تهديدات واشنطن لرافضى قرارها بخصوص القدس تضرب سمعتها الدولية فى شكل جديد من أشكال الإرهاب الدبلوماسى، حالة من الغضب والاستياء الدوليين سادت أروقة الأممالمتحدة أمس رفضا للبلطجة الأمريكية، إثر تهديد نيكى هيلى، السفيرة الأمريكية لدى المنظمة الدولية بجمع أسماء الدول المؤيدة لمشروع القرار الدولى برفض الاعتراف الأمريكى بالقدسالمحتلة عاصمة لإسرائيل، وما تبعها من تهديد الرئيس دونالد ترامب بقطع المساعدات عن الدول المؤيدة لمشروع القرار داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة، ضاربا بعرض الحائط جميع الأعراف الدبلوماسية الدولية. وأثارت لهجة ترامب الاستفزازية غضب حلفائه فى أوروبا والشرق الأوسط، فقد علق ترامب ساخرا على تصويت الجمعية العامة قائلا: «إنهم يأخذون ملايين الدولارات بل المليارات وفى النهاية يصوتون ضدنا». أما هيلي، فقد وجهت رسالة تحمل تهديدا صريحا لدول العالم قائلة: «وأنتم تدلون بأصواتكم، لابد وأن تعلموا أن الرئيس والولايات المتحدة يأخذان التصويت بشكل شخصى». وأضافت «إن الرئيس سيراقب التصويت عن كثب، وقد طالب بالإبلاغ عن الدول التى تصوت ضد أمريكا، وسنسجل كل صوت يتم الإدلاء به». وأشارت إلى أن أمريكا دائما مطالبة بدفع المزيد والمزيد، ولذلك لا تنتظر من تلك الدول التى قدمت لها مساعدات من قبل أن تصوت ضدها. ويرى المراقبون أن هذا التهديد الضمنى لا يقتصر على ملف القدس فقط، ولا علاقة له بالدبلوماسية. ولكنه يتعلق بشكل أساسى بالشأن الداخلى، حيث تسعى هيلى جاهدة لاسترضاء الإدارة الأمريكية الراهنة، بل وأنصار ترامب أيضا. ويحذر المراقبون من أن تهديدات هيلى سيكون لها الكثير من العواقب الدولية، حيث أضرت مواقفها بسمعة هيلى، بعد أن دمرت آمال أمريكا فى بناء تحالفات دولية، ووجهت ضربة محرجة لترامب نفسه على الساحة الدولية. وتوقع بعض الدبلوماسيين فى المنظمة الدولية أن يأتى الموقف الأمريكى بنتائج عكسية، مشيرين إلى أن مشروع القرار قد يحظى بتأييد 150 أو حتى 180 دولة. وأشارت شبكة «سى إن إن» الإخبارية فى تقرير لها إلى أنه حتى الدول الصديقة لأمريكا قررت التمسك بموقفها الطويل الأمد الداعم لقرارات مجلس الأمن الدولى بشأن القدس، بغض النظر عن علاقتها بأمريكا. وشدد على أن الأمر يتعلق بالالتزام بالقوانين الدولية، وهنا يكمن الخلاف مع أمريكا. وأكد خبير فى المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية أن مثل هذا التهديد سيجعل الدول تصوت أكثر لصالح القرار، فيما سيمثل إهانة بالغة لترامب ومندوبته. واستبعد دبلوماسى أوروبى أن تغير أوروبا موقفها على وقع تهديدات ترامب، مؤكدا أن أوروبا لديها التزامات قانونية وأخلاقية تجاه قضية القدس. واتهمت كل من فلسطين وتركيا أمريكا بالترهيب. وعلى الرغم من تجنبه التعليق على الموقف الأمريكى، أكد ميروسلاف لايتشاك الرئيس السلوفاكى للجمعية العامة فى دورتها الحالية أنه من حق كل من الدول الأعضاء التعبير عن رأيها، مؤكدا أن التصويت سيمضى قدما بناء على رغبة الدول الأعضاء. كما رفض المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريش التعليق أيضا على تصريحات ترامب التى أدلى بها الأربعاء الماضى.