أثار مشروع قانون مؤخراً مطروح داخل أروقة البرلمان، والمعروف إعلاميا ب"رخصة الإنجاب"، الجدل والغضب داخل المجتمع المصري بكافة فئاته، حيث يعتبر البعض أن هذا القانون من الأشياء الغريبة والمستحدثة على مجتمعنا، بالإضافة لكونه - كما يقولون- لا يتناسب مع الدين الإسلامي ولا العادات والتقاليد المصرية ولا المجتمعات الشرقية. وينص هذا القانون على فرض رسوم مالية ليحصل الزوجين على رخصة بعد الزواج مباشرة لمدة 5 سنوات تسمح بإنجاب طفل واحد، (وهو فكر منطقي للغاية) وتجدد الرخصة لفترة ثانية فقط، وحرمان الطفل الثالث لكل أسرة من التعليم والخدمات الطبية من أجل إجبار الأسر على تنظيم "النسل". وكان المستشار محمد عبد الجليل الدسوقي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، قد كشف عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى التخمة السكانية في مصر خلال الفترة الأخيرة بنسب غير مسبوقة.. وقال " في السابق كنا نزيد كل 50 عاما بمعدل 10 ملايين وهذا طبقًا لإحصائيات عام 1900 حيث كان عدد المصريين حينذاك 10 ملايين نسمة وبحلول عام 1950 وصل التعداد السكاني إلى 20 مليونا ولكن بعد ثورة يناير وحتى الآن الزيادة بلغت 16 مليون نسمة بمعدل مولود جديد كل 15 ثانية." وأضاف الدسوقي، خلال كلمته الأربعاء الماضي، باجتماع لجنة الصحة بمجلس النواب المصري، أن هذه الزيادة تعادل سكان 3 دول عربية، منتقدًا من يهاجم الحكومة بأنها غير قادرة على استيعاب الزيادة السكانية وأنها يجب أن تكون طاقة إيجابية مثل الصين، موضحًا بأن معدل الزيادة في الصين نصف الزيادة في مصر، بالإضافة إلى معدل النمو الاقتصادي بها يمثل 14 مرة ضعف الزيادة السكانية، وبالتالي فإن الزيادة في الصين ليست عبئاً، ولكن الزيادة لدينا تشكل طامة كبرى. وفي المقابل، شن صاحب مشروع رخصة الإنجاب زيدان القنائى المتحدث الرسمي لمنظمة العدل والتنمية، هجوم حاد على الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر بعد اعتبارها مشروع قانون رخصة الإنجاب مخالفاً للشريعة الإسلامية ودعوتها لسحب المشروع في أحد البرامج الفضائية.. مؤكداً أنه لن يسحب مشروع رخصة الإنجاب بسبب إرهاب بعض علماء الأزهر أو التيارات السلفية التي تصدر أحكام مسبقة عن المشروع بأنه مخالف للشريعة الإسلامية. من وجهة نظري، هذا مشروع جدير بالاهتمام، نظراً للظروف التي تعيشها البلاد وهذه الزيادة الرهيبة التي أصبحنا، فمن غير المنطق أن نزيد منذ الثورة حتى اليوم بمعدل 16 مليون نسمة، هذا درب من الجنون!!! وإذا كان بعض علماء الأزهر أو التيارات السلفية التي تصدر أحكام مسبقة عن المشروع بأنه مخالف للشريعة الإسلامية تهاجم من منظور الشريعة، فهذا غير منطقي، فالدين الإسلامي دين متطور ويواكب الأفكار الحديثة بما يتلاءم وطبيعة ظروفنا.. فهو ليس دين مغلق على نفسه، الدين الإسلامي يقبل بكل الأفكار ما دامت لا تمس العقيدة.. ولكن من المؤسف، أن أفكار بعض علماء الأزهر حول الزيادة السكانية لا تشجع على تقدم وتحديث الدولة المصرية بل تؤدى إلى مزيد من التخلف والمشكلات وانتشار الإرهاب الذي يرتبط بالزيادة السكانية. من قلبي: مع كامل احترامي لمؤسسة الأزهر الشريف، إلا أن بعض فتاوى علماء الأزهر تتأثر بثقافة المفتي، دون وجود ما يساند ذلك في صحيح الدين، والدليل أن دولا إسلامية كانت تعتبر قيادة النساء للسيارات مخالفة للدين والشرع إلى وقت قريب، ثم تبيّن عكس ذلك بعد مناقشات مستنيرة ومتطورة! من كل قلبي: نطالب الحكومة والبرلمان بأخذ مشروع قانون "رخصة الإنجاب" بعين الاعتبار والسعي إلى تطبيقه، كما نطالبهم بعدم النظر إلى بعض الفتاوى المتطرفة التي تحارب التحديث والتنوير وتشجع على محاربة التطور والتغيير الإيجابي، مع الوضع في الاعتبار، أن آراء بعض العلماء مردود عليها بآراء أخرى لعلماء أيضا وبالتالي فهم لا يمثلون - وحدهم- الشريعة ولا يحتكرون تفسير أحكامها. اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد! [email protected] لمزيد من مقالات ريهام مازن;