تنتشر الأمثال الشعبية فى النوبة كنمط أصيل للتعبير. والأمثال النوبية وليدة خبرة إنسان النوبة وخلاصة تجربته، ويصوغها بعبارة يسهل حفظها وتداولها, تتويجاً للتجربة بلا ترتيب. والأمثال الشعبية عموما غنية بالقيم الإنسانية، وتنتشر ببساطة وسرعة فى المجتمعات, حتى لو كانت نتاج بيئة خاصة، أو وليدة تجربة معينة، فإن كان منطوق المثل يمس أهل النوبة فقط، فمعناه يتجاوزهم إلى المجتمعات الأخرى. والأمثال النوبية ذاكرة شعبها، وحافظ تراثها الغنى، بكلمات مركزة يسهل حفظها، وتداولها عبر الأجيال, وتحمل فى مضمونها قيما نبيلة، وتحض على المثل الأخلاقية، كالكرم والشهامة وقول الحق، وغيرها من المعانى الكريمة، والأمثال ليست تجربة شخص معين يمتلك مميزات أوقدرات عقلية ووجدانية فريدة، فقد يطلقها أى إنسان، وربما يكون أمُيّا, وفى سائر المجتمعات لاأحد يعرف أول من أطلق المثل عادة. والإنسان النوبى يستخدم الأمثال فى أحاديثه كثيراً، ويستشهد بها كوسيلة تعبير فى المواقف المختلفة. وأهل الكنوز «المتوكية» فلهم أمثالهم الخاصة، وبلهجتهم ومنها: «ولاتنا أروجى ولاتنا أورومجى نلكومو»، ومعناه «لاشفنا منه أبيض ولا أسود»، ويطلق على من يدعى مساعدة الآخرين. ويقولون أيضا «فلان نا نبوت نوسوما»، ومعناه «فلان نبوته طويل», وطول النبوت عند الكنوز رمز للشهامة والكرم. و»كاسيرجى دجرى مله اوججى منو» أى «ليس كل من لبس العمامة رجل». بقصد الرجولة مواقف. و«إسى تنا ايرتون اشوجور منو»، ويعنى «المياه ماتخرش من ايده», ويقال البخيل، و«أولكى أروكسا حلكى اتامنجو» أى «ثقبوا الأذن قبل شراء الحلق» ويقابله المثل «عشمتنى بالحلق خرّمت أنا ودانى»، و« اوبورتى جو سجم اترجى ويسو امبناتودما»، و»اوبورتى» هو التراب الأسود فى الفرن، و»سجم» السواد العالق فى الصاج، أى أن الشخص السيئ يأتى بمثله ويقدمه على انه ابن عمه لتعزيزه، ويقابله المثل «ما أسخم من سيدى إلا ستى». و«للفاديكات» أمثالهم وبلهجتهم الخاصة ومنها: «سمن مولا جاوا دجوجين»، أى «من خالط رجل سوء أصابه بعض شره», ويقابل المثل «من جاور الحداد إنكوى بناره». و»كلتا فندى كلتنا ندين» أى « من حفر حفرة لغيره يقع فيها»، ويقابله المثل «من حفر حفرة لأخيه وقع فيها»، و «اليج بنجيوسا ورواناف» أى «قل الحقيقة واجرى واختبئ» و«اجرى واختبئ» وردت لاعتبارات التوقير فى النوبة، فقد يكون قائل الحقيقة صغير السن، والشخص المدان بمثابة الأب أو الأخ الأكبر أو العم أو الخال، فلا يصح لصغيرالسن الذى قال الحقيقة أن يقف أمامهم حفاظاً على مكانتهم الاجتماعية. و»جدوج جونيكا جندى شكمن» ويعنى أن «الشوك لا يصيب من ينظر إلى موطئ قدميه»، و «جوالتون سوج دكن» ومعناه «يحلب لبنا من النملة» ويقال لمن يصنع المستحيل، ويقابله المثل «يعمل من الفسيخ شربات». و«مسراجون سامى فيافين» أى «حتى العنزة يتدلى منها صوف مثل لحية الرجل»، ويقال للرجل الذى يفاخر بذكورته مع انعدام الرجولة بتصرفاته. و«كد جاتيكا أنى أرتانا أوكى»، أى «من يحمل حجراً ثقيلاً فسيضعه فوق رأسه», ويقال للتهوين على الزوجة التى تزوج عليها زوجها، والمقصود أن العبء سيزيد على الزوج وهو الخاسر بزواجه الثانى، ومعروف أن تعدد الزوجات كان منتشرًا فى النوبة القديمة.