بعد أن انتهى كبار مشايخ الأزهر مما تصوروه عقابًا رادعًا للشيخ على عبد الرازق، بعد عامين من سقوط الخلافة سنة 1924، عادوا فى سنة 1926 إلى موقفهم القديم، وهو ما ترتب عليه الدعوة إلى عقد مؤتمر إسلامى عام، حول الخلافة بقيادة الأزهر. وقد ظنوا أن الأحوال قد صارت ملائمة لعقد هذا المؤتمر؛ خصوصا بعد أن تخلصوا من الصوت الذى كان يعوقهم فى تحقيق مطامحهم، فى إقامة دولة دينية جديدة، باسم الخلافة، يترأسها الملك فؤاد الذى أكد فى كل أحوال محاكمة الشيخ على عبد الرازق أنه غاضب عليه، وأنه منحاز انحيازا تاما إلى موقف الأزهر ومشايخ هيئة كبار العلماء فيه. ........................... وما له دلالة، فى هذا السياق، أن الملك فؤاد لم يعترض على توجيه الأزهر دعوة إلى مؤتمر إسلامى عام للخلافة فى مايو 1926. وظل مؤيِّدا للأزهر فى تنكيله بالشيخ الثائر على عبد الرازق، وهو تأييد تجلى فى فصله وزير الحقانية عبد العزيز فهمى الذى شكّل لجنة لدراسة الأبعاد القانونية والدستورية لقرار هيئة كبار العلماء، وهو الأمر الذى ينقضه حضور الدستور والقانون، فكلاهما يمنح العلماء حق الاجتهاد حتى فى القضايا الدينية، ومن ثَمَّ إقرار مبدأ حق الخطأ فى الاجتهاد؛ فالمجتهد له أجر حتى فى حالة الخطأ، ويضاعف له الأجر فى حالة الإصابة. وتلك أمور كان يدركها عبد العزيز فهمى بوعيه الإسلامى المستنير أولا، وبموقفه الليبرالى الذى جعل منه- وقتها- رئيسا لحزب الأحرار الدستوريين ثانيا. ولم يقتصر تعاطف الملك فؤاد ودعمه لمشايخ الأزهر عند هذا الحد؛ فقد أطاح بإسماعيل صدقى من الوزارة بدوره، ولم يجد حرجا فى أن تكون الوزارة مقصورة على وزراء حزب الاتحاد الذى ترأسه رجله أحمد زيور باشا الذى كان رئيسا لديوانه وحريصا على طاعته. وبالطبع كان لابد أن ينحاز سعد زغلول لموقف الملك فؤاد؛ شماتة فى حزب الأحرار الدستوريين، العدو التقليدى للوفد من ناحية، لكنه لم يصل فى حدة موقفه العدائى إلى ما وصل إليه المشايخ الثائرون والمفزوعون من قنبلة على عبد الرازق من ناحية موازية، وأضيف إلى كل ذلك حدية عداء الشيخ محمد رشيد رضا فى مجلة «المنار»، ذلك الذى قاد مع أقرانه وأشباهه حملة مسعورة، لم يتوقف سعارها فى «المنار» التى ظلت– نتيجة تحالفات محمد رشيد رضا السياسية- داعية إلى دولة دينية تحت راية خلافة شعارها: «الإسلام دين ودولة»، فى مواجهة كُتاب جريدة «السياسة» الناطقة بلسان «الأحرار الدستوريين» الذين كانوا أنصارا ودعاة لدولة مدنية ديموقراطية حديثة، لحمتها المواطنة وسداها الفصل بين السلطات، ومن ثَمَّ الفصل بين الدين وسياسة الدولة وإدارتها فى آن. وما أكثر حملات التكفير التى قادتها مجلة «المنار» على أمثال محمد حسين هيكل وطه حسين وغيرهما من الذين وجدوا فى أفكار على عبد الرازق تواصلا إيجابيا مع أفكار أستاذه محمد عبده الذى كان أعدى أعداء المنحى الذى انحرف إليه تلميذه محمد رشيد رضا؛ طمعا فى ذهب المعز وسيفه . ومن المؤكد أن حماسة مشايخ الأزهر الذين أسرفوا على أنفسهم بتكفير على عبد الرازق كانت نابعة من الحرص على أن يكونوا «سلطة» على النقيض مما ذهب إليه عدوهم القديم الإمام محمد عبده الذى أكد أن الإسلام هدم السلطة الدينية ومحا أثرها، وأنه لا كهنوت فى الإسلام، ولا وساطة بين المسلم وربه، ومن ثَمَّ لا وجود لمن يمكن تسميتهم بالمؤسسة الدينية التى تتبادل والدولة التسلطية، المنافع والدعم المشترك الذى يجعل من الحاكم مستبدا، يتبادل والمشايخ صفات السلطة والمصلحة التى تجعل من المؤسسة الدينية أداة من أدوات دولة الاستبداد فى الحكم والمصلحة. وبالفعل انعقد مؤتمر الخلافة الذى حضره لفيف من ممثلى الأمم الإسلامية. وتوجد فى مجلة «المنار» صورة الدعوة إلى هذا المؤتمر منشورة على نحو بارز مع الترحيب والترغيب. وفى الوقت نفسه نجد فى موقع «ملتقى أهل الحديث» محاضر الجلسات التى عقدها هذا المؤتمر، فى دار المعاهد الدينية التابعة للجامع الأزهر الشريف فى الحلمية بمدينة القاهرة، الساعة الحادية عشرة صباحًا، يوم الخميس أول ذى القعدة الحرام سنة 1344ه (13 مايو 1926م)، برئاسة حضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمد أبى الفضل، شيخ الجامع الأزهر الشريف ورئيس المؤتمر، وحضرات أصحاب الفضيلة والسيادة والسعادة والعزة من مصر، بالإضافة إلى ممثلين عن طرابلس الغرب، وتونس، ومراكش، وجنوب إفريقيا، وجزر الهندالشرقية، وسلطنة جوهور، والهند، واليمن، وممثل عن أشراف الحجاز، فضلا عن فلسطين، والعراق، وأورابا. وأعلن شيخ الجامع الأزهر رئيس المؤتمر افتتاحه، وبعد تلاوة القرآن، ألقى صاحب الفضيلة خطبة الافتتاح التى تلاها نيابة عنه سكرتيره الخاص محمد فراج المنياوى، وتبدأ الكلمة بتأكيد الدافع الأساسى للمؤتمر بقولها: «كان لزوال الخلافة ما تعلمون من الوقع الشديد فى أنفس الشعوب الإسلامية، ولقد تجاوبت أصواتهم من الأرجاء البعيدة والنواحى المختلفة يتلمسون سبيلاً إلى الرشاد، ويتطلبون عقد مؤتمر إسلامى عام ينظر فى الأمر من ناحية الدين، فنظر العلماء فى ذلك نظرة خالصة لله تعالى، واجتمعوا اجتماعًا تاريخيًّا، وقرروا عقد المؤتمر... قيامًا بواجبهم الدينى. وقد أشير فى أسباب هذا القرار إلى أن مركز الخلافة فى نظر الدين الإسلامى ونظر جميع المسلمين له من الأهمية ما لا يعدله شيء آخر. لما يترتب عليه من إعلاء شأن الدين وأهله، ومن توحيد كلمة المسلمين وربطهم برباط قوى متين. فوجب على المسلمين أن يفكروا فى نظام الخلافة على قواعد توافق أحكام الدين الإسلامى، ولا تجافى النظم الإسلامية التى رضيها المسلمون نظمًا لحكمهم. غير أن الضجة التى ترتبت على زوال الخلافة جعلت العالم الإسلامى فى اضطراب لا يتمكن المسلمون معه من البت فى هذه النظم وتكوين رأى ناضج فيها إلا بعد الهدوء، وبعد الإمعان والروية، وبعد معرفة وجهات النظر فى مختلف الجهات». ومن الواضح- من الكلمات السابقة- أن الأزهر يحاول أن يثبت وجوده فى قضية أساسية من القضايا الحيوية، وأنه بهذه المحاولة يؤكد وجوده بوصفه مؤسسة دينية لها سطوتها ولها تأثيرها السياسى، فضلا عن الدينى فى الوقت نفسه؛ ولذلك يختلط الخطاب الدينى بالخطاب السياسى فى الكلمات السابقة، لكن المهم هو أن الخطبة الافتتاحية للمؤتمر تتجنب تماما الإشارة إلى قضية على عبد الرازق أو إلى قضية الدولة المدنية التى أصبحت صاعدة، بعد إعمال دستور 1923. فمصر بعد إعمال هذا الدستور أصبحت دولة مدنية ديموقراطية حديثة. صحيح أن دستور 1923 نصَّ على أن دين الدولة هو الإسلام بحكم أنه دين الأغلبية، وأن اللغة العربية هى اللغة الرسمية للدولة، لكنه فى الوقت نفسه يؤكد بحضوره وجميع مواده أن مصر قد أصبحت دولة مدنية بكل معنى الكلمة. وهو الأمر الذى يعنى أن الأزهر أصبح مؤسسة دينية من مؤسسات الدولة، لكنها مؤسسة تتبع الملك مباشرة، ولا سلطة لغيره عليها. ومع ذلك تظل الدولة كلها داخل إطار دستورى يردُّ السلطة إلى الأمة، ويجعل الأمة أو الشعب فوق الجميع بما فيهم الحكومة والملك شخصيًّا، وذلك عن طريق التمثيل النيابى للشعب الذى يحاسب الحكومة ويراقبها عن طريق نوابه وعن طريق الدستور الذى أقرته الأمة من ناحية، والذى يفصل بين السلطات الثلاث من ناحية ثانية، ويؤكد المعنى الوضعى للوطن والمعنى الدستورى للمواطنة من ناحية أخيرة. يضاف إلى ذلك ما يتصل بذلك كله من فصل بين السلطات. ومن المؤكد أن هذا المتغير الجديد كان يفرض نفسه على المؤتمرين، ومن ثَمَّ على الخطاب الافتتاحى لشيخ الأزهر نفسه، وكما سنرى فيما بعد على النتائج التى انتهى إليها المؤتمر. ومضت الجلسة الأولى للمؤتمر فى أعمالها، محددة المجلس الإدارى للمؤتمر ولوائحه. وقد تدخل الشيخ فراج المنياوى بقوله مؤكدا: «أنه ليس لعلماء مصر غاية من عقد هذا المؤتمر إلا أداء واجبهم الدينى، وأن للمؤتمر الحرية التامة فيما يبحث وفيما يقرر». وشكر لحضرات أعضاء المؤتمر تفضلهم بإجابة الدعوة. وذكر لهم أن أمر المسلمين بين أيديهم دون سواهم، حاثًّا على الوحدة الإسلامية. وانتهت الجلسة الأولى على أن يجتمع المؤتمر فى جلسته الثانية، بعد ظهر يوم السبت الموافق 15 مايو سنة 1926. والحق إن الشيخ فراج المنياوى لم يكن صادقا إلا فى اعتقاده أن قضية الخلافة هى قضية دينية ومدنية على السواء. أما عن أمور المسلمين التى أشار إليها فلم تكن بين أيدى المسلمين؛ خصوصا فى مصر، فالأمر كان فى يدى السلطة العليا، وهى الملك فؤاد الذى لم يكن قد تخلى عن استبداده أو أظهر أى تنازل عن سلطاته التى ساعده علماء الأزهر فى جعلها شبه مطلقة. وأعتقد أن كلمات الشيخ فراج المنياوى كانت أقرب إلى الخطاب الذى يغلف السياسى بقناع ديني؛ حفاظا على الأوضاع القائمة من ناحية، وتأكيدا للحق الدينى الذى يجعل من سلطة الأزهر الدينية موازية لسلطة الملك المدنية من ناحية مقابلة. ولا أدل على ذلك من أن المؤتمر عندما يصل إلى تعريف الخلافة وشروطها لم يجاوز ما قاله القدماء أو يضيف إليه ما أدت إليه تجارب الأمم وتحولات الأزمنة على السواء، وذلك على نحو ما سوف نراه فى توصيات المؤتمر. وبالفعل ينعقد المؤتمر فى جلسته الثانية، ويعلن شيخ الأزهر افتتاح الجلسة، ويتناقش حضرات الأعضاء حول مجموعة من القضايا، منها الرد على البرقية التى وردت إليهم من مكتب الاستعلامات السورى لاستنكار تصرف الفرنسيين فى دمشق. وقد أحيلت البرقية إلى اللجنة الخاصة لمناقشتها والرد عليها. ومضت الجلسة بعد ذلك فى مسألة هل تكون الآراء بعدد الشعوب الممثلة فى المؤتمر، فيكون لكل شعب صوت واحد أم تكون بعدد الممثلين لشعوبهم فى المؤتمر؟ وانتهى الأمر بتحويل الاقتراح إلى لجنة الاقتراحات. وبعد استراحة عادت الجلسة إلى الانعقاد فى الساعة السابعة مساءً، وبدأت بتأليف اللجنة التى تبحث المسائل الثلاث الأولى من برنامج المؤتمر، وهي: 1 - بيان حقيقة الخلافة وشروط الخليفة فى الإسلام. 2 - الخلافة واجبة فى الإسلام. 3 - بم تنعقد الخلافة؟ وتشكلت اللجنة من أسماء الأعضاء الذين نالوا العدد الأكبر من الأصوات؛ لكى يمثلوا الفقه الحنفى والمالكى والشافعى، ووافق المؤتمر على ضم صاحب الفضيلة الشيخ محمد سبيعى الذهبى، شيخ السادة الحنابلة بمصر بصفة مستشار، وأضيف إلى هذه المسائل الأسئلة التى تبحثها لجان المؤتمر، وهي: 1 هل يمكن الآن إيجاد الخلافة المستجمعة للشروط الشرعية؟ 2 إذا لم يكن من الميسور إيجاد هذه الخلافة، فما الذى يجب أن يعمل؟ 3 إذا قرر المؤتمر وجوب نصب خليفة، فما الذى يتخذ لتنفيذ ذلك على أن يراعى فى انتخاب هذه اللجنة أن يكون لكل شعب عضو واحد فيها... وانتهت الجلسة الثانية لتنعقد الجلسة الثالثة فى يوم الثلاثاء، الثامن عشر من مايو سنة 1926، وبدأت الجلسة فى الساعة الخامسة برئاسة شيخ الأزهر، وأخذ الأعضاء وقتا طويلا فى مناقشة محضر اجتماع الجلسة الماضية، وبدأت الاختلافات وكثر القيل والقال، وانتهت الجلسة بتأكيد بحث الموضوعات أو المسائل الثلاث التى اتفق عليها المؤتمرون، وهي: أ. بيان حقيقة الخلافة وشروط الخليفة فى الإسلام، وكيف أن الخلافة واجبة فى الإسلام، وعلى أى أساس تنعقد الخلافة. وتم الاتفاق فى المسألة الأولى على أن الخلافة رياسة عامة للدين والدنيا وحفظ حوزة الملة نيابة عن صاحب الشريعة، صلى الله عليه وسلم، فلابد فى تحقيقها من الجمع بين الرياستين: الرياسة الدينية والرياسة الدنيوية. وفصل إحداهما عن الأخرى أو تقييد الخلافة بإحداهما دون الأخرى مخرج للخلافة عن معناها الحقيقى، ونقض لأصل عقد الخلافة بين الأمة والخليفة، ولا يتصور وجودها بدون إحداهما. ولا يصح القول أيضًا بأن مبايعة الأمة للخليفة من باب الوكالة وللموكل أن يقيد الوكيل؛ لأن هذا قياس مع الفارق. فليس من حقيقة الوكالة شرعًا أن تكون عامة، بل يصح أن تكون عامة ويصح أن تكون خاصة بخلاف الخلافة، فإن حقيقتها أن تكون عامة لا غير. وكما أن حقيقة الخلافة تمنع من قصر الخلافة على إحدى الرياستين، كذلك تمنع من إمكان القول بجواز تعدد الخلفاء؛ لأن عموم الرياسة المأخوذ فى مفهومها لا يتفق مع التعدد؛ ولأن من أوائل مقاصد الدين توحيد الأمة الإسلامية ورعاية مصالحها المشتركة واعتبار المسلمين فى سائر أقطار الأرض كالجسم الواحد الذى لا يكون له إلا قلب واحد ينبعث منه دم الحياة إلى سائر الأعضاء. ب. شروط الخلافة فى الإسلام: اتفقت المذاهب الأربعة على اشتراط الإسلام، والبلوغ والعقل، والحرية والذكورة، والقدرة على إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام، وحماية بيضة المسلمين، وسلامة السمع والبصر والنطق، وأن يكون ذا رأى وبصارة بتدبير المصالح العامة للمسلمين. وأما الاجتهاد فالجمهور على اشتراطه، ويرى بعضهم صحة الاستغناء عنه باستفتاء العلماء. وكذا القرشية؛ فقد نقل ابن خلدون أن الجمهور على اشتراطها أيضًا، وأن كثيرًا من المحققين ومنهم أبو بكر الباقلانى على خلاف ذلك، كما أن الجمهور على اشتراط العدالة أيضًا. وقد اتفق العلماء على أن محل رعاية ما وقع الاختلاف فيه من هذه الشروط إنما هو حالة الاقتدار والاختيار لا حالة العجز والاضطرار. وانتقل البيان إلى المسألة الثانية، وهى أن الخلافة واجبة فى الإسلام، وأخذ البيان يسرد فى الاستدلال عليها بواسطة النقل عن شروح العقائد وعن الفقهاء المعتد بهم فى التراث الإسلامى، ومن الأدلة عليها ذلك الحديث الذى يقول: «ومن مات وليس فى عنقه بيعة مات ميتة جاهلية». أما المسألة الثالثة، وهى الخاصة بكيفية انعقاد الخلافة؛ فقد اتفق العلماء على أن ذلك يكون بثلاث طرائق؛ الأولي: النص من الإمام السابق، والثانية: بيعة أهل الحل والعقد من المسلمين، وهم الذين يطاعون فى الناس، ولابد أن يكونوا عدولا، والطريقة الثالثة: التغلب والقهر من شخص مسلم، وإن لم تتحقق فيه الشروط الأخرى. وبعد الفراغ من تلاوة هذا التقرير، عرض التقرير للمناقشة، واحتدم النقاش حول أمر خاص بإضافة اجتهادات حديثة إلى اجتهادات قديمة، وتغلب الرأى الذى يكتفى بما قاله القدماء فى الموضوع، ومنها شروط لم تعد مقبولة أو متاحة فى الوقت الذى ينعقد فيه المؤتمر، وهو الأمر الذى أدى إلى الحديث عن مصالح الجماعة، وطال الاختلاف الذى حاول أن يحسمه الشيخ محمد فراج المنياوى بقوله: «عقد المؤتمر ثلاث جلسات، وهذه هى الرابعة ولم نعمل شيئًا، ونحن ما اجتمعنا لأجل أن نتحدث فى الأمور الثانوية، ولكن لنقدم للمسلمين عملاً نافعًا. فأرجو أن يسود بيننا حسن التفاهم... وأن نقدم للمسلمين عملاً جديدًا، ويجب الآن أن نوافق على تقرير اللجنة العلمية»، ولكن لم يقبل هذا الكلام، وانتهت الجلسة بأخذ الآراء فى تقرير اللجنة العلمية المؤلفة لبحث المسائل الثلاث الأولى عن برنامج المؤتمر، فكانت النتيجة الموافقة وتلاوة تقرير اللجنة، وأهمها أن الخلافة الشرعية المستجمعة لشروطها المبينة فى تقرير اللجنة العلمية (الذى أقرها المؤتمر فى الجلسة الرابعة)، والتى من أهمها الدفاع عن حوزة الدين فى جميع بلاد المسلمين، وتنفيذ أحكام الشريعة الغراء فيها لا يمكن تحققها بالنسبة للحالة التى عليها المسلمون الآن. ثانيا: المسألة الخامسة التى تتصل بالوضع الحالى، قررت اللجنة الآتي: إن مركز الخلافة العظمى فى نظر المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، وفى نظر أمم العالم جميعًا له من الأهمية الكبرى ما يجعله من المسائل التى لا يمكن البت فيها الآن للأسباب المذكورة. لما يجب أن يراعى فى حل مسألتها الحل الذى يتفق مع مصلحة المسلمين فى الحاضر والمستقبل. ومن أجل ذلك تقرر ما يأتي: تبقى هيئة المجلس الإدارى لمؤتمر الخلافة الإسلامية بمصر، على أن ينشئ له شعبًا فى البلاد الإسلامية المختلفة يكون على اتصال بها لعقد مؤتمرات متوالية فيها، حسب الحاجة للنظر فى تقرير أمر الخلافة الإسلامية.(وللمقال بقية)