هذه العبارة قالها ابراهيم عليه السلام, وتعكس إيمانا يقينيا بالله عز وجل, وتسليما اليه, واعتمادا عليه, بأن الله سيهديه سبيله, فهو الذي خلقه وأوجده.. ولم يكتف ابراهيم بها بل أضاف اليها الذي خلقني فهو يهدين. والذي هو يطعمني ويسقين. واذا مرضت فهو يشفين. والذي يميتني ثم يحيين. والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين( الشعراء78 82). وقد امتدحه رب العالمين, وأوصي خاتم الأنبياء والمرسلين محمدا صلي الله عليه وسلم بأن يسير علي نهجه, بقوله عز من قائل ثم أوحينا اليك أن اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما كان من المشركين( النمل123).. درجة يقين ابراهيم عليه السلام بالله تبارك وتعالي, والتسليم له والاعتماد عليه, كانت درجة عالية رفيعة, الي الحد الذي اختصه رب العالمين بأن يكون خليلا له وقد أظهر ابراهيم تسليمه لله سبحانه بأن هم بذبح ابنه اسماعيل وهو وحيده في ذلك الوقت حين رأي في المنام أنه يذبحه, واعتبر هذه الرؤية أمرا من الله بأن يفعل ذلك, فلم يتردد, وانما طرح الأمر علي ابنه وهو المطلوب ذبحه فلم يظهر جزعا وانما أذعن لارادة الله قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء وحينما هم ابراهيم بذبح فلذة كبده امتثالا لأمر الله منعه ربه من اتمام الذبح, مقدرا له امتثاله وصبره علي هذا الابتلاء, ايمانا وتسليما لله عز وجل. هذا مثال نادر للامتثال لأمر الله والتسليم له, والعبرة من هذه القصة أن نستسلم لله ولانعترض علي قضائه, حيث يقول المولي إنه من عبادنا المؤمنين فالقصد هو أن يأخذ المؤمن نفسه بالتسليم لله ومن يسلم وجهه الي الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقي والي الله عاقبة الأمور( لقمان22) ومن يسلم وجهه الي الله أي من يسلم نفسه الي الله, فقد سلم, لأن بيد الله عاقبة الأمور ومآلاتها.. والذي يستسلم لله عز وجل ويتوكل عليه فهو في أمان, لأن الله معه في كل المواقف, وقد أعطانا الله المثل في اشفاق موسي وأخيه هارون من المهمة التي كلفهما بها ربهما, وهي مواجهة فرعون قالا ربنا إننا نخاف أن يفرط علينا او أن يطغي. قال لا تخافا انني معكما أسمع وأري( طه45 46). فالله حاضر معنا في المواقف كلها, فاذا توكلنا عليه, فلا ينبغي أن نخشي شيئا, مثلما يقول لمحمد صلوات الله عليه وسلامه وتوكل علي العزيز الرحيم. الذي يراك حين تقوم. وتقلبك في الساجدين( الشعراء217 219).