كان مكتب توفيق الحكيم يحمل رقم 606 وكان أكبر مكاتب الدور السادس بمؤسسة الأهرام وقد دخلت عليه ذات مرة فوجدت سكان الدور السادس كلهم عنده بالإضافة إلى بعض الزائرين من خارج الأهرام.. كان البعض جالسا والبعض الآخر واقفا لا يجد مكانا للجلوس وعلى الفور قال لى الحكيم أمام جميع الحضور: «إنت مش كنت قاعد ديك النهار تقول لى على مظاهرات الطلبة بتوع الجامعة وتنتقد حالة اللاسلم واللاحرب» فشعرت ببعض الحرج أمام هذا الجمع الغفير من كبار الكتاب ثم مد لى يده بورقة قائلا: «خد بقى يا سيدى اقرأ الورقة دى وإذا أعجبتك أكتب اسمك عليها» وكانت تلك الورقة هى البيان الشهير الذى كتبه الحكيم عام 1972 وطالب فيه الرئيس السادات بضرورة التصدى لحالة اللاسلم واللاحرب.. ويستطرد الزميل محمد سلماوى فى كتابه الرائع «يوما أوبعض يوم» سرد تداعيات هذا البيان الذى كتبه الحكيم بخط يده ودفع بالسادات إلى اعتقال كل الموقعين عليه من كبار كتاب مصر ما عدا توفيق الحكيم!. والحقيقة أن محمد سلماوى أدهشنى فى هذا الكتاب بعشرات الحكايات التى دارت فى جنبات الأهرام على مدى سنوات طويلة ولم يفاجئنى صدقه ودقته فهكذا كان دائما.. ولعل أبرز رواياته فى الكتاب وقائع الارتباك الذى شهدته صالة تحرير الأهرام ليلة الخطاب الشهير للسادات عام 1977 امام مجلس الشعب الذى فجر فيه قنبلة إعلان استعداده لزيارة القدس فقد كانت ليلة ليلاء دارت فيها المطبعة وتوقفت أكثر من مرة نتيجة عدم التيقن من صحة وجدية ما قاله السادات وهل كان يعنى ما يقول أم أن المسألة كانت أمرا مجازيا على حد تعبير إسماعيل وزير الخارجية آنذاك قبل أن يحسم رئيس الوزراء ممدوح سالم الأمر ويبلغ الأهرام عند منتصف الليل بضرورة نشر الخطاب كاملا دون حذف وهو ما أدى إلى استقالة إسماعيل فهمي.. شكرا للزميل سلماوى فقد أنعش ذاكراتنا بأيام القلق! خير الكلام: الصدق معدن الكلام ومستودع الأيام ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله