عندما نطالب بعض رجال الأعمال (الذين نعلم وهم يعلمون أن بدايات ثرواتهم تستند إلى ممارسات فساد واسعة النطاق) باقتسام مراكماتهم المالية مع المجتمع فى ظرف الضنك الذى يمر به، ينطلق مجتمع الأعمال كله فى التصايح علينا: (عودة الشيوعية) و(عودة الناصرية).. (السوق اهتزت).. (البورصة وقعت) بغرض إهدار نصيب المجتمع وإرهابه لكيلا يطالب بحقه من ثروات رجال الأعمال فى السياق الاقتصادى الصعب جدا الذى نمر به.. ولكن,مؤخرا, طالبت السعودية, كما نشرت صحيفة «الفايننشيال تايمز», رجال الأعمال والأمراء المحتجزين فيها منذ 4 نوفمبر الماضي، بتسليم 70% من ثرواتهم للحكومة، فهل من المنطقى الكلام عن أن السعودية صارت ناصرية أو شيوعية؟! قطعا لا، وبالتالى الموضوع يمكن تكراره فى أماكن أخري، وقد يواجهنا البعض ويحاجينا: (من الذى أدراك أن أموال رجال الأعمال المصريين أو بعضهم يشوبها الفساد؟!).. والإجابة سهلة.. نحن نريد فتح ملفات شركات رجال الأعمال ومعرفة مصادر ثرواتهم.. إن مجرد فتح قضية استرداد أراضى الدولة أسفر عن اكتشاف مخالفات مروعة وفساد كبير، واستعادت الدولة عبره مليارات من الجنيهات، فما بالكم بباقى الملفات؟ ثم إن رجال الأعمال والأمراء السعوديين المحتجزين يرتبطون, فى معظمهم, مع «تايكونات» رجال الأعمال المصريين بوشائج وصلات قوية ومعقدة، فلماذا لا نُخضع تلك العلاقات للبحث والتدقيق؟.. نحن نعرف أن جهاز الرقابة الإدارية يقوم بمهام هائلة فى تعقب حالات الفساد واكتشافها وإخضاعها للقانون، ونعرف أيضا أن رجال الأعمال متبرمون جدا ويشعرون بالضيق من نشاطات الرقابة الإدارية، وهم يطلقون تيارات كلامية فى المجتمع الغرض منها خلق ثقافة معادية لهذا الجهاز وداعمة للفساد، مظللة بادعاء أن تدقيقات الرقابة الإدارية تعطل الأعمال، وآن للشعب كله أن يواجه هذه التيارات وأن يحمى جهازه.. إن التقارير القادمة من السعودية والتى نشرتها «الفايننشيال تايمز» تقول إن المواطنين السعوديين شعروا باستحسان كبير للإجراءات الموجهة ضد بعض الأمراء ورجال الأعمال، والتى خلصتهم من الشعور بالاختناق والغضب المكبوت، ولم يدع أحدهم أن «السوق اهتزت» أو «البورصة وقعت»! لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع