قبل عقد من الزمن كان يمكن لشركة الخطوط الجوية البريطانية بريتش ايروايز أن تدعي أنها شركة الطيران الأولي والمفضلة في العالم, لكن هذا الادعاء لم يعد يحق للشركة بعد الآن أن تتحدث عنه وتفتخر به. فحسب ما جاء في تقرير لمجلة الايكونوميست البريطانية الرصينة نشرته تحت عنوان: نجم يتهاوي. يقول التقرير إن ركاب طيران الشركة لا يمكنهم بالتأكيد أن يقولوا ذلك بعد ان سارعوا خلال الأيام القليلة الماضية بإيجاد بدائل سفرهم علي شركات أخري خلال أعياد الميلاد نتيجة للتهديد باضراب طويل, وقد تم تجنب هذا الاضراب في17 ديسمبر2009 إلا أن المشاكل التي أدت الي التهديد به مازالت دون حل. وتركز الخلاف حول رغبة الشركة في خفض التكاليف من خلال تقليل عدد المضيفين علي معظم الرحلات والحد من عمليات الزيادة في الأجور, وقد قبل الطيارون والمهندسون بالفعل تطبيق اجراءات تقشفية إلا أن المضيفين كانوا أقل رغبة في الانصياع لذلك, رغم أن بعضهم قبل بالتقاعد الاختياري وفي14 ديسمبر أعلن الاتحاد الذي يمثل30 ألفا و500 مضيف يعملون في الشركة أنهم صوتوا باغلبية كبيرة لصالح الاضراب. وفي اليوم التالي أقامت بريتش ايروايز دعوي أمام المحاكم العليا في لندن تطلب وقف الاضراب علي أساس أن الاقتراع من هؤلاء الموظفين لم يتم بشكل سليم, وأن بعض الأصوات تعود لموظفين تركوا العمل في الشركة وقبلت المحكمة الطعن وتم ايقاف الإضراب. لكن الاضرابات ليست المشكلة الوحيدة التي تواجه الشركة فبعد اكثر من20 عاما منذ خصخصتها مازالت الشركة تكافح للتخلص من تركة تتمثل في انها كانت مملوكة للدولة, فممارسات العمل في ظل ملكية العمل كالسماح لطاقم الطائرة بقضاء ليلتين في المكان الذي توجهت اليه الطائرة في حالة حدوث مشكلة أو سوء الطقس لم تعد صالحة, وطبقا لهيئة الطيران المدني فان الشركة تتكلف مبالغ طائلة لعمل طواقمها بالمقارنة بالشركات البريطانية الأخري, كما أن عدد ساعات العمل وهي900 ساعة في السنة في الجو كحد اقصي تقل كثيرا عن المتعارف عليه في أوروبا. وقد جري تعيين ويلي والش رئيسا تنفيذيا عام2005 للحد من هذه الممارسات ووضع الشركة علي طريق التنافسية, لكن ذلك لن يرضي منظمات العمل التي ينتمي لها موظفو الشركة, إلا أن مالكي الأسهم الرئيسيين يؤيدونه علي ما يبدو وهم لم يتزحزحوا عن دعمه رغم الحديث عن الإضراب. ويعتقد كثيرون أن الفوائد الناجمة عن إعادة هيكلة الشركة تفوق الخسائر المحتملة التي كانت ستنجم عن الإضراب. ويقدر الخبراء الخسائر الناجمة عن12 يوما من الإضراب بما يتراوح بين60 الي160 مليون جنيه استرلينيا, بينما ستبلغ المكاسب نتيجة اعادة الهيكلة حوالي160 مليون جنيه استرليني سنويا. ومثل هذه المبالغ ليست سوي فكة صغيرة بالمقارنة مع الخسائر الأخري التي تواجه الشركة, فمن المتوقع ان تعلن بريتش ايروايز عن خسارة( ماقبل حساب الضرائب) تقدر ب400 مليون جنيه استرليني علي الأقل للعام المالي الذي ينتهي في31 مارس المقبل وربما أكثر من ضعف ذلك. كما أن خطوط الشركة المهمة مثل الرحلات الي أمريكا ورحلات البيزنس تأثرت بشدة نتيجة تراجع سفر رجال الأعمال. ويمكن أن ينعكس الموقف بسرعة مع تحسن الوضع الاقتصادي في الولاياتالمتحدة. ومثلها مثل كل شركات الطيران الأوروبية المملوكة للدولة سابقا, تواجه الخطوط البريطانية منافسة حامية الوطيس بل مدمرة من شركات الطيران ذات الاسعار المنخفضة, والحل أو العلاج الوحيد يتمثل في أفكار جديدة مبدعة أو في الشراكة مع شركة ذات اسعار منخفضة للتذاكر. وقد بدا أن الاندماج المخطط له بين بريتش إيروايز شركة الطيران الاسبانية ايبيريا صفقة رابحة عندما نوقش قبل عام, لكنه يبدو الآن كما لو انه عملية انقاذ متبادلة, فكلتا الشركتين كانتا مملوكتين سابقة للدولة وكلتاهما تكافح لخفض التكلفة أكثر من زيادة العائدات. وتواجه بريتش ايروايز مشاكل كثيرة أخري تتعلق بالمعانات وغيرها بحيث إن بعض الخبراء يقدر العجز الذي يمكن أن يصيبها نتيجة كل ذلك بما يتراوح بين مليار و8 مليارات جنيه استرليني. لكل ذلك تبدو الخيارات صعبة أمام الشركة وأمام رغبتها في الحصول علي شريك لمساعدتها علي الخروج من أزمتها.