عاد الفرقاء الليبيون للعاصمة التونسية أخيرا لاستئناف مباحثات تعديل اتفاق الصخيرات برعاية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة، وذلك بين لجنتى الحوار الممثلتين لبرلمان طبرق (مجلس النواب) ومجلس الدولة بطرابلس ( المجلس الأعلى للدولة ) ، وهما المعنيان وحدهما وفق بنود الاتفاق نفسه بتعديله . جولة المباحثات الجديدة هى الثانية بعد الجولة الأولى التى انطلقت 26 سبتمبر فى العاصمة التونسية واختتمت الأحد الأول من أكتوبر. وبين نهاية جولة وبداية أخري، ذهب الوفدان الليبيان للتشاور والنقاش كل مع مجلسه فى طبرق وطرابلس.واستبق مجلس الأمن الدولى بنيويورك انطلاق الجولة الثانية بإصدار بيان رئاسى يدعم فيه مباحثات تونس وخطة الأممالمتحدة الجديدة التى أعلنها سلامة أمام الجمعية العامة للمنظمة الدولية فى 20 سبتمبر الماضى الاستئناف عملية سياسية شاملة يكون زمامها فى يد الليبيين وتتولى الأممالمتحدة تسييرها وقيادتها . كما أعرب البيان عن قلقه ل «تدهور الوضع الأمنى والاقتصادى والإنسانى بليبيا» و«إزاء خطر الإرهاب والاتجار بالأشخاص والبضائع غير المشروعة باعتبارها تهدد بتقويض الانتقال الديمقراطى» كما أكد بيان مجلس الأمن «ضرورة وجود قوات أمنية وطنية موحدة ومعززة فى إطار حكومة مدنية موحدة» وحث الليبيين على توحيد جهودهم فى مكافحة الإرهاب. من جانبه حذر المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطنى الليبى من انه فى حال فشل حوار تونس فى ايجاد حل سياسى سيكون الباب مفتوحا على مصراعيه أمام الشعب الليبى لتقرير مصيره بنفسه وأن قواته المسلحة ستكون رهن ارادته فى معركة الأمن، معتبرا أن كسبها هو الانتصار الحقيقى . ومع بدء الجولة الثانية نشر الموقع الإلكترونى لبعثة الأممالمتحدة للدعم فى ليبيا ومقرها تونس تغريدة للمتحدث الرسمى باسمها نقلت عن غسان سلامة تمنياته بالنجاح فى التوصل الى «تفاهمات تخرج العملية السياسية من مأزقها» فضلا عن أمله فى «التوصل خلال الأيام القليلة المقبلة الى اعتماد آلية شفافة تضمن وجود مجلس رئاسى مصغر يجسد وحدة البلاد وحكومة تضع نصب أعينها معالجة الأوضاع المعيشية الصعبة وتهيئة البلاد لانتخابات رئاسية وتشريعية حرة و نزيهة خلال عام».وترجح التوقعات أن الجولة الثانية والتى بدأت 14 أكتوبر الحالى قد تستغرق أسبوعين وأنها قد تكون الأخيرة .لكن يصعب الحديث بثقة عن التوقيتات أو الإنجازات. وجولة المباحثات الأولى بدأت بدورها متأخرة عن موعدها الذى جرى إبلاغ الصحفيين به لنحو ساعتين. وعندما انعقدت الجلسة الافتتاحية حدد سلامة فى كلمته هدف المباحثات فى إجراء تعديل محدود على بنود اتفاق «الصخيرات» الذى عقد بالمغرب 17 ديسمبر 2015 وبما يسمح بعقد مؤتمر وطنى ليبى يطلق مراحل خطة التسوية السياسية التى أعلن خطواتها المتدرجة أمام دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك وتنتهى خلال عام واحد بانتخابات تشريعية ورئاسية. ثم عاد سلامة فى مؤتمر صحفى بعد ساعة من الافتتاح مباشرة ليبلغ الصحفيين ان البنود المطلوب تعديلها لاتتجاوز ثلاثة أو أربعة «من اتفاق يحتوى على 81 بندا منها 15 اضافية فضلا عن مجموعة ملاحق». مصادر دبلوماسية مطلعة على سير وتفاصيل المباحثات الليبية أبلغت «الأهرام» بجانب من تفاصيل ما جرى فى الجولة الأولى . وقالت تلك المصادر إن الاجتماعات جرت على هيئة مباحثات مباشرة بشكل يومى بين وفد برلمان طبرق المكون من 23 عضوا برئاسة عبد السلام نصية ووفد مجلس الدولة المكون من 13 عضوا برئاسة فرج موسى بإشراف مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، وقالت ان النقاط المطلوب تعديلها هى فى الواقع نحو ست نقاط باضافة نصوص متعلقة بالبنود الثلاثة أوالأربعة التى أشار اليها غسان سلامة عند الافتتاح .و تتقدمها اعادة تشكيل هياكل السلطة التنفيذية «المجلس الرئاسى والحكومة» للمرحلة الانتقالية وبهدف ان تصبح أكثر فاعلية . وانتهت الجولة الأولى الى رفع الأمر للبرلمان ولمجلس الدولة برمتيهما بعدما ثار الجدل بين الوفدين المشاركين فى المباحثات بشأن تلك الأسماء.وبشأن الصلاحيات تقرر ان يتقاسم المجلس الرئاسى والحكومة التى يرأسها رئيس وزراء الصلاحيات التنفيذية، فتكون مهام الدفاع والأمن والخارجية للمجلس الرئاسى وإدارة الشئون الحياتية اليومية للحكومة. واشارت المصادر الى ان الجولات المقبلة من المباحثات الليبية أمامها تحديد المزيد من ملامح الحكومة . وبشأن مسألة الجيش الوطنى قالت المصادر إن الجولة الأولى لم تتوصل الى شيء محدد وتقرر رفع الأمر الى البرلمان ومجلس الدولة فى طبرق وطرابلس. وقالت إن المسألة الجوهرية كانت هى: من سيتولى القيادة العليا للقوات المسحلة الليبية؟، وبعدما نص اتفاق الصخيرات على ان يكون رئيس مجلس الرئاسة. وخلال مباحثات الجولة الأولى طرح نواب بالبرلمان أن يتولى رئيسه «البرلمان» المنصب استنادا الى شرعيته الانتخابية أو الاستمرار فى صيغة اتفاق الصخيرات، إلا أن هذه النقطة ظلت معلقة بلا حل وتأجل حسمها. وقالت مصادر المباحثات ان الجولة الأولى توصلت الى اتفاق على تمديد عمل البرلمان حتى يعتمد كل التعديلات المطلوبة على اتفاق الصخيرات و الى حين انتهاء المرحلة الانتقالية الجديدة . وأضافت أن المبعوث الدولى سلامة سيطلع بعد اختتام المباحثات الأطراف الإقليمية والدولية على نتائجها وسيجرى رفع التعديلات التى تعكف على صياغتها لجنة مصغرة من أعضاء وفدى برلمان طبرق ومجلس الدولة بطرابلس الى البرلمان والمجلس لاعتمادها ثم تنطلق خطة الأممالمتحدة الى تشكيل المؤتمر الوطني, وإن كانت هناك سيناريوهات اخرى تتوقع التراجع عن هذه الخطوة لمخاوف استجدت من تعقيدات تحول دون تشكيله على نحو يعكس الإجماع الليبى . وأكدت المصادر أن مسألة تشكيل المؤتمر الوطنى الجديد غير مطروحة على المباحثات الليبية بتونس .