رسالة برلين مازن حسان: يجمع السياسيون والخبراء في المانيا علي ان نظام بشار الاسد في سوريا يتهاوي وان السؤال الآن وخاصة بعد التفجير الأخير الذي استهدف كبار القادة الأمنيين في قلب دمشق, لم يعد هو: هل سيتمكن النظام السوري من التصدي لقوات المعارضة؟ ولكنه اصبح: متي سيسقط هذا النظام، وماذا سيأتي بعده؟ ويبدو أن الحكومة الألمانية توصلت مؤخرا بعد جهود دبلوماسية مكثفة طيلة الشهور الماضية لإيجاد حل سياسي ودعم خطة كوفي أنان لنفس قناعة مستشاريها السياسيين الذين توقعوا منذ فترة أن تفشل كل الجهود الدبلوماسية ومحاولات التوصل لقرار موحد في مجلس الامن بسبب الموقف الرافض لكل من روسيا والصين. وفي مقدمة هؤلاء المستشارين, موريل اسيبورج رئيسة وحدة دراسات الشرق الأوسط في المعهد الالماني للدراسات السياسية والامنيةاوهو أبرز مراكز الأبحاث القريبة من دائرة صنع القرار في برلين. فقد وصفت اسيبورج فرص الجهود الدبلوماسية للإتفاق علي قرار حول سوريا في مجلس الامن بأنها تساوي صفرا, وانه يتعين علي المانيا والمجتمع الدولي ومجموعة اصدقاء سوريا مواجهة الواقع وهو انه لا النظام او المعارضة في سوريا علي استعداد للتفاوض, وان الحرب الدائرة هناك هي حرب بالوكالة وصراع وجود للطرفين لن ينتهي إلا بانتصار طرف علي الآخر, كما حدث في لبنان والبوسنة من قبل, وإذا حدث ذلك ستكون هناك ديناميكة طائفية وتطهير إثني ودائرة لاتنتهي من العنف والإنتقام ما يفتت المجتمع ويجعل من الصعوبة بمكان اعادة الاستقرار لسوريا في المستقبل القريب. ونصحت اسيبورج ومن قبلها رئيس المعهد, الخبير الشهير فولكر بيرتس, الحكومة الألمانية بالتركيز في المرحلة الراهنة علي الإعداد لمرحلة بعد سقوط الاسد وذلك بالتنسيق مع المعارضة السورية ولكن دون التركيز علي معارضة المهجر التي تعاني من الإنقسام والصراعات الداخلية, بل ايضا بالتنسيق مع المعارضة في الداخل ودعمها مدنيا وعسكريا والتفاوض مع ممثليها حول إجراءات وخطوات المرحلة الإنتقالية. بالتوازي مع ذلك, علي المانيا ان تواصل جهودها الدولية للضغط علي بشار الأسد الذي لم يعد يمثل أي ضمان للاستقرار سواء لإسرائيل أو للغرب وتشديد العقوبات عليه بالتعاون مع القوي الغربية. الحكومة الألمانية إذن تسير علي طريقين: فهي تواصل جهودها السياسية وكان أخرها قرار مجلس الأمن الذي تقدمت به مع اربعة دول اخري وحظي بفيتو مزدوج من الصين وروسيا. ورغم الانتقادات التي وجهتها المستشارة انجيلا ميركل ووزير خارجيتها فسترفيله لموسكو وبكين, إلا ان الإتصالات الألمانية مستمرة من وراء الكواليس بهدف عزل روسيا وتغيير موقف الصين. وكشفت مصادر في المستشارية الالمانية لمجلة دير شبيجل مؤخرا أن ميركل فقدت الأمل في تليين الموقف الروسي من دعم النظام السوري منذ لقائها بالرئيس بوتين في برلين منذ اكثر من شهر ولذا فهي تعول الآن علي تغيير موقف الصين واللعب بورقة المصالح الإقتصادية الصينية مع دول الخليح. وتعتمد ميركل علي علاقات المانيا الإقتصادية الممتازة مع دول مجلس التعاون الخليجي للضغط علي بكين ومن المقرر عقد لقاء قريب بين المستشارة الألمانية والرئيس الصيني. في الوقت نفسه تقود المانيا الجهود الاوروبية لفرض عقوبات جديدة لتضييق الخناق علي الرئيس السوري والدائرة المحيطة به وتبحث توحيد العقوبات الأوروبية والأمريكية ضده. علي صعيد آخر تقدم المانيا دعما ماليا كبيرا لجهود الإغاثة الإنسانية للمعارضة السورية, كما تكثف إتصالاتها مع المجلس الوطني السوري وقوي المعارضة في الداخل لوضع الخطوط العريضة لمرحلة ما بعد الاسد. وترأس المانيا إلي جانب الإمارات مجموعة عمل دعم إعادة بناء وتنمية سوريا التي أنبثقت عن مجموعة أصدقاء سوريا وتتخذ من برلين مقرا لها, وحسب مصادر الخارجية الألمانية فإن المجموعة تهدف لوضع خطة مارشال لسوريا بعد بشار وتركز علي وضع استراتيجية لتحويل الإقتصاد السوري من إقتصاد مركزي لاقتصاد السوق بمشاركة فعالة من قبل قوي المعارضة بهدف تحرير الإقتصاد السوري من الفساد واليات النظام الإشتراكي.