أنا طبيب نشأت فى أسرة تضم الأب والأم وسبعة أبناء وترتيبى الثانى بينهم، ومنذ صغرى نلت المركز الأول، ولم يكن لى اختلاط بأحد، وينتابنى خجل شديد عندما أتحدث مع أى بنت حتى لو قريبة لى، وكان والدى يعمل موظفا بسيطا، ووالدتى ربة بيت متدينة، وقد نجحت فى الثانوية العامة بمجموع أهلنى للالتحاق بكلية الطب، وتعودت على اللقاءات مع زملائى وزميلاتى، وبعد تخرجى عملت فى مستشفى المدينة التى أقطن بها، وذات مرة حضرت حفل زفاف أحد الأقارب، فجذبتنى فتاة بجمالها الهادئ، فطلبت من أهلى خطبتها لى، وسرعان ما تقدمت لها، وعقدت قرانى عليها، وأدركت منذ الوهلة الأولى أننى جلبت لنفسى العذاب بارتباطى بها، إذ يملأ الشك نفسها من ناحيتى، فلقد قالت لى ذات مرة إن أختها أخبرتها خلال الأحاديث التى تجرى بينهما أن خطيب زميلتها يقابل أختها دون علمها، ولا أدرى ما علاقتى بذلك، لكنها أسقطت الكلام علىّ، وظهرت شكوكها فى تصرفاتى.. وبعدها قضيت فترة الامتياز عند عمى بالقاهرة، ثم التحقت بالخدمة الوطنية، فأمطرتنى بكلام يمس زوجته، وتحملت شكوكها، وتزوجنا، فإذا بها تقاطع أعمامى، ثم لاحقتنى فى المستشفى الذى أعمل به، متصورة أن هناك علاقة ما تربطنى بالممرضات! وبلغ بها الشك أنها طلبت منى ألا أزور أهلى إلا فى أوقات معينة، حيث أن لى شقيقين يسكنان فى بيت العائلة، ونال زوجتيهما نفس الشك، وعند هذا الحد رفضت الامتثال لكلامها، وتصاعدت حدة المشكلات بيننا، وخوفا من أن يتسلل هذا الكلام غير اللائق إلى الأهل، ابتعدت إلى حد كبير عن أقاربى وأصحابى. وقد سافرت بعد ذلك إلى دولة عربية وأخذتها معى، فافتعلت مشاجرات مع ممرضات المركز الذى أعمل به، فلم أمكث هناك سوى عام واحد، وعدت إلى مصر خشية أن يحدث ما لا تحمد عقباه، وظلت على حالها، فإذا حلقت ذقنى يكون هناك سبب، وإذا لمّعت حذائى ترى أننى ذاهب إلى مكان ما.. لقد كرهت كل شىء، ولم أعد أطيق البقاء فى المنزل لكى لا يحس الأولاد بشجارنا، وهكذا مللت حياتى تماما. وفى ظل هذه الضغوط لفتت نظرى ممرضة تعمل فى القسم الذى أعمل به، وجذبنى ذكاؤها ومعاملتها الطيبة لمن حولها، فصارحتها بحبى لها، وعرفت أنها مطلقة، فطلبت منها أن أتزوجها، فوعدتنى بذلك عندما تتحسن الأحوال.. وأجدنى غير قادر على الاستغناء عنها، أو المعيشة دون وجودها معى، فهى «الشىء الحلو» فى حياتى، وإذا غابت عن العمل أكون مثل التائه، ووصل الأمر مع زوجتى إلى طريق مسدود، فماذا أفعل؟ ولكاتب هذه الرسالة أقول: لقد حاولت أن تبرر انجذابك إلى الممرضة التى تعمل معك بحالة الاضطراب التى تشهدها حياتك مع زوجتك، وفاتك انك ارتبطت بزوجتك الحالية، وأنت تعلم كثرة شكوكها من قبل الزواج وإنجاب الأولاد.. إن معظم الرجال يبررون زيجاتهم المتكررة بعدم الاستقرار، والمشاجرات المستمرة، ويتغزلون دائما فى صفات من يروق لهم الارتباط بهن كزوجة ثانية أو ثالثة، نعم هناك من يفعلون ذلك طلبا لرغبات جسدية مكبوتة داخلهم، ولا يستمعون إلا لأصواتهم وأنت واحد منهم ، فماذا تنتظر منى لكى أنصحك به؟.. من الواضح أنك تنتظر إشارة هذه السيدة لكى تتزوجها، وهى لن تفعل ذلك إلا إذا طلقت زوجتك، ووقتها لن تقبل إقامة أولادك معك، وقد تأخذهم أمهم بعد انفصالك عنها، وربما تتركهم لك لتتزوج بآخر، فماذا ستصنع مع وجتك الجديدة؟ هل سترضيها أم ترضى أولادك؟ والحقيقة أن الرجل العاقل يزن الأمور، ويدرس القرارات قبل اتخاذها، ويفحص تبعات تصرفاته عليه وعلى من حوله، وأعتقد أنك لو أعدت النظر فى الموقف برمته، سوف تتراجع عن هذه الخطوة، أو على الأقل لن تتسرع فى اتخاذها، ثم هل عرفت سبب طلاقها؟، وهل تعرفت على أهلها، وما يتعلق بزواجها السابق؟، وهل تقبل هى أن تكون زوجة ثانية؟، وهل أبلغت زوجتك بأنك سوف تتزوج عليها مادامت تحيل حياتك إلى نكد؟، وهل عرفت رد فعلها؟. إن هذه المراجعة ضرورية إذا كنت تريد أن تمضى حياتك المستقبلية فى الطريق الصحيح، ولا أرى بديلا لها، فاهدأ يا سيدى، وادرس كل الاحتمالات قبل الإقدام على خطوة غير محسوبة قد تكون عواقبها وخيمة عليك، ولا تنس أنك إذا كنت تفكر فى الزواج من أجل الرغبة الجسدية وحدها، فإنها سوف تزول مع الأيام، ولن تبقى إلا العشرة والحياة الأسرية السليمة، وحتما ستدرك وقتها أنك أخطأت فى حقك قبل حقوق الآخرين، وقد تفكر فى زواج ثالث ورابع..هكذا تقول تجارب من سبقوك إلى ما تفكر فيه، فاحسم أمرك بعقلانية وفقك الله إلى الطريق الصحيح.