لتقديم التهنئة والمشاركة في صكوك الأضاحي: وزير الأوقاف يستقبل رئيس الطائفة الإنجيلية والوفد المرافق له.. صور    تفاصيل نشاط الرئيس السيسي اليوم    وزيرة البيئة: ما حدث في الإسكندرية نتيجة لتغير المناخ.. الاستعداد المبكر جنبنا كارثة    «إير كايرو» تُدشّن أولى رحلاتها بين الغردقة وعمّان لتعزيز حركة السياحة    فرحان حق: 2 مليونَ فلسطيني على حافة المجاعة في غزة    فصيل يسمي نفسه كتائب الشهيد محمد الضيف يتبنى هجوما صاروخيا على إسرائيل من سوريا    كومان: مونديال الأندية "سخيف" ويدمّر اللاعبين    كواليس مران الزمالك قبل الأخير استعدادا لمواجهة بيراميدز فى نهائى الكأس    فيليبي ميلو: صلاح ويامال يستحقان الكرة الذهبية 2025    موعد صلاة عيد الأضحى في سوهاج    المهن التمثيلية تتهم صفحة "فيس بوك" بالنصب على شباب الفنانين مستغلة مسلسل "المداح"    الانتهاء من إقامة 3 منتجعات سياحية ورفع كفاءة كورنيش ومداخل وميادين جمصه    شريف عامر: سميحة أيوب قيمة فنية يَصُعب تعويضها.. خسارة كبيرة لمصر والعالم العربي    تمتلك علامة تجارية وتعرفت على السقا بسبب «الفروسية».. 21 معلومة عن مها الصغير    هل تكبيرات العيد واجبة أم سنة؟.. أمين الفتوى يُجيب    قبل عيد الأضحى 2025.. هل يمكن ذبح الأضحية خلال خطبة العيد؟    محافظ الدقهلية: 1161 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية    الرعاية الصحية بأسوان تتابع سير الخدمات الطبية بمستشفى المسلة    القاهرة الإخبارية: رصد إطلاق صاروخين من سوريا نحو الجولان المحتل    برلماني: توجيهات الرئيس للمجموعة الاقتصادية مرحلة جديدة أكثر تنافسية    حزب المؤتمر يقدم ورقة عمل لمجلس حقوق الانسان المصري حول تضمين المبادئ في برنامجه    فرص عمل للمصريين بالأردن براتب يصل إلى 350 دينار.. اعرف التفاصيل    الشيخ خالد الجندي: من يأكل أموال الناس بالباطل لا حج له    الأزهر للفتوى: الأضحية من الشاة تجزئ عن الشخص الواحد وعن أهل بيته مهما كثروا    «القاصد» يرأس لجنة اختيار عميد كلية التربية الرياضية بجامعة المنوفية    بعد هجومه على داعمي إسرائيل.. اعتقال زوجة وأطفال محمد سليمان في أمريكا    بالصور.. رئيس جامعة سوهاج يجري جراحة معقدة استغرقت 5 ساعات    وزير الثقافة: تعليق تنفيذ قرار زيادة رسوم المصنفات الفنية والتعامل بالرسوم السابقة    أيام التشريق.. موعدها وحكم صيامها وأفضل العبادات بها    وزير العمل يلتقي مسؤولة ب"العمل الدولية" ويؤكد التزام مصر بمعاييرها    البورصة المصرية تقيد زيادة رأسمال شركة "يو للتمويل الاستهلاكي"    تشغيل عيادات التأمين الصحي بالدقهلية خلال عيد الأضحى المبارك.. تعرف على الأماكن والمواعيد    محافظ بني سويف يكرم الأمهات المثاليات بمسابقتي التنمية المحلية والتضامن    الخلود يقطع إعارة أليو ديانج ويعيده للأهلي قبل المونديال    وافدان جديدان يستعدان لتمثيل إنتر في كأس العالم للأندية    الجباس: الحديث عن تواجدي في بيراميدز بسبب علاقتي مع ممدوح عيد "عبث"    استشاري: الاتحاد الأوروبي بدأ التلويح للمعاملة بالمثل بعدما ضاعف ترامب الرسوم الجمركية    منظمة التحرير الفلسطينية: غزة تتعرض لإبادة برعاية أمريكية وصمت دولى    المشدد 10 سنوات لعاطل لاتجاره في المخدرات بشبرا الخيمة    بيطري القليوبية: ضبط 25.5 طن لحوم ودواجن غير صالحة للاستهلاك خلال شهر    مانشستر يونايتد مستعد لتلقي عروض لبيع سانشو    استعدادات مبكرة بجامعة القاهرة لاستقبال مكتب تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد    وزير المالية: 50% من مستحقات الشركات في برنامج دعم الصادرات سيتم تسويتها من الضرائب أو الكهرباء    الاتحاد السكندري: عبدالعاطي استقال على «الفيسبوك».. والمغادرة غير مقبولة    تطهير وتعقيم ونظافة الأماكن المعدة لصلاة عيد الأضحي المبارك بالقاهرة    محافظ الفيوم: بدء تطبيق المحاور المرورية الجديدة أول أيام العيد    رئيس الهيئة الدولية للمسرح ينعى وفاة سيدة المسرح العربي سميحة أيوب    توجيهات مهمة من رئيس الوزراء بشأن التحركات الدبلوماسية    رسالة دكتوراه تناقش تقييم جدوى تقنية الحقن الأسمنتي كعلاج فعال لكسور هشاشة العظام    موعد ومكان جنازة الفنانة سميحة أيوب    قبل نهائي الكأس.. أرقام الحكم محمود بسيوني مع الزمالك وبيراميدز هذا الموسم؟    ضبط أصحاب شركة المقاولات المتورطة في التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية يهنئ رئيس الجمهورية وشيخ الأزهر بحلول عيد الأضحى    "المطاعم السياحية": بحث ضرائب الملاهي الليلة وإطلاق شعار موحد للمنشأت    درجات الحرارة اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 فى القاهرة والمحافظات    من الصفائح التكتونية إلى الكوارث.. كيف تحدث الزلازل ؟    مدرسة وذاكرة.. سميحة أيوب امرأة جعلت من الخشبة بيتا ومن الفن وطنا.. عشقت الفن فى عمر ال 15عاما وتلقت الدروس الأولى على يد زكى طليمات.. أعمالها المسرحية بلغت 170 عملا وانقطعت عن السينما 30 سنة    مستشار الرئيس للشئون الصحية: مصر تشهد معدلات مرتفعة في استهلاك الأدوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الروهينجا».. مأساة تكشف ازدواجية المعايير الدولية
الأزهر يتحرك فى مسارات عديدة لحل الأزمة مسلمو ميانمار يتعرضون لحرب إبادة جماعية ممنهجة «مسلمو بورما».. أول كتاب فى مصر عن الأزمة أصدره مرصد الأزهر

فرضت قضية الروهينجا نفسها على المجتمع الدولى بقوة، خاصة بعد تفاقم الأزمة ابتداء من 25 أغسطس الماضى مما دفع آلاف المسلمين إلى النزوح إلى بنجلاديش، بعد أيام من تقرير أممى يحذر من مغبة الانتهاكات التى ترتكب فى حق هذه الأقلية، وتأتى الهجمات ضدهم بعد تسليم الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفى عنان، تقريراً نهائياً بشأن تقصى الحقائق فى أعمال العنف ضد مسلمى الروهينجا.
«الأهرام» عقدت هذه الندوة بحضور المشرفين على مرصد الأزهر الشريف، وعدد من الخبراء، للوصول إلى طرق حل الأزمة من جذورها، وأيضا معرفة موقف المؤسسات الدولية والحقوقية والمنظمات الإسلامية، وهل نعتبره متخاذلا أو متأخرا؟، وما هى الدول المعنية بالتحرك؟ وماذا فعلت؟ وما الدور الذى يجب أن تلعبه الدول الإسلامية؟. كما ناقشت الندوة نتائج الضغط الدولى على حكومة ميانمار، وأيضا دور الأزهر الشريف فى نشر السلام بتلك المنطقة.
وفى بداية الندوة رحب الدكتور صبحى عسيلة الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية مدير المكتب الفنى لرئيس التحرير، بالضيوف، مشيرا إلى اهتمام جريدة «الأهرام» بهذه القضية وضرورة تناولها من كل الزوايا، ابتداء من الجانب التاريخى ، إلى الدور الذى يجب علينا القيام به كمؤسسة صحفية ودولة مصرية، وأيضا معرفة الدور الرائد الذى يقوم به الأزهر وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.
وبدأ النقاش بالتساؤل عن تاريخ ميانمار وأسباب منع المسلمين من الحصول على هوية المواطنة وحق الإنتخاب ؟
د. طارق شعبان : ميانمار دولة كبيرة فى شبه جزيرة جنوب شرق آسيا، تحدها دول بنجلاديش والهند والصين ولاوس وتايلاند. يبلغ عدد سكانها 54 مليون نسمة (عام 2009) يؤمن 90% منهم ببوذية تيرافادا، و 4% بالمسيحية، بينما يدين 4% بالإسلام، و1% يعتنقون الهندوسية و1% يعتنقون مذهب مهايانا البوذي. ويعيش نصف المسلمين فى ولاية أراكان (راخين) والنصف الآخر يعيشون متفرقين فى 13 منطقة مختلفة أخرى فى ميانمار. وأورد المؤرخون أن التجار العرب وصلوا ميانمار فى القرون السابع والثامن والتاسع ميلاديًا عبر الخط الساحلى لميانمار ولكن الحكومة الميانمارية تقول إن أقلية من المسلمين هاجروا إلى ميانمار فى وقت الاحتلال البريطانى 1824 حتى 1948 من شبه القارة الهندية والصين ولا يزال أحفادهم يعيشون فى ميانمار، ومسرح الأحداث الحالية هو ولاية راخين (أراكان) وهى ولاية ميانمارية غالبيتها من المسلمين، ويعيش المسلمون منذ ذلك الوقت بدون أى تمرد على الحكام ومنحهم الحكام أيضًا مناصب عديدة فى الحكومة حتى فى الحراس الشخصيين للملوك.
الأهرام: إذن ما السبب فى المشكلة التى تواجه المسلمين الروهينجا؟
د. كمال بريقع: الاحتلال البريطانى طبق سياسة فرق تسد وإزكاء نار التعصب الديني، وكذلك خلال فترة الحكم الفاشى للبلاد بعد ذلك، حيث ضاعت سيادة القانون وبدأت الأحزاب السياسية تبث خطابات الكراهية علنًا وتقسم الجوهر المشترك المتبادل بين الديانات المتمثل فى الحب والاحترام، وتم تجريد مسلمى الروهينجا من جنسيتهم واعتبارهم مهاجرين غير شرعيين، وفى عام 2012، تلطخت مرحلة الانتقال السياسى بسفك الدماء، حيث بلغت أعمال الشغب الدينية ذروتها، مما أشعل فتيل الأزمة، وأسهمت الاتهامات بالانتهاكات الجنسية والنزاعات المحلية فى تسليط الضوء على العنف المتصاعد والصدامات المجتمعية، واستمرت محاولات التخلص من مسلمى الروهينجا إلى خارج البلاد عبر الانتهاكات والمذابح حتى الآن،ومازالت الحكومة تقوم بحرمانهم من حق الجنسية أو حق إصدار الهويات داخل البلاد.
الأهرام :ما الأبعاد السياسية للمشكلة وكيف يمكن توصيف الصراع الدائر فى ميانمار؟
بريقع : تشكلت رؤيتى حول هذه القضية فى الوقت الذى دعا فيه شيخ الأزهر سفير دولة ميانمار فى مصر بهدف التعرف على ما يحدث فى أقليم أراكان وبحث إمكان التوصل إلى إقرار السلام فى هذا الإقليم وتحقيق التعايش السلمى وحقن دماء المسلمين الذين يتعرضون للاضطهاد، وبعد جهود كبيرة بذلها الإمام الأكبرلإقناع حكومة ميانمار بعقد لقاءات تجمع كل ممثلى الديانات المختلفة بدولة ميانمار فى مصر تم عقده فى الفترة من 1إلى 6 يناير لهذا العام. وقد حرص فضيلة الإمام على حضور جميع جلسات المؤتمر شخصيا كما عقد جلسة مغلقة مع جميع ممثلى الطوائف الدينية بحضور سفير دولة ميانمار، علما بأن جميع المشاركين قد تم اختيارهم من قبل حكومة ميانمار، دون تدخل من الأزهر.
الأهرام: وماذا قال الوفد البورمى عن إقليم «راخين» بالتحديد؟
- كان الوفد المشارك فى المؤتمر قد عبر عن موقف حكومة ميانمار بأن سكان أقليم أراكان ليسوا إلا لاجئين غير شرعيين لا ينتمون لدولة ميانمار وأنهم من أصل بنغالى، ولكن ببحث جذور هذه المأساة تبين أنها غاية فى التعقيد، حيث دخل الإسلام ميانمار فى القرن السابع الميلادى أى منذ ما يزيد على ألف وثلاثمائة عام ولا أحد يستطيع أن يحدد على وجه اليقين ما إذا كان المسلمون الذين ينتمون لهذا الإقليم من أصل بورمى أو بنغالى كما تدعى حكومة ميانمار، فضلا عن أن هذا التنوع العرقى هو أهم ما يميز هذه المنطقة، فجميع دول المنطقة تشارك دولة ميانمار فى تنوعها العرقي، ينطبق هذا الأمر على دول إندونيسيا وماليزيا والصين وغيرها من دول المنطقة، ومن الأسباب التى تقف خلف هذا الاضطهاد الخبرة الاستعمارية فى التعامل مع المكونات العرقية فى هذه المنطقة. وأيضا البعد الدينى هو أحد أهم أسباب هذا الإضطهاد فالجماعات البوذية المتطرفة هى إحدى أهم القوى التى لا يمكن تجاوزها فى هذه المعادلة والتى تصدر فتاوى تستبيح قتل المسلمين والقيام بعمليات إرهابية، كما أن تصدير القضية على أنها قضية دينية لا يخدم مصالح المسلمين ولا يضمن تعاطف العالم معهم بل ينبغى تصدير القضية على أنها قضية إنسانية أخلاقية، لحشد المجتمع الدولى لوقف هذه الإبادة التى يتعرض لها المسلمون.
الأهرام: كيف تؤثر سياسات الاضطهاد والتمييز والتهجير التى تمارس ضد أقلية الروهينجا على إيجاد بيئة خصبة للإرهاب ؟
د. أسامة الحديدي: أريد ان أؤكد أن انعدام العدل ينشئ الاضطهاد لطائفة أو مجموعة معينة ، مما ينتج عنه تطرف وإرهاب وقتل وإفساد فى الأرض بوجه عام، حتى وإن تأخر وقته فى فترة معينة ولكنه حتما سيكون، كما أن هذا الاستبداد لا بد أن يعالج بخطة واضحة المعالم من المجتمع الدولى كله حتى نستطيع أن نقضى على الإرهاب.
الأهرام: الأزهر من أولى المؤسسات التى اهتمت بمشكلة الروهينجا .. فما هى جهود الأزهر الشريف وإمامه الأكبر فى نشر السلام ومحاولة إنهاء الأزمة بتلك المنطقة؟
د. محمد عبدالفضيل: مؤسسة الأزهر أول من تدخل لحل هذه المشكلة تدخلا واضحاً معلناً، وكان ذلك فى خريف 2016، عندما دعا الأزهر عددًا من المسئولين والمنشغلين بهذه القضية، فى مقدمتهم مفتى ميانمار، والتقوا به للوقوف على أسباب المشكلة ، وفى العام نفسه فى أكتوبر 2016 دعا شيخ الأزهر سفير ميانمار لطرح الأسئلة نفسها عليه.. ما المشكلة الموجودة هناك؟! وفى 17 نوفمبر 2016 أصدر الأزهر أول بيان رسمى يدين أعمال الاضطهاد والتشريد والاعتداءات التى تقع فى إقليم راخين بناءً على المعلومات التى حصل عليها من مفتى ميانمار وسفيرها.بعد ذلك، أعد مرصد الأزهر أول كتاب فى مصر يتناول المشكلة بعنوان «مسلمو بورما» وبعد إصداره بشهر تقريباً التقى شيخ الأزهر للمرة الثانية فى ديسمبر 2016 سفير ميانمار، لوضع أسس للتواصل مع الدولة وعقد ندوة أو مؤتمر رسمى بين مصر والحكومة فى ميانمار.. وبالفعل وافقوا وكانت هذه أول مبادرة تستجيب لها حكومة ميانمار لمناقشة الوضع الميانمارى فى دولة خارجية.
الأهرام: متى حضر وفد ميانمار، وماذا حدث فى هذا المؤتمر المهم؟
الوفد حضر إلى القاهرة يوم 1 يناير 2017 وكان يتكون من 27 عضوًا، منهم 9 بوذيين و9 مسلمين و4 مسيحيين و4 هندوس، وكان حديث الوفد الميانمارى الموجود فى المؤتمر كله يصب فى إن ولاية أراكان ضحية لعبة سياسية، وفى جلسة مغلقة لم تحضرها وسائل الإعلام بدأوا يتحدثون عن مشاكل فى التعليم، والثقافة والوعى، والصحة، وأيضا عن المشاكل الدينية، تكلموا عن تدنى فى التعامل بين شرائح المجتمع المختلفة، و عن المرأة وحقوقها المهملة، وأن الإقليم بحاجة إلى دعم اقتصادى، ودعم تعليمى كبير. كل هذا يقود إلى نتيجة واحدة فقط هى أن هناك إهمالا واضحا من الدولة فى التعامل مع الإقليم منذ الاحتلال الإنجليزى وما تلاه. وبالتالى المنطقة غارقة فى الجهل والظلم، حتى لو نشأت فى الإقليم مجموعة إرهابية فهى مسئولية الدولة التى لم ترع هذا الإقليم فى الأساس، فالمشكلة ليست اعتداءات وحرق بيوت وقتل، إنما هى مشكلة إهمال جسيم نتج عنها ذلك.
الأهرام: وماذا حدث بعد المؤتمر؟ هل كان له تبعات؟
بعد انتهاء المؤتمر بيومين بالضبط أصدرت حكومة ميانمار قرارا بتشكيل لجنة تحقيق مع ضباط الأمن المتورطين فى قتل مسلمين فى ميانمار، وكانت تلك بادرة أمل قوية ، خاصة بعد أن أرسلت الامم المتحدة إلى الخارجية المصرية طلبا بتقرير مفصل عن مؤتمر الأزهر ونتائجه. وقد أصدر الأزهر الشريف عقب المؤتمر بيانًا حول ما تم التوصل إليه وكان أهمه إرسال قوافل دعوية وغذائية وطبية إلى ميانمار، ومواصلة الحديث بين الدولتين لعقد لقاء ثان قريب سواء فى مصر أو ميانمار، لكن وهذا هو الغريب رفضت حكومة ميانمار بعد مرور شهور قليلة جدا من المؤتمر كل ما تم عرضه من الأزهر الشريف و تجاهلته بشكل كامل وعادت الاعتداءات كما كانت.
الأهرام: وما موقف المؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية والإسلامية من الأزمة؟
د. حسن وجيه: أتصور أن أزمة ميانمار هى أزمة ممتدة منذ ثلاثة عقود من الزمن.. لها صعود وهبوط.. ولكنها فى الفترة الأخيرة صعدت دون أن تهبط، أما موقف المؤسسات الدولية فهو ضعيف جدًا، وهذا الضعف ينتج من عدم تحرك الدول الإسلامية خاصة، فهناك مساحات تفاوض لا يتم العمل عليها، مساحات تفاوض شاغرة.. الأمم المتحدة أصدرت بيانًا وصفت فيه الأزمة فى ميانمار على أنها تطهير عرقى، ولكن ما الفرق بين التطهير العرقى وبين الإبادة العرقية؟ ولماذا لم تصدر قرارًا أن هذه حالة من الإبادة العرقية الممنهجة؟ هذا ما يجب أن نضغط عليه، وثبت أن الدور الخارجى مهم جدا لمصر، فيجب أن تعيد صياغة تصدير القضية للخارج عن طريق وزارة الخارجية، وتطلب عقد الجلسات من مجلس الأمن، أو من الأمم المتحدة، مع التركيز على توصيف الأزمة أنها إبادة عرقية، فلابد من تغيير قرار الأمم المتحدة الذى يقول إنه تطهير عرقى.
الأهرام: ولكن ما هو الخطر الإعلامى الذى يحيط بالأزمة؟
الخطر هو ابتذال المصطلح، فعندما يأتى أناس يقولون: أنتم لا تعرفون ما يحدث فى ميانمار.. بعد كل هذه التقارير وعلى مدى ثلاث سنوات، وبعد بيان كوفى عنان والأزهر وإمامه الأكبر عن الأزمة الممتدة، فإن فى ذلك محاولة لتصغير حجم المأساة وتصويرها على أنها مجموعة من الإرهابيين تمثل داعش. الإعلام الغربى بدأ لأول مرة فى التاريخ فى استخدام مصطلح «الإرهاب البوذى» ولذلك لابد على الدبلوماسية المصرية والإعلام المصرى أن يتبنى فكرة أن ما يحدث هو إبادة عرقية وأن يعيد صياغة بيان الأمم المتحدة. وعندما تحدث شيخ الأزهر عن بوذا تحدث بشكل إيجابى، لدرجة أنه تعرض لانتقادات فى غير محلها أيضا، فهو أراد أن يدفع بالأطراف كلها إلى ما يسمى «التعايش السلمى»، فالأزهر يقود حملة دولية للتدخل فى إنهاء الأزمة، نضيف عليها أهمية التدخل الدبلوماسى من ناحية، لتعميق فكرة الإبادة العرقية وليس التطهير العرقى، فيجب أن تتحرك الدبلوماسية المصرية والعربية وكل القوى الإسلامية، ومنظمة العمل الإسلامى .
الأهرام: كيف ترى أصداء ونتائج الضغط الدولى على حكومة ميانمار؟ وهل اعتراف الزعيمة البورمية بوجود مشكلة يُعد بداية لحل الأزمة ؟
د. يوسف عامر: أولًا أريد ان أؤكد أننا لا نتدخل فى سياسة أى دولة، وإنما نرفض أى اضطهاد لأى فرد أو جماعة، لكننا نلاحظ تعارضا فى آراء بعض الدول والهيئات تجاه القضية، على سبيل المثال الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفى عنان، رئيس لجنة الحلول الدائمة فى ميانمار، قدم تقريراً نهائياً بشأن تقصى الحقائق فى أعمال العنف ضد مسلمى الروهينجا فى ولاية أراكان إلى حكومة ميانمار، جاء فيه: «مع حالة عدم احترام حقوق الإنسان واستمرار تهميش الروهينجا سياسيًا واقتصاديًا فقد تصبح ولاية راخين الشمالية أرضا خصبة للتطرف» ، وأضاف عنان : «إنه ينبغى لميانمار أن تستجيب لأزمة مسلمى الروهينجا بطريقة محسوبة دون استخدام مفرط للقوة»، ولكنه فى موضع آخر يقول: « فى حين أن من حق ميانمار أن تدافع عن أراضيها». وكأنه يبرر ما يفعله الجيش والشرطة ضد الروهينجا.
الأهرام : وما موقف واشنطن من تلك الأزمة؟
الحقيقة لا أعرف متى وقفت أمريكا تدافع عن اضطهاد للمسلمين فى أى بلد بالعالم، ولكنها هنا حرصت على أن يكون لها رأي، حيث قالت «هيذر نويرت»، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية: على السلطات فى ميانمار تجنب رد فعل يؤجج التوترات. وأضافت أن الهجمات التى شنها «جيش تحرير روهينجا أراكان» فى وقت مبكر على مراكز حدودية بأراكان تظهر أنه على الحكومة أن تنفذ التوصيات التى وردت فى التقرير الدولى الذى أصدرته اللجنة التى يرأسها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفى أنان.ومعروف أن أمريكا أسقطت الديون عن دولة بورما، وسمحت لكبريات الشركات التجارية الأمريكية بالتبادل التجاري، وفتحت الباب أمام المستثمرين الأمريكيين لتدشين المزيد من الملفات التجارية الضخمة، وهو ما يعنى مزيدًا من الانفتاح على ميانمار، فى خطوة اعتبرها بعض المحليين مكافأة لميانمار على جرائمها وانتهاكاتها الجسيمة بحق الروهينجا.
الأهرام: كيف ترى البعد الإعلامى فى إدارة الأزمة ؟
د. رمضان قرني: أزمة الروهينجا لها أبعادها السياسية والاقتصادية والعرقية والدينية، مما يطيل من أمدها ويزيد من تفاعلاتها المحلية والإقليمية، وهو الأمر الذى يستلزم معالجة سياسية من طبيعة خاصة تأخذ بعين الاعتبار جميع هذه المتغيرات، ويجب ألا ننسى أهمية البعد الإعلامي، وضرورة أن تأخذ القضية الأهمية الإعلامية المناسبة، بما يضمن وضعها على أجندة صناع القرار الدولي.
الاهرام : وهل يكفى التحرك السياسى فقط لحل الأزمة ؟
التحرك السياسى فقط فى هذه الأزمة غير كاف، انطلاقا من أن أى سياسة خارجية قوية بدون «ذراع إعلامية» كرافد لها لا يضمن لها الفاعلية المناسبة، ومن ثم فإن السياسة الخارجية المدعومة إعلاميًا نضمن لها الزخم والفاعلية. ولذلك اقترح تبنى خطاب إعلامى للأزمة ينهض على الأسس والمبادئ التالية:أولا: تأكيد البعد الإنسانى للأزمة. ثانيا: الترويج لمفاهيم «الإبادة الجماعية» الممنهجة وليست فقط التطهير العرقي. ثالثا: تبنى النهج الدبلوماسى المصرى المطالب بتحمل المجتمع الدولى مسئوليته الأخلاقية تجاه ما يحدث فى ميانمار.رابعا: تأكيد أن دور مصر يمثل رسالة للدبلوماسية المصرية تنهض على المبادئ الإنسانية. خامسا: إبراز رسالة الأزهر الإنسانية كإحدى مؤسسات الدولة المصرية وقواها الناعمة، خاصة بعد جهودها الفكرية والعلمية لحل الأزمة.
الأهرام:كيف يسهم علم الاجتماع فى تقديم رؤية لمناقشة وحل الأزمة ؟
د. عزة فتحى : من المؤسف أن بعض وسائل الإعلام لا تتحرى الدقة فيما تقدمه وتعتمد بشكل أساس على مواقع التواصل الاجتماعى التى تتحدث فى كل شيء بغير دراسة واعية حتى إنهم يختلفون فى الفهم والتناول. وبالفعل هناك تناقض حاد فى قرارات الأمم المتحدة، ولا استبعد وجود مخطط استعمارى لبعض القوى الأجنبية فى هذه المنطقة، هذه القوى تدخل الآن من باب التجارة، وعن طريق المدارس، وعن طريق الفن، وعن طريق الثقافة، وعن طريق أشياء أخرى كثيرة لا تخيلها.
الأهرام : ولماذا لا نعرض مساعدات لمحاولة حل القضية .؟
هذه فكرة جيدة بالفعل أن نطرح مساعدات ونحاول الدخول من هذا الباب فنرسل لهم دعاة من الأزهر، مدرسين، مثلما فعلنا أيام الرئيس عبدالناصر فى إفريقيا، وأيضا أيام السادات، نعرض مساعدات، قد تكون فنية، أو اجتماعية، أو وفد من الدبلوماسية الشعبية، فهذه هى القوى الناعمة، بالإضافة لعمل تبادل ثقافى ، فنحن نريد تغيير هذا الواقع الأليم بطرق غير تقليدية.
المشاركون فى الندوة:
د. طارق شعبان
المشرف على الوحدة الإسبانية بمرصد الأزهر
د. كمال بريقع حسن
المشرف على الوحدة الإنجليزية بمرصد الأزهر
د. أسامة الحديدي
عضو المكتب الفنى لوكيل الأزهر
د. محمد عبد الفضيل
منسق مرصد الأزهر
د. حسن وجيه
خبير تفاوض دولي
د. يوسف عامر
المشرف على مركز الأزهر للرصد والفتوى الإلكترونية
د. رمضان قرنى
خبير الشئون السياسية بالهيئة العامة للإستعلامات
د. عزة فتحي
أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.