سهير طاهر : في ظل القرآن الكريم نشأ, حيث من الله عليه بحفظه وفصح لسانه, فكان يعالج الخطابة والكتابة, والتحق بالأزهر سنة1923. عكف علي طلب العلم وحرص علي أن يدرس كل العلوم من الأزهر حتي أتم دراسته بجد واجتهاد, نال شهادة العالمية سنة1932 م. كان عميق الإيمان, شديد الإخلاص, شديد التواضع عذب الحديث, مهيبا في هيئته, مرفوع الهامة, وكان واسع المعرفة غزير العلم, أكرمه الله بتقوي القلب والزهد والورع. ورد في ذكر من أعلام الأزهر في مجلة الأزهر الشريف أن الشيخ عبد الحليم استكمل دراسته في الجامعات الغربية ليجمع بين مختلف الثقافات لخدمة دينه ورغبة في مخاطبة القوم بلغتهم وإبلاغهم رسالة الإسلام بسهولة ويسر, فسافر علي نفقته الخاصة, وفي أثناء إعداد الرسالة قامت الحرب العالمية الثانية في سبتمبر1937 وعاد بعض الدارسين من فرنسا لكن هذا الشيخ آثر البقاء وهو مؤمن بقول الله تعالي قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلي الله فليتوكل المؤمنون ولتوكله علي الله وفقه في الحصول علي رسالة الدكتوراه حيث تمت مناقشتها في يوم8 يونيو سنة1940 م ونال درجة الدكتوراه بدرجة الامتياز بمرتبة الشرف الأولي وقررت الجامعة طبعها بالفرنسية علي نفقتها, تقديرا لم ينل مثله إلا القليل. عاد الدكتور عبدالحليم محمود ليبدأ رحلته الإيمانية ورسالته في كلية اللغة العربية ليستفيد منه الكثير. وينهلوا من علمه الغزير وهو يدرس الفلسفة الإسلامية وقد تقلد عدة مناصب في كلية أصول الدين حتي صار عميدا لها, وحرص علي العودة بطالب الأزهر إلي ما كان عليه, فألزم الطلاب حفظ القرآن الكريم. عين وكيلا للأزهر ثم وزيرا للأوقاف ثم شيخا للأزهر وعني فضيلته بمجمع البحوث الإسلامية ولم ينقطع عن التدريس والدعوة إلي الله رغم أعباء منصبه ومشاغله الكثيرة لخدمة الاسلام, فكان يحاضر في الجامعات ويشارك في المؤتمرات والندوات وقلوب الناس تحيط به, ولم يقصر نشاطه علي مصر وحدها بل سافر إلي الكثير من دول العالم مثل العراق وتونس وليبيا والفلبين وأندونيسيا وباكستان والسودان وماليزيا وقطر والكويت والإمارات ويوغوسلافيا والهند ولندن ومكة المكرمة, كما قام برحلة موفقة إلي الولاياتالمتحدةالأمريكية كان لها أكبر الأثر في مقومات الدعوة الإسلامية, وكان فضيلة الإمام تستقبله الشعوب العربية والغربية بإجلال وترحيب لعلو قدره وسمو منزلته وغزير علمه وصلاحه وتقواه كما التقي برؤساء الدول وبأمين عام الأممالمتحدة فبلغ دعوة الله ومنهج الإسلام, لأنه أخذ علي عاتقه منذ تعيينه شيخا للأزهر سنة1973 حمل الأمانة بصدق وإيمان وإخلاص وقول الحق في يسر وتقوي وإيمان ولا يخشي في الله لومة لائم وقد ظهر ذلك واضحا في موقفه من قانون الأحوال الشخصية, وإصراره علي تطبيق الشريعة الإسلامية وأن تظل لمكانة الأزهر وعلمائه هيبة, ولم يخضع إلا لله فسما قدره عند ربه وألقي محبته في قلوب الناس فرضي الله عنه وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.