقابل 2.1 فى نفس الشهر من العام الماضى ، وترتفع بمبلغ 2.4 مليار دولار فى خمسة اشهر من يوليو الى نوفمبر الماضيين لتسجل 10.4 مليار دولار، مع استعادة السوق المصرية وضعها على خريطة الاستثمار العالمى كوجهة للصناديق العالمية لتتجاوز استثماراتها 19 مليار دولار فى ادوات الدين الحكومى والبورصة، الانصاف يقتضى القول ان الجانب الاعظم من تلك التطورات تعود الى قرار تحرير سعر الصرف ، والسياسة الرشيدة التى ينتهجها البنك المركزى . فقد تراجع معدل التضخم السنوى للتضخم العام والاساسى للشهر الخامس على التوالى فى ديسمبر الماضى ، وفقا للجهاز المركزى للاحصاء، ليسجل 21.9% مقابل 26% فى نوفمبر السابق عليه ، كما تراجع معدل التضخم الاساسى وفقا للبنك المركزى ليسجل 19.9% مقابل 25.5% ، وذلك بعد أن بلغ المعدل السنوى للتضخم ذروته فى يوليو عند مستوى 33%العام و 35.3 للاساسى . الامر الاكثر دلالة وربما اهمية هو انخفاض التضخم العام على اساس شهرى بالسالب حيث بلغ 0.2% فى ديسمبر 2017 ، وهو أول معدل سالب له منذ ديسمبر 2015 ، بينما سجل التضخم الأساسى المعد من جانب البنك المركزى معدلا شهريا سالبا بلغ 0.37% فى ديسمبر ، وهو أول معدل سالب له منذ أغسطس 2015 . وذلك مقارنة بمعدل شهرى بلغ 1.3% فى نوفمبر و 0.7% فى أكتوبر وبمعدل بلغ 0.25% فى المتوسط فى أغسطس وسبتمبر «المركزى» عزى ذلك الى ، زوال الأثر التضخمى لإنخفاض قيمة الجنيه أمام العملات الأخرى الى حد كبير ، وتضمن ذلك الأثر على السلع والخدمات التى شهدت استهلاكا متأخرا أو موسميا كخدمات الحج والعمرة فى مايو وأسعار الملابس فى يونيو وخدمات التعليم فى أكتوبر. وأرجع البنك انخفاض أسعار السلع الغذائية الأساسية فى ديسمبر الى تراجع أسعار اللحوم الحمراء للمرة الأولى منذ ديسمبر 2015 لتسجل معدل انخفاض 1.1% ، كما واصلت أسعار الدواجن تراجعها للشهر السابع على التوالى وسجلت معدل انخفاض فى ديسمبر بلغ 2.91% . تراجع اسعار مجموعة الطعام كان لها دور مهم فى تراجع التضخم - وفقا لوزيرة التخطيط الدكتورة هالة السعيد –اذ ان انخفاض معدل التضخم الشهرى لمجموعة الطعام والشراب بنسبة 0.4% وهذه المجموعة هى الأكثر تأثيرا على معدل التضخم ، ساهمت بنسبة تجاوزت 60% من معدل التضخم المتحقق خلال الفترة الماضية، ويرجع ذلك لوزنها النسبى الكبير فى إنفاق الأسرة واستحواذها على نسبة تتجاوز 40% من دخل الأسرة، كما ان استمرار الاتجاه النزولى لمعدل التضخم على أساس سنوى نتج عن بدء تجاوز تأثير تحرير سعر الصرف. التراجع الملحوظ فى معدل التضخم ربما يعزز توقعات وزير المالية عمرو الجارحى الى استمرار انحساره ، وانخفاض معدل التضخم العام السنوى الى 19% واستمرار تراجعه ليصل إلى 10-12% فى 2018 ولأقل من 10% فى 2019. وقد دفع تراجع معدل التضخم فى ديسمبر الماضى ، الى تفاؤل التوقعات حول خفض الفائدة خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى فى منتصف فبراير ، وفقا لبعض بنوك الاستثمار ، فى الوقت الذى توقعت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس البريطانية للأبحاث الاقتصادية انخفاض سعر الفائدة الاسترشادى من 19.75 % حاليا إلى 13.25 % مع نهاية العام الجارى. ورجح مركز بحوث «مباشر» : مواصلة التضخم انخفاضاته لمستويات بين 18.5-19٪، فى الربع الثالث من العام المالى 2016- 2017، والذى يبدأ فى يناير وينتهى فى مارس 2018 . كما أكد إن استمرار الاتجاه النزولى للتضخم سيساهم فى تحفيز البنك المركزى المصرى على خفض أسعار الفائدة قبل نهاية الربع الاول من 2018. فى حين توقع بنك استثمار «فاروس» تراجع التضخم إلى مستويات 16.6% فى الربع الثالث، ثم إلى 14% بنهاية العام المالى يونيو المقبل، وهو يتماشى مع توقعات البنك المركزي.