◄ علماء الدين: حماية الكنائس واجب شرعى ووطنى كحماية المساجد ◄ دار الإفتاء: التهنئة «بر» بشركاء الوطن تأمرنا به الشريعة الإسلامية د. عمر هاشم: المعايدة وتبادل الزيارات دعم للوحدة الوطنية د. محيى عفيفى: الرحمة التى تقرها الأديان لا تقبل من يسفكون الدماء تحتفل الأمة العربية والإسلامية بميلاد السيد المسيح عليه السلام مشاركين إخوانهم المسيحيين بمولد رسول الله عيسى عليه السلام، الرحمة والروح والمعجزة ، الذى أرسى فى الأرض المحبة والسلام حين قال عليه السلام: «أحبوا أعداءكم .. باركوا لا عنيكم». وما إن تحل ذكرى طيبة لإخواننا المسيحيين كذكرى الميلاد المجيد التى تبعث على السرور والفرح حتى يفسدها عليهم وعلينا المغالون والمتشددون والمتنطعون فيحرمون على المسلمين تهنئة إخوانهم المسيحيين فى عيدهم وعيدنا، ناسين أن التهنئة مشتركة والاحتفال كذلك إعمالا لقول الله تعالي: «لا نفرق بين أحد من رسله». فذكرى ميلاد المسيح تجمع ولا تفرق بيننا كمسلمين ومسيحيين، وهنيئا لنا ولهم بعيدنا وعيدهم، كما فعل رسولنا الأكرم صلى الله عليه وسلم حينما قدم إلى المدينةالمنورة فوجد اليهود يحتفلون بيوم عاشوراء قائلين إنه يوم نجى الله فيه موسى عليه السلام وبنى إسرائيل من فرعون، فقال عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات «نحن أولى بموسى منكم» وشاركهم احتفالهم. وفى ظل الاحتفالات وما اتخذته الأجهزة الأمنية من احتياطات وإجراءات لتأمين الكنائس من أيدى الإرهاب الآثمة، أكد علماء الدين أن تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم واجبة ومستحبة وتدعم الوحدة الوطنية، مشددين على أن الدين الإسلامى يدعو للتآلف والإخاء الدينى بين العالمين وتقوى العلاقات الإنسانية مؤكدين أن كل أطياف الشعب المصرى شركاء فى الوطن، وان تهنئة المسيحيين بأعيادهم تندرج تحت باب الإحسان الذى أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعا دون تفريق. وقال الدكتور محيى الدين عفيفي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن احتفال المصريين على اختلاف أطيافهم بمولد الرحمة وميلاد المحبة، يعبر عن الجوهر الأعظم للأديان الذى يظهر منه بشكل أكبر الجانب الأخلاقى الذى تشترك فيه الأديان لتبعث برسالة سلام ورحمة للعالمين وهو ما أكده القرآن فى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». وأضاف عفيفى: إن الرحمة التى تقرها الأديان لا تعترف بمن تجردوا من كل معانى الإنسانية وسفكوا دماء الأبرار بغير حق تحت غطاء الأديان التى تتبرأ من أعمالهم الخبيثة التى تكدر السلم المحلى والعالمي. وأوضح عفيفى أن الإنسان مكرم فى الإسلام لإنسانيته وليس لدينه، قال تعالي: «ولقد كرمنا بنى آدم» والنبى أكد ذلك فقال «من لا يرحم لا يرحم» ولذا فإن المعانى الأخلاقية تتجلى فى مختلف الأديان. وأننا فى حاجة إلى إحياء معانى الرحمة والمحبة فى حياتنا وفى مجتمعنا حتى يعيش الناس فى سلم وينعموا بمجتمع يعج بالأخلاق واحترام بعضه بعضا. فتاوى باطلة وردا على فتاوى المتشددين التى تحرم تهنئة الأقباط وغير المسلمين فى أعيادهم أكدت لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية أن تهنئة غير المسلمين فى أعيادهم من باب «البر» الذى تأمرنا به الشريعة الإسلامية الغراء. وهذا الفعل يندرج تحت باب الإحسان الذى أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعا دون تفريق، مذكرة بقوله تعالي: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا» وقوله تعالي: اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ. وذلك بدليل قوله تعالي: «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ». وأوضحت لجنة الفتوى أن الإهداء وقبول الهدية من غير المسلم جائز أيضًا، مؤكدة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدايا من غير المسلمين ، حيث ورد عن على بن أبى طالب، رضى الله عنه قال: «أهدى كسرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل منه، وأهدى له قيصر فقبل، وأهدت له الملوك فقبل منها». وعلماء الإسلام قد فهموا من هذه الأحاديث أن قبول هدية غير المسلم ليست فقط مشروعة أو مستحبة، لأنها من باب الإحسان، وإنما لأنها سنة النبى صلى الله عليه وسلم، مؤكدة حاجتنا الشديدة لنشر المزيد من المودة والرحمة والتآلف بين أبناء الوطن الواحد من المسلمين والمسيحيين لمواجهة محاولات ومؤامرات نشر الفتن. زيارة الكنائس وفى سياق متصل أكد الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، أن الإخوة المسيحيين شركاء فى الوطن، وتهنئتهم بأعيادهم وتبادل الزيارات أمر يقره الإسلام لأنه يدعم تماسك الوحدة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية لمصر، فنحن جميعا فى مركب واحدة والإسلام لا ينهانا عن مثل هذه المجاملة. فنحن مسلمين ومسيحيين نعيش فى وطن واحد ينعم فيه الجميع بالحب والخير ويتساوى فيه الكل فى الحقوق والواجبات، فكل من يحمل الجنسية المصرية يتساوى فى الحقوق والواجبات ولا تفرقة بين مسلم ومسيحى فى أى نمط من أنماط الحياة لأننا كمصريين نعيش إخوة متحابين تجمعنا مصالح مشتركة. وأضاف: إن التهنئة ومشاركة غير المسلمين فى أعيادهم الدينية جائزة تماما بل وضرورية للحفاظ على وحدة المجتمعات وتماسكها وعدم انتشار الفتن ومشاعر التعصب والكراهية لأن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان رمزاً للتسامح مع غير المسلمين فكان يزور جاره المسيحى فى أثناء مرضه، وقام لجنازة يهودى حينما مرت عليه. البر والرحمة وردا على بعض الفتاوى المتشددة التى تحرم المشاركة فى الاحتفال بمولد السيد المسيح يؤكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، أن تلك الفتاوى باطلة ولا تستحق الوقوف عندها، فالتهنئة واجبة لشركاء الوطن، والإسلام يدعو للتآلف والإخاء الدينى بين العالمين لقولة تعالي: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» والأصل القرآنى فى معاملة أهل الكتاب الموادعين المسالمين قوله تعالي: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين). وأوضح كريمة أن النداء فى القرآن الكريم لعموم البشر بدليل غلبة النداء: (أَيُّهَا النَّاسُ) و (يا بنى آدم)، وذلك لتأكيد صلة الرحم والتواصل والتراحم بين البشر. والمشاركة فى التهنئة بعيد الميلاد لا تمس عقيدة المسلمين من قريب أو بعيد بل هى من باب البر والإحسان إلى شركاء الإنسانية الذى نادى به الإسلام، ولقد أرسى الإسلام الإخاء الدينى والسلام فى أروع صوره فقال الله تعالى فى حقهم: (... أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ). وأشار إلى أن العلاقات الإنسانية تأخذ المقام الأكبر فى أخلاقيات الدين الإسلامى فإطعام الجائع وكسوة العارى وإغاثة المحتاج من مكارم الأخلاق لقوله تعالي: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ). وقد شارك الرسول صلى الله عليه وسلم اليهود أعيادهم حينما هاجر من مكة الى المدينة حين وجدهم يحتفلون بنجاة سيدنا موسى عليه السلام من فرعون فشاركهم الصيام، وكان النبى يعود المرضى من أهل الكتاب، وكل ذلك يدل على ثقافة التراحم والبر واحترام الآدمية، من هنا فإن تهنئة أهل الكتاب بأعيادهم مشروعة ومن مكارم الأخلاق ولا مانع من مبادلة الآخرين التهانى والتعازى وسائر المناسبات الاجتماعية ولا يؤثر هذا مطلقا على العقائد، فحكمها: «لكم دينكم ولى دين». واجب الحماية وحول الإجراءات الواجب اتباعها لحماية وتأمين الكنائس فى أثناء ذكرى ميلاد المسيح عليه السلام، أكد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، أن حماية الكنائس واجب شرعى ووطنى كحماية المساجد سواء بسواء، وأن من مات منا شهيدًا فى الدفاع عن الكنيسة كمن مات منا شهيدًا فى الدفاع عن المسجد، فى ضوء ترسيخ مفاهيم المواطنة المتكافئة وإعلاء قيمة المواطنة، والعمل على وحدة الصف فى مواجهة التحديات، ولاسيما تحديات الإرهاب الذى يستهدفنا جميعًا لا فرق بين مسلم ومسيحي، أو بعبارة أدق لا فرق بين مصرى ومصرى فالجميع أبناء وطن واحد لهم كل الحقوق وعليهم كل الواجبات، فحماية الوطن بكل مفرداته ومواجهة الإرهاب الغاشم وكشفه والقضاء عليه واجبنا جميعًا مجتمعين متحدين.