عندما نشرت رسالة عائلة لاتري الشمس قبل شهرين تقريبا كنا نحسب أن تلك العائلة وحدها هي من تعاني فقدان البصر لجميع افرادها, ولكن فور نشر الرسالة وردت عشرات الرسائل من عائلات تعاني المرض نفسه. وقد اخترت منها هاتين الرسالتين, والغريب أن احدي العائلتين تقيم في نفس القرية التي تقيم فيها عائلة لاتري الشمس. عيون البنات بعد أن قرأت في بريدكم قصة عائلة لاتري الشمس كنت احسب ان هذه القصة لجيراني في القرية لانهم تقريبا بنفس ظروفها وملابساتها, وكانت المفاجأة انها لاتخص جيراني القريبين مني وان كانت تخص أسرة شبيهة بها, فالأسرة التي أكتب إليكم بشأنها تتكون من أب وأم وثلاث بنات, الأب يعمل في إحدي ورش سمكرة السيارات لدي الغير ولديه مشكلات متعددة في بصره وقد رزقه الله ببنات آية في الجمال كبراهن عشرون عاما وهي طالبة في المرحلة الثانوية, والوسطي في السادسة عشرة من عمرها وهي في المرحلة الاعدادية, وآخر العنقود عمرها ثلاثة عشر عاما وهي طالبة في المرحلة الابتدائية وجميعهن مصابات بالعمي بسبب ضمور بصري هاجم عيونهن منذ سن صغيرة دون سبب معروف, فيأتي علي ابصارهن تماما وعلي الرغم من الحالة المادية الصعبة لوالد البنات والدخل المتواضع جدا, فان ذلك الرجل صبر علي ابتلاء الله وامتحانه ولم يكف أو يتواني عن البحث عن علاج لبناته وألحقهن, برغم إعاقتهن, بالتعليم, ولك ان تتخيل كيف تقود الام كل يوم بناتها المكفوفات الي المدرسة يوميا ولاتفارقهن في أية حركة داخل المنزل, والاب منذ الصباح الباكر وحتي ساعات متأخرة من الليل يعمل حتي يوفر مصروفات العلاج والفحوصات الطبية في مستشفيات العيون والرمد املا في علاج بناته ولكي ينقذ بصره هو الآخر من الضياع, فتتشرد العائلة كلها.
طيور الظلام أنا شاب عمري23 عاما وادرس في كلية اصول الدين بجامعة الازهر, وشقيقي الذي يصغرني عمره19 عاما ويدرس في نفس الكلية التي ادرس بها, واصغر اشقائي تسع سنوات وهو الذي كتب لك هذا الخطاب الذي أمليته عليه, وارجو أن تعذرني علي رداءة الخط, وان تلتمس لي عذر عدم كتابته بنفسي, لأنني كفيف منذ العاشرة من عمري, وكذلك شقيقي الذي يصغرني كفيف منذ ان بلغ السن نفسها, وشقيقي الذي يكتب اليك هذا الخطاب فقد عينا والأخري في طريقها لكي يفقدها ليتكرر معه نفس السيناريو الذي تكرر معي ومع شقيقي, فقد فقدنا عينا واحدة ونحن في الثامنة من العمر, والثانية فقدناها عندما اتممنا العاشرة, والسبب هو زواج الاقارب, فنتيجة اختلال في الجينات ولدت انا واشقائي بعيوب في بصرنا ادت الي العمي وفقدان البصر, وللحق فان والدنا يحس بتأنيب الضمير مما حدث لنا ولكنها اقدار الله, وهو يعمل خفيرا نظاميا ببضعة جنيهات لاتكفي لإطعامنا حتي آخر الشهر, ومع ذلك يعمل الي جانب وظيفته حتي يوفر نفقات تعليمنا الجامعي, ووالدتي المسنة تعمل هي الاخري في خدمة البيوت, وعندما تأتي الي المنزل تعكف علي خدمتي انا وشقيقي الكفيف, وعلي الرغم من فقداني بصري إلا انني أبحث عن أي مناسبة دينية او مأتم في قريتنا حتي اقرأ فيه بضع آيات من القرآن وأجني بعض الجنيهات التي تعينني علي دفع مصاريف الكلية وشراء الكتب, بالاضافة الي الملبس, واحيانا كثيرة لا أذهب وشقيقي الي الكلية بسبب عدم توافر المال, وكل ما آمله برغم الظلام الذي اعيش فيه ليل نهار هو ان اكمل طريقي في التعليم, وان اجد وظيفة تقيني شر الموت جوعا بعد وفاة والدي ووالدتي, فهما لن يدوما لي أو لاشقائي, وسنواجه بعدهما مصيرا أشد ظلمة مما نعيشها الآن. * كلنا مبتلون.. وكلنا نكابد ونعاني, لكن الفرق بين هذا وذاك هو أن المؤمن لايشكو ولايكتئب, وانما يعلو فوق آلامه ويتحمل متاعب الدنيا, ويلجأ الي الله طالبا العون ملتزما بأنه سيعوضه خيرا. وأرجو أن تدركوا هذه الحقيقة لكي تعيشوا في سلام وأمان.. ولأن مع العسر يسرا, فإن الله سوف يهدي لكم من يأخذ بأيديكم الي بر الامان سواء بالعون المادي المباشر لمساعدتكم علي أعباء الحياة, أو العلاج لدي الأطباء من أهل الخير الذين يسارعون الي نجدة المرضي ابتغاء وجه الله.