أقول للشباب: تفاعل مع الآخر واعتز بدينك وعرقك ووطنك دون تصادم مع أحد طالب الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن يتحلى العالم بروح التواضع والتخلى عن جميع أشكال الاستعلاء بين الدول والشعوب، وأوضح أن وسائل الاتصال تطورت بشكل كبير وإذا تم تقدير ذلك تقديرا حقيقيا فستكون هناك فرصة كبيرة للدول على التأثير من خلال التعامل مع عقول الشباب، وخاصة مع حراك التواصل الاجتماعى الكبير، الأمر الذى يجعل العالم أكثر نضجا وسيكون لهذا تأثير إيجابى على تراجع فكرة الصدام. وقال الرئيس فى مداخلته فى جلسة المنتدى التى أقيمت بعنوان «اختلاف الحضارات.. صدام أم تكامل؟» إن التعدد والتنوع من سمات الكون، وإن الاستعلاء هو السبب الذى أخرج الشيطان من مكانته بعد أن تكبر على الآخرين.. وكل من يدعو إلى الصدام سيفقد مكانته أيضا. وأوضح الرئيس أن التفاعل بين الحضارات أمر حتمى وضرورى حتى لا تتصارع ولا تتصادم، ووجه الرئيس حديثه للشباب قائلا: «تفاهم وتفاعل مع الآخر واعتز بدينك وعرقك وأوطانك لكن دون تصادم مع أحد.. ولا تتكبر على أحد.. الاعتزاز فقط.. كل شخص مسئول فقط عن نفسه، والاعتزاز بدينك يجب ألا تكون له علاقة برفضك ديانة الآخر فكل واحد مسئول أمام الله عن اختياره». واستطرد الرئيس: «أقول للمزايدين والمتاجرين بالدين كل واحد مسئول أمام الله عن اختياره حتى لو كان لا يؤمن بأى دين.. كل فرد حر فى قراره وفى اختياره. وكانت جلسة «اختلاف الحضارات والثقافات.. صدام أم تكامل؟» قد شهدت مداخلات 10 شخصيات، أبرزهم الشيخ عبدالله بن زايد وزير خارجية الإمارات، والأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي، والدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور زاهى حواس وزير الآثار الأسبق، وفانيجا يودافيتش وزير الشباب والرياضة الصربي، وهانز نيلسن مدير المعهد الدنماركى المصرى للحوار، وشبلى تلحمى مدير مركز أنور السادات للسلام والتنمية وأستاذ العلوم السياسية. وطلب أحد الشباب المكفوفين - يدعى أحمد - من الرئيس فى أثناء الجلسة أن يتوقف المجتمع عن وصف ذوى القدرات الخاصة بالعجز وطلب من الرئيس الاهتمام بقضايا متحدى الإعاقة. وتحدث أحد الطلاب الأفارقة من نيجيريا يدعى عبدالله محمد كجاما فوجه الشكر إلى الرئيس السيسى على إتاحته الفرصة للمشاركة فى هذا التجمع الدولى الذى يمثل شباب العالم، وأعرب عن اعتزازه بأن مصر دولة إفريقية، وطلب من الرئيس أن يكون هذا المؤتمر مرتين أو ثلاث مرات فى العام. ورد الرئيس ضاحكا: «خلينا نعمله مرة واحدة فى السنة علشان يطلع كويس»، واستطرد الرئيس: « لو عملنا شبكة طرق وسكك حديدية تربط إفريقيا هنغير شكل القارة فى خلال 10 سنوات.. وبالنسبة للشاب أحمد اللى طلب نعمل مؤتمر لمتحدى الإعاقة أقول له حاضر.. وإذا كان اعتذارى مناسبا فأنا أعتذر لكم». كانت الجلسة استهلت أعمالها بعرض فيلم تسجيلى عن اختلاف الثقافات والحضارات استعرض آراء عدد من المتخصصين حول سبل التواصل بين مختلف الحضارات، كما تناول الفيلم دور التكنولوجيا فى التقارب بين مختلف الحضارات. واستعرض الفيلم التسجيلى تأثير مواقع السوشيال ميديا فى التواصل بين الحضارات وتأثيرها على الإرتقاء الانساني. وتحدث الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربى عن دور الشباب فى التأثير على الحضارات، بالإضافة إلى تأثير الحروب فى تأخر الدول وظهور دول العالم الثالث.وأكد الأمير الحسن أهمية الشباب العربى والإفريقى العالمى فى تكوين الحضارات وتشكيل الثقافات لحضارة عالمية واحدة نتأثر بها ونؤثر عليها، موضحا أن الثقافات تتسارع ولكن الحضارة العالمية والإنسان الحضارى لا يلجأ إلى الأسلوب الدموى فى فرض رأيه على الآخر. وقال الأمير: «عندما نتحدث عن حرب كونية فهى حرب أهلية أوروبية ودفع العالم الثالث حماقات الغير، مؤكدا أهمية «الدمج» لا «الاندماج»، وأهمية الاستقلال والحفاظ على الهوية القومية وحق التعبير أيا كانت وأينما تكن». وشدد على ضرورة العمل معا فى تطوير المشتركات الخلاقة، وأهمية جعل القانون يعمل من أجل الجميع وهو خير وسيلة لوقف ما يسمى صدام الحضارات. ومن جانبه، قال عالم المصريات الدكتور زاهى حواس إن الحضارة الفرعونية القديمة كانت رمزا للتسامح والسلام فى العالم كله، وسأقدم لشباب العالم مميزات هذه الحضارة وعظمتها، مضيفا أن جميع حضارات العالم كلها قامت من مصر . وأوضح أن الحضارة الفرعونية توضع على مستوى العالم رقم 2 من حيث ظهور الكتابة بها، مشيرا إلى أن عمر الحضارة المصرية يرجع إلى أكثر من 5 آلاف سنة لأن الحضارة تقاس بمعرفة الكتابة وليس عمرها. وأضاف أن علاقة الحضارة الفرعونية بغيرها من الحضارات كانت سلمية وليست دموية، وبناء الأهرام والعظمة جاء بالسلام وليس بالصراع والدم. وأكد أن مصر القديمة كانت صمام الأمان للشرق الأدنى القديم ولكل حضاراته وممالكه، واعتاد الجيش على الخروج فقط للفصل بين الممالك المتناحرة لفرض السلام بينها. ومن جانبه، أكد شبلى تلحمى مدير مركز أنور السادات للسلام والتنمية وأستاذ العلوم السياسية أن فكرة صراع الحضارات ترتبط بقضية الهوية الشخصية والسياسية، كما أنها أداة فى يد المتطرفين لتكريس النزاع بين الدول العربية والغربية. وقال إن الصراع بين الحضارات أيضا يوجد داخل البلاد والثقافات، فمثلا ما نواجهه داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية الآن فهى دولة تشعر بالفخر والقوة، ولكنها مقسمة بعمق عبر الحدود بطريقة جذرية . وأضاف أن الرؤية السائدة لأغلب الأمريكيين ممن تتراوح سنهم بين (20 - 34 عاما) عبر جميع الحدود تتلخص فى عدم وجود صدام بين الحضارات فالإسلام، فهم لا يعتقدون أن الإسلام والغرب ليسوا متساويين، فى حين يعتقد ثلثا الناس أنهم متناسبون على الأرجح. وعقب ذلك، أكد الدكتور جون فرانسوا أستاذ ورئيس قسم الثقافة بجامعة سنجور أن مصر مهد الحضارات ولا يمكن تجاهل أو إنكار ذلك، مضيفا أن المجتمعات تتطور اعتمادا على الحضارة والثقافة وهما يكملان بعضهما البعض بطريقة متوازية . ومن جانبه ، قال مدير المعهد الدنماركى المصرى للحوار هانز نيلسن إن الشباب مصدر التغيير والتطورات ولابد من تمكينهم والتحاور معهم، مضيفا أنه لا يوجد حاليا مفهوم التكامل والحوار بين الدول من أجل احترام الاختلاف وتقريب الثقافات المختلفة، وأكد أن الحوار يبين الثقافة والتاريخ للبلدان. وأشار إلى أن اختلاف الثقافات مصدر للثراء الفكرى وليس الصدام بين الحضارات، مشددا على ضرورة احترام الاختلافات بين الثقافات والحضارات بين البلدان..وعلينا أن نحل مشكلاتنا الثقافية فيما بيننا جميعا، وأضاف أن على الإنسان معرفة تاريخ بلاده وحضارته وتراثه الثقافي، وعند معرفة الإنسان ثقافته وحضارته سوف نجيد الحوار ونتقبل اختلاف الآخرين والجديد. وبدوره، أكد وزير الشباب والرياضة الصربى فانيجا يودافيتش أن مصر وصربيا كان على علاقة جيدة منذ القرن العشرين ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1907 لم يقفا ضد بعضهما البعض، مشيرا إلى أن جمهورية صربيا لديها القدرة على التحدث عن الأيادى البيضاء، وإقامة الحركات الوطنية الكبيرة، كما أنها تؤمن بشبابها ولديها مؤسسات خاصة بها، كما أن هناك قوانين واستراتيجيات وطنية للشباب الذين يمثلون جزءا أساسيا مهما للمشاركة فى المجتمع. وقال إن صربيا تركز على إقامة مراكز خاصة بالشباب، فهناك 170 بلدية منذ عام 2017 لديها مكاتب نشطة للشباب بآليات تقدم جميع الخدمات المختلفة لهم على المستوى المحلى فى مجال التعليم والتطلع وتعزيز المحاكم الشبابية والقطاعات الخاصة بمشروعات الشباب. ومن جانبه، رحب الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية بتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى حول أن مكافحة الإرهاب حق من حقوق الإنسان. وقال الفقى إن هذا التعبير لابد أن ينتشر فى كل مكان، مضيفا أن الإرهاب يعد خطرا داهما، وهو العدو المشترك لجميع الحضارات. وأوضح أن الحضارة صناعة الحياة، بينما الإرهاب صناعة الموت والدمار، معربا عن اندهاشه بأن الفكر الغربى صدر فكرة صراع الحضارات وهو أمر غير حقيقي. وخرجت الجلسة بعدد من التوصيات أبرزها تأصيل فكرة التواصل بين الشعوب والحضارات بطرق عملية وحديثة، وإنشاء مركز للدراسات والأبحاث وعقد مؤتمرات شبابية دولية بصورة دورية كآلية لتقريب الرؤى بين الشعوب.