الكتاب القنبلة عن كواليس البيت الأبيض يهيمن على الحديث الدائر والجدل المثار فى واشنطن. البيت الأبيض طالب الناشر والمؤلف مايكل وولف بعدم السماح بنزول الكتاب إلى الأسواق. كما أن البيت الأبيض بعث من خلال محامى الرئيس ترامب بمذكرة لستيف بانون المستشار الاستراتيجى السابق للرئيس تحذره قانونيا وتنبهه بأن بما قاله فى الكتاب لم يلتزم ببنود التعاقد والعهد التى تطالبه بالصمت بعد خروجه من الادارة. وقد تم تقديم موعد صدور الكتاب ليكون الجمعة 5 يناير بدلا من الثلاثاء 9 يناير . كما أن المؤلف بدأ حواراته التليفزيونية حول الكتاب وما جاء فيه من أسرار واعترافات وفضائح ستكون حديث واشنطن خلال الفترة المقبلة. وكأن القيامة قامت فى واشنطن تعبير مرادف بالانجليزية تردد كثيرا على لسان مراسلى الشبكات التليفزيونية وهم يصفون الأجواء فى البيت الأبيض والرئيس فى حالة غضب وغليان وفوران .. «بانون فقد عقله».. هذا ما ذكره الرئيس عن مستشاره السابق وجاء أنصاره لينقضوا على بانون الذى خان الأمانة والوفاء لصاحب الفضل عليه . الكتاب «نار وغضب داخل بيت ترامب البيت الأبيض» وادارة ترامب يقع فى 336 صفحة ويتضمن التفاصيل الدقيقة للفوضى السائدة والارتباك المتفشى فى الادارة. بعض أنصار ترامب حرصوا على التأكيد بأن الفوضى كانت الحالة قبل أن يتسلم الجنرال جون كيلى زمام الأمور فى البيت الأبيض فى منتصف العام المنصرم .كما أن الكتاب عكس أيضا أراء وأوصاف كبار رجال الإدارة تجاه شخص ترامب (ومنها الغبى والطائش) ، وأيضا عدم قدرته على الاستفادة بما يتم نقله اليه. ركز الكاتب وولف بشكل محدد على حالة ترامب الصحية والعقلية وتكرار نسيانه، وبالتالى امكانية الوثوق فيه وفى قدرته على اتخاذ القرارات وادارة شئون البلاد. وحرص أغلب المعلقين السياسيين على القول بأن الكتاب لم يأت بجديد حول حالة الادارة والبيت الأبيض وهى حالة معروفة يتم تناولها يوميا عبر وسائل الاعلام وأحاديث الأروقة ونميمة واشنطن، الا أن ما تم نقله عبر الكتاب وتحديدا من خلال ستيف بانون القريب والمقرب سابقا من أذن الرئيس يكشف النقاب عن الكثير من أسرار البيت الأبيض والرئيس نفسه. ومن خلال ما تم تسريبه قبل صدور الكتاب نعرف أن بانون كان من أوائل من نصحوا ترامب بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وبالتالى يكون حسب وصفه نيتانياهو- معنا والملياردير شلدون أدلسون معنا .. ولندع الأردن يأخذ الضفة الغربية ومصر تأخذ غزة .. ولندعهم يتعاملوا معها أو يغرقوا معها. بانون أيضا فى حواراته مع وولف يذكر عن حزن ميلانيا زوجة ترامب لانتخابه رئيسا والمسافة التى تحافظ عليها فى علاقتها معه، وأن ايفانكا ابنة ترامب طموحة للغاية وتريد أن تكون رئيسة للبلاد. الا أن الصدمة الكبرى فى تسريبات الكتاب كانت ما ورد على لسان بانون بأن لقاء نجل ترامب بمحامية روسية يعد خيانة.. أنصار ومؤيدو الرئيس ترامب انتقادهم الكتاب انصب على الهجوم على الكاتب ومصداقيته وترويجه للأكاذيب .. «أقاويل كاذبة ونميمة صحافة صفراء» قالتها المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز. وأضافت «ومؤلف الكتاب مايكل وولف يلفت الانتباه دائما الا أن مصداقيته أحيانا موضع تساؤل وتشكيك خاصة انه لا يلتزم بالدقة دائما ويفبرك أحيانا من أجل اضافة الاثارة للموضوع الذى يكتبه». وقد حاور لكتابة هذا الكتاب 200 شخصية من داخل البيت الأبيض وممن هم وهن على صلة بالرئيس ترامب وعائلته ومستشاريه ومسئولى ادارته. وحسب ما ذكره وولف فان لديه تسجيلات صوتية بما قالوه .. كما أن الشخص الأبرز كمصدر له كان ستيفن بانون .. وهو بالمناسبة لم يكذب ما نسب اليه فى الكتاب على الاطلاق، ومن ثم ما فعله يعد انتحارا سياسيا مثلما قال مقربون من الرئيس الأمريكى .. ومع مرور ساعات التوتر والغضب التى سادت الجناح الغربى للبيت الأبيض وانعكست فى وسائل الاعلام وأجواء واشنطن، لم تتردد ريبيكا مرسر ممولة رئيسية للموقع الاعلامى «بريتبارت»، أن تعلن انحيازها لترامب وانسحابها من دعم مشروع بانون الاعلامى «بريتبارت». «بريتبارت» لعب دورا هاما ورئيسيا فى الدفاع المستميت عن ترامب منذ بداية حملته الانتخابية والتصدى للاعلام المتربص به والمعادى لتوجهاته الشعبوية، التى كانت ومازالت ايديولوجية بانون فى تعامله مع أهل واشنطن ومع من يوصمهم بأنهم من أهل العولمة ومنهم فريق الأمن القومى بقيادة الجنرال اتش ار ماكماستر وأيضا ابنة الرئيس ايفانكا وزوجها جاريد كوشنر. ودينا باول. ما كشفه الكتاب وما سيتم كشفه من خلال الحديث المثار بالتأكيد ستكون له تداعيات عديدة لا يعرف مداها أحد .. واشنطن تتجادل حول الرئيس وقدرته على ادارة البلاد .. وأيضا حول وسائل الاعلام ومصداقيتها. المشهد السياسى الأمريكى بشكل عام يتسم بالضبابية وتضاؤل الرؤية، والسماء ملبدة بالغيوم ..