تحديدًا وبشكل مباشر، أوضح ودون لبس، أننى أخالف الرأى والتفسير المعلن من الأستاذ الدكتور رئيس البرلمان، فيما يتعلق بمسألة تفرغ أعضاء البرلمان وفقًا لنص المادة 103 من الدستور. فقد فوجئنا برئيس البرلمان، يوجه التهنئة خلال الجلسة العامة للبرلمان يوم الاثنين 20 نوفمبر 2017م، للنواب الفائزين برئاسة الأندية الرياضية فى الانتخابات التى جرت ببعض الأندية أخيرا، وهم المهندس فرج عامر رئيس لجنة الشباب والرياضة، الفائز برئاسة نادى سموحة بالإسكندرية، والنائب طارق السيد، الفائز برئاسة النادى الأوليمبي، والنائب إسماعيل نصر الدين، رئيس نادى حلوان العام، ولم يكن آخرون قد نجحوا بعد مثل رئيس نادى الزمالك، ورئيس نادى الترسانة، وغيرهم، إلا أنه أردف بالقول: «إن رئاسة النادى عمل اجتماعي، ومن ثم تدخل فى صميم عمل النائب، خاصة أنه عمل تطوعي»، متابعًا: «لا تفرغ للنائب إلا فى الحالات التى نص عليها الدستور، وأن اللائحة لم تتضمن أى نص يمنع النائب من رئاسة ناد رياضي». وحيث إننى قد نشرت فى هذا المكان (الأهرام) مقالاً: بعنوان: «عدم دستورية ترشيح النواب فى الأندية»، بتاريخ 2 نوفمبر 2017م، أى بتاريخ سابق على تصريحات رئيس البرلمان، ومن ثم فإنه يعد ما صدر عنه تعليقا على مقالي، وتفسيرا لنص دستورى ولائحي، يستوجب الرد عليه بوضوح لمراجعة الأمر حرصًا على المصلحة العامة، وذلك فى النقاط التالية:- أولاً: التفرغ لمهام العضوية، هو تفرغ كامل للعضو، ويحتفظ له بوظيفته أو عمله وفقًا للقانون، أى أن التفرغ هو الأصل وفقًا للنص الدستوري، ولا يجوز ممارسة عمل آخر بأجر أو تطوعي، أو له علاقة بصميم عمله البرلماني. وبالمقارنة بين النص الدستورى فى دستور 2014م الذى ورد فى المادة (103) بالنص: «يتفرغ عضو مجلس النواب لمهام العضوية، ويحتفظ له بوظيفته أو عمله وفقًا للقانون»، وبين النص الدستورى فى دستور (1971)، الذى ورد فى المادة (89) ونصها: «وفيما عدا الحالات التى يحددها القانون يتفرغ عضو مجلس الشعب لعضوية المجلس، ويحتفظ له بوظيفته أو عمله وفقًا لأحكام القانون»، وفى القانون تحدد هؤلاء فقط بشاغلى الوظائف العليا قبل عضوية البرلمان، وأساتذة الجامعات ومراكز البحث، يتضح أن النص الجديد فى المادة (103)، لم يستثن أحدًا، على عكس ما كان سائدًا فى دستور 1971م. وبالتالى فإن التفرغ الكامل لعضوية البرلمان هو تفرغ حتمي. ثانيًا: قدسية العمل البرلماني: حيث لا يقارن العمل البرلماني، بأى عمل آخر، ولذلك فهو شرف يستحقه كل من انتخبه الشعب حقيقة، وما عداه فهو فى مرتبة أخري. ولكل نائب عن الشعب أن يفتخر بثقة الشعب فيه، وعليه أن يكرس وقته للقيام بأعباء هذه الوظيفة، وإلا فإنه يمكن توجيه الاتهام له بأنه قصر فى حق العضوية، فلا يجوز للنائب إذن فى أثناء ولايته عن الشعب، أن يمارس عملاً عامًا آخر (تطوعيا أو غير تطوعي)، أو عملاً خاصًا، على الإطلاق. وعليه أيضًا أن يتنازل عن مواقعه قبل حلف اليمين لبدء ممارسة عمله البرلماني. . ثالثًا: حتمية التفرغ درءًا للشبهات ومنعًا لتضارب المصالح: فما قيمة التفرغ للعمل البرلماني؟ يكاد يعزل النائب نسبيًا عن أى شبهة، قد تتسبب له نتيجة ممارسة أعمال أخرى متداخلة مع وظيفته. فضلاً عن أن التفرغ يمنع العضو من تضارب المصالح المعروف بالإنجليزية (Conflict of Interests). وهنا أشير إلى المثل الذى ذكره رئيس البرلمان تأكيدًا لذلك، وهو أن رئاسة الأندية أو عضويتها لا يتعارض، فى أثناء عمل البرلمان!!، حيث نتساءل: من صاغ قانون الأندية الرياضية والهيئات؟! ألا يتعارض وجود رئيس لجنة الشباب والرياضة وهو رئيس ناد فى أثناء صياغة القانون!! رابعًا: عدم التفرغ للبرلمان له تداعيات سلبية على عمل البرلمان، ويكفى القول إن ظاهرة الغياب الجماعى منذ بداية دور الانعقاد الثالث ويشكو رئيس البرلمان من على المنصة، ولا مجيب!! كان لها من التأثير على عدم إصدار (5) تشريعات ويمكن تمريرها فى جلسة واحدة ودون تصويت إلكتروني!! فأين إذن فاعلية البرلمان وتفاعل أعضائه للمصلحة العامة؟! وأخيرًا، أردت التعليق بالاختلاف فى الرأى والتفسير للدستور واللائحة مع رئيس البرلمان، حرصًا على المصلحة العامة، وحرصًا على مكانة البرلمان فى أداء وظيفته بفاعلية لخدمة الشعب بعد ثورتين. لمزيد من مقالات ◀ د. جمال زهران