إخفاقات متتالية وفشل تلو الأخر يواجه المستشارة الألمانية انجيلا ميركل لتشكيل حكومة إئتلافية من الأحزاب المختلفة وباتت جميع الأوساط السياسية فى برلين تتجه الأن إلى التفكير جديا فى اللجوء إلى الناخب مرة إخرى ليعيد توزيع مقاعد البرلمان ويحقق الأغلبية لحزب يتمكن من إدارة الحكومة. الرئيس الألماني شتاينماير والمعروف برفضه اللجوء الى الصندوق طلب مهلة أخيرة للبحث عن أرضية مشتركة تتيح تشكيل حكومة مستقرة ومن المنتظر أن يلتقى الرئيس شتاينماير الأسبوع المقبل أنجيلا ميركل ومارتن شولتز رئيس الحزب الأشتراكى الديمقراطى وهوريست سيهوفر زعيم حزب الإتحاد المسيحى الإجتماعي حاكم ولاية بافاريا فى محاوله منه لتقريب وجهات النظر حول القضايا الخلافية وخاصة تلك المتعلقة باللاجئين ولم شمل الأسرة. ولأن شولتز الذى يدفع به البعض ليكون خليفة لميركل على كرسي المستشارية يتحمل جزءا كبيرا من هذه الأزمة لرفضه التعاون مع ميركل فقد أعلن فى مؤتمر صحفى مؤخرا أنه سيطرح إمكانية مشاركة حزبه فى الحكومة الجديدة على أعضاء الحزب من خلال استفتاء يشارك فيه الجميع.. فى خطوة اعتبرها المراقبون محاولة منه لإلقاء الكرة فى ملعب أعضاء الحزب . وتأتى هذه الخطوه فى إطار مناورة لتخفيف الضغط الذى يتعرض له من مختلف القوى السياسية بسبب مواقفه الرافضة للدخول فى إئتلاف لتشكيل الحكومة الجديدة وقبل أيام قليلة من إجتماعه المرتقب مع الرئيس الألماني. وقد جاءت تصريحات الرئيس الألماني الأخيرة لتعكس موقفه المؤيد بشدة لتشكيل حكومة إئتلافية ورفضه التام اللجوء الى إجراء إنتخابات جديدة, حيث أكد فى تصريحات صحفية «أن كل الأطراف على دراية بمسئولياتها وانه لا داعى لتفويض الناخبين» كما جاءت نتائج إستطلاعات الرأى أيضا مؤيدة لتوجهات شتاينماير حيث أجرت صحيفة «بيلد» إستطلاعا جاءت نتائجه ان 50% من الناخبين يعارضون إجراء الأنتخابات مقابل 47%. وتأتى هذه التحركات بعد فشل جميع التحالفات التى تمت خلال الأسبوع الماضى بين الأحزاب المختلفة لتشكيل حكومة مستقرة تنقذ المانيا من شبح إجراء إنتخابات جديدة, وإدراة البلاد بحكومة تسيير أعمال ,وهو الأمر الذى سيصدر صوره للعالم بعدم إستقرار الأوضاع السياسية فى برلين ولعل هذا الأمر تحديدا ما يشغل بال الإتحاد الأوروبي الذى يري أن إستقرار المانيا السياسي من إستقرار الإتحاد بإعتبار إنها الدولة الأقوى التى تقود سياسته. ويبدو أن الوضع فى المانيا الآن أصبح أكثر تعقيدا وباتت جميع القوى السياسية بإختلاف اتجاهاتها تسير نحو إجراء إنتخابات جديده بحلول إبريل المقبل على ان تترأس خلالها المستشارة الألمانية انجيلا ميركل حكومة لتسيير الأعمال..ولعل السبب الرئيسي وراء هذا المطلب الذى سيدفع الناخبين للذهاب مرة إخرى لصناديق الأقتراع لأول مرة فى تاريخ المانيا هو فشل تحالفات «جاميكا» لتشكيل حكومة الائتلاف الذى تم بين الحزب المسيحى الديمقراطى الذى تنتمى اليه ميركل والخضر والحزب الديمقراطى الحرالذى إنسحب بسبب قضايا لم شمل أسر اللاجئين الذى ترفضه الأحزاب الأخري.. هذه الحالة غير المسبوقة التى تعيشها السياسة الألمانية ترجع بالأساس إلى سماح ميركل لأكثر من مليون لاجئ بالدخول الى اراضيها عام 2015, مما تسبب بشكل واضح فى صعود الحزب اليميني المتطرف «البديل من أجل المانيا» خلال الأنتخابات الأخيرة والذى تتجه سياسته الى التشدد تجاه قضايا اللاجئين ولم شمل اسرهم مما يعنى تحول المانيا من دولة معتدلة تجاه قضايا اللاجئين وحقوق الأنسان إلى دولة أكثر تشددا تجاه سياسات تبنتها خلال السنوات الماضية..ومن أجل ذلك يرى بعض المراقبين أن اللجوء للإنتخابات يعتبر الإختيار الأمثل والأفضل من تشكيل حكومة يشوبها عدم الإستقرار تجاه تلك القضايا لأنه من المتوقع أن الأزمة الحالية فى تشكيل الحكومة قد تدفع بالناخب الى المبادرة بالتصويت لإسقاط الأحزاب اليمينية وإنتشال المانيا من الوقوع فى مستنقع اليمين المتطرف وإختيار أحزاب أكثر إعتدالا وإتفاقا تدفعها لتشكيل حكومة مستقرة. ولكن يبدو ان ميركل لا تعترف بالهزيمة ولا تعرف الإستسلام بالرغم من ان إخفاقاتها المتتالية قد تؤدى إلى تهديد بقائها على رأس الحكومة.. فقد اعلنت انها تفضل خوض الإنتخابات مرة أخرى على ان تشارك فى حكومة غير مستقرة وقالت فى بيانات صحفية أن «تنظيم إنتخابات مبكرة يشكل خيارا أفضل من تشكيل حكومة أقلية.. مؤكدة ان المانيا تحتاج الى حكومة مستقرة لا تضطر للبحث عن أغلبية عند صدور كل قرار. الأيام القليلة المقبلة سوف تشهد أروقة القصر الرئاسي الألماني إجتماعات مكثفة برعاية الرئيس الألماني فرانك شتاينماير فى محاولة منه لرأب الصدع والتوصل إلى حلول توافقية حول القضايا الخلافية التى أدت إلى فشل تشكيل الحكومة والتى يقع على رأسها قضايا اللاجئين.فهل سينجح الرئيس الالماني فى مهمته ام سوف تتمسك الاحزاب بمواقفها المتشددة الأمر الذى سيدفع اللجوء الى إنتخابات جديدة؟