لا شك أن قمة المعرفة 2017 التى عقدت فى دبى الأسبوع الماضى تحت عنوان "المعرفة.. والثورة الصناعية الرابعة" والتى نظمتها " مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة" بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، استوقفت كثيرا من المشاركين من صناع القرار والعقول المفكرة والخبراء إلى جانب العلماء والمخترعين والأكاديميين والمختصين فى شتى المجالات، لما استعرضته من تاريخ الثورات الصناعية حول العالم ودورها فى تغير حياة البشر. وسلطت القمة التى شارك فيها أكثر من 105 متحدثين وخبراء من 23 دولة، الضوء على النظرة المستقبلية فى مسيرة هذه الثورة وأبرز نتائجها وإنجازاتها فى مجالات: الإعلام والتكنولوجيا والتعليم والصحة والاقتصاد، إلى جانب محور الذكاء الاصطناعي، والمستقبل الإنسانى الروبوتي. ولفتت القمة من خلال جلسة "الذكاء الاصطناعي: المستقبل الإنسانى الروبوتي.. تحالف أم تنافس؟"، أهمية الذكاء الاصطناعى كتقنية متطورة تمكن الأشخاص من القيام بالأمور التى يصعب عليهم القيام بها ولاسيما الأشخاص الذين لديهم إعاقات محددة تمنعهم من التواصل مع الآخرين، حيث تبرز هنا أهمية الذكاء الاصطناعى فى تطوير الخدمات التى تسهم فى تحقيق نقلات نوعية فى عالم التقنية. وقد شاركت فى القمة الروبوت " صوفيا " التى لفتت أنظار الحاضرين بتفاعلها وتجاوبها من خلال الأسئلة التى وجهت إليها من قبل المشاركين. وتتميز " صوفيا" بأنها تمتلك القدرة على تفسير المشاعر، وتعقب تعابير الوجه والتعرف عليها، كما بإمكانها إجراء حوارات كاملة مع البشر. وقالت الروبوت " صوفيا " التى تم اختيارها خلال فعاليات القمة، سفيرة للمعرفة حول العالم، إنها سعيدة بتفاعلها الحالى مع الإنسان وبتحدثها حول الذكاء الاصطناعى وتطبيقاته فى المستقبل وأنها تعمل أيضا على تطوير مهاراتها. وقد اندهش المشاركين عندما سألها أحد الأشخاص إن كان بإمكانها أن تشعر بالحب يوماً ما، فقالت: نعم وهذا حق لي. كما أنها أجابت فى ردها عن سؤال حول إمكانية الحصول على حقوقها، بأنها مهتمة باكتشاف ما حولها وإنها تحرص على فهم العالم بشكل مستمر لتتمكن من الحصول على حقوقها. ووضح ديفيد هانسن الرئيس التنفيذى لإحدى شركات الروبوت والأب الروحى ل"صوفيا " أن المعلومات هى المحور الأساس فى عمل الذكاء الاصطناعى ولهذا فإنه لا بد من أن يتم تحديد المعلومات التى يجب أن تبنى التصورات المستقبلية عليها، وتعليم الآلات القيم الأخلاقية وأن يروا أن هناك تبعات للأعمال التى يقام بها. كما ناقشت إحدى جلسات القمة تحت عنوان " الثورة الرقمية و دورها فى تطور الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي" مدى التطور التكنولوجى الحاصل على المشهد الإعلامى خلال السنوات القليلة الماضية، والتنبؤ بأهم الفرص والتحديات التى يجب الاستعداد للتعامل معها فى المستقبل. وأوضح لودوفيك بليتشر رئيس صندوق الابتكار للأخبار الرقمية لدى «جوجل» أهمية وخطورة دور الإنترنت فى تسريع نقل الخبر وإتاحة فضاء جديد من الإعلام الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعى التى دفعت كثيرا من المواطنين بممارسة دور المراسل و نقل الخبر وتسليط الضوء على معلومات وأحداث دون النظر فى مدى دقتها ومهنيتها. وبحسب لودوفيك كان لابد من جهود مضنية تبذلها " جوجل" حاليا، للارتقاء بالمشاركة المجتمعية فى نقل الأخبار وتداولها عبر إطلاق صندوق الابتكار للأخبار الرقمية الذى يقوم بتعريف المشاركين منهجيات العمل الإعلامى وصياغة المحتوى التحريرى وأخلاقيات العمل بالإضافة إلى تقديم الدعم اللازم من الجانب التقنى بهدف إثراء المحتوى الإعلامي. كما تناولت الجلسة أيضاً الجهود الرامية إلى التصدى للأخبار الكاذبة و أهمية التكنولوجيا فى رصد الأخبار المشتبه بها، والتحقق من مصادرها والقائمين على إعدادها ونشرها مما يمكن الجهات المعنية من تتبع هذه الأخبار المغلوطة. ومن خلال جلسة " الثورة الصناعية الرابعة .. نظرة مستقبلية " التى أقيمت أيضا ضمن فعاليات قمة المعرفة ، قال جيسون سيلفا مقدم البرامج التليفزيونية والمتحدث فى علوم المستقبل، " إن التحولات التكنولوجية أمر مخيف لأنها تجعل الإنسان يقلق على الوظائف الحالية التى أوشك بعضها على الانقراض، إلى جانب أن الإنسان لا يعرف طبيعة التطور التكنولوجى خلال السنوات المقبلة الذى يحدث بصورة متطورة رهيبة وسريعة". وأكد سيلفا أن تكنولوجيا النانو سوف تساهم خلال السنوات المقبلة فى شفاء جميع الأمراض، مضيفا أن تكنولوجيا المستقبل ستقضى على الشيخوخة وستجعل من هم فى سن السبعين والثمانين أكثر قوة وشباباً قادرين على العطاء والعمل إلى جانب التخفيف من معاناة البشر وآلامهم. وخلص سيلفا الى أن التخوف من الذكاء الإصطناعى غير صحيح باعتباره قد يكون ضد البشرية، موضحا أن التكنولوجيا الحديثة هى امتداد لذكاء الإنسان ويجب أن يصبح الإنسان أكثر تفاؤلاً بالمستقبل، وهو يحتاج إلى إلهام يدفعه للأمام لتحقيق التقدم، وهذا دور الشباب. ومن أهم ما ناقشته القمة أيضا "مؤشر المعرفة العالمي"، المشروع الأول من نوعه على مستوى العالم فى دعم المعرفة والتنمية بالمنطقة العربية والعالم. حيث أكد مايكل أونيل الأمين العام المساعد للأمم المتحدة على أهمية الشراكات الفعالة بين الجهات والمنظمات الحكومية والخاصة، بهدف إعداد مؤشرات قياس عالمية تتيح للدول إمكانية وضع سياسات فعالة للتطوير والتنمية. وأوضح أونيل أن المنطقة العربية تتميز بكونها منطقة فتية وتمتلك ثراء معرفياً يضاهى ما تمتلكه الدول الأخري، لكنها تحتاج إلى توافر البيانات للتعامل مع التحديات ومعالجتها، الأمر الذى يوفره "مؤشر المعرفة العالمي". وقد نجحت العديد من الدول العربية ومن أبرزها دولة الإمارات فى مسيرتها التنموية بفضل السياسات الفعالة لسد الفجوات والاستفادة من الفرص.