نفذه مواطن تركي الجنسية.. كواليس حادث طعن جديد في القدس المحتلة    عضو مجلس الزمالك: انفراجة في أزمة مستحقات باتشيكو    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    نيابة عن الرئيس السيسي.. «المشاط»: 462 مليون مواطن بمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء يعانون من الفقر    بدء تسليم وحدات إسكان الشباب في الإسماعيلية 8 مايو.. اعرف التفاصيل    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    وزير التنمية المحلية يهنئ رئيس مجلس الوزراء بمناسبة عيد العمال    بن غفير: نتنياهو وعد بدخول رفح الفلسطينية وعدم إنهاء الحرب في غزة    إطلاق مسابقة الحلول الابتكارية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بجامعة بنها    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    شاهد بالبث المباشر الاتحاد و الهلال اليوم في كأس خادم الحرمين الشريفين    للعام الخامس على التوالي.. بنك مصر يرعى الاتحاد المصري للتنس    أفكار لقضاء يوم شم النسيم 2024 بأقل التكاليف    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    15 مايو.. أولى جلسات محاكمة 4 مسئولين كهرباء في حريق ستوديو الأهرام    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    مدحت العدل: هناك نصوص أدبية تسري بين سطورها روح الدراما    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    استشاري مناعة: آن الأوان لتعليق استخدام لقاح استرازينيكا (فيديو)    تفاصيل زيارة وفد منظمة الصحة العالمية لمديرية الصحة في أسيوط    أمير الكويت يصل مطار القاهرة للقاء السيسي    قبل عرضه .. تعرف على قصة مسلسل «انترفيو» ل رنا رئيس    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    رئيس وزراء بيلاروسيا: مستعدون لتعزيز التعاون الصناعي مع مصر    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    رئيس الزمالك يعلن استمرار زيزو وعواد مع الفريق ويشيد بفتوح    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    نتنياهو يطالب بايدن بمنع المحكمة الجنائية الدولية من إصدار مذكرات اعتقال بحق إسرائيليين    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    ساويرس يوجه رسالة مؤثرة ل أحمد السقا وكريم عبد العزيز عن الصديق الوفي    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    "عايز تتشهر ويجيبوا سيرتك؟".. متحدث الزمالك يدافع عن شيكابالا بهذه الطريقة    رئيس جامعة بنها يفتتح معرض الزهور الأول احتفالا بأعياد الربيع    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    الزمالك يحسم مصير زيزو وعواد    وزير التجارة والصناعة يرافق رئيس الوزراء البيلاروسي خلال تفقد الشركة الدولية للصناعات    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    ألقوه من فوق مبنى.. استشهاد فلسطيني على يد قوات الاحتلال في الضفة الغربية    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قليل من ملح الرومانسية !
نشر في الأهرام اليومي يوم 13 - 10 - 2017

زمان الأبيض والأسود كان مفرطاً فى رومانسيته، مليودرامياً فى تطرفه: فالبشر إما ملائكة أو شياطين، إما فرسان نبلاء فتيان شاشة وسيمون أو أشرار خبثاء، إما فتيات جميلات مضحيات بالذات من أجل المحبوب أو الأسرة، أو نسوة ساقطات وعجائز حيزبونات..
كل هذا طبيعى فى سينما الأبيض والأسود، فالأشياء والمرئيات إما بيضاء أو سوداء. وإن كانت هذه المبالغات مزعجة أو مضحكة، فإنها كانت تعكس مجتمعاً تسيطر عليه أخلاق ومثاليات الطبقة المتوسطة التى اخترعت الأخلاق والرومانسية والمثل العليا، وسيطر ذوقها فى زمان قوتها على الشعر والأدب والسينما والأغانى العاطفية والقيم الاجتماعية والخطب الوطنية. وحين اهتزت الطبقة
المتوسطة منذ منتصف السبعينيات، وفى نفس الوقت ظهرت السينما الملونة والتليفزيون الملون، شفيت السينما من الميلودراما، لكن المجتمع بدأ يعانى من أعراض انسحاب الرومانسية بتسارع مطرد، ظهر أول ما ظهر فى الأغانى ثم امتد إلى السينما والشعر والأخلاق والعلاقات الاجتماعية والمواقف والعواطف تجاه الوطن أو تجاه الجنس الآخر. واهتزت المثل بشدة مع اهتزاز الطبقة المتوسطة المتعلمة المفكرة الحالمة. وانقلب الحال، مع تراكم عقود انسحاب البساط من تحت أقدام الطبقة الوسطى، من المثالية والرومانسية المفرطة إلى السوقية المفرطة فى أغانى الحب مثلا وإلى الفجاجة التى تجعل المرء يشتهى قليلاً من ملح الرومانسية كى نبتلع وجبتنا اليومية من الحياة فى الوطن العزيز، وقد انضبط الطعم بعض الشىء. على سبيل المثال، كانت معاكسة الفتيات والتحرش بهن، فى زمن الأبيض والأسود، عادة لا تتعدى القول والاعتداء اللفظى بكلمات مثل : يا جميل.. أو يا قمر.. أما الآن ... !!!! لا تعليق.
وحين أستخدم كلمة رومانسية هنا، فأنا لا أعنى المعنى الضيق المرتبط بالحب والغرام، بل الموقف العام من الحياة : الذى ينفر من الواقعية المفرطة القائمة على الأنانية وتقديس الذات وعبادة القوة وقانون الغاب، والذى يتأثر بالمثل العليا مثل الإيثار والتضحية وتبجيل الوطن وإجلال العلم والعلماء وإتقان العمل والتمسك بالشرف والأمانة والضمير.. أى الحد الأدنى من ملح المثل والأخلاق الذى يجعل للحياة طعماً.
لا أقول إن كل هذا اختفى.. لكن لاشك أنه اهتز، مع وقوع الطبقة المتعلمة تحت ضغوط هائلة منذ عقود السبعينيات وحتى الآن، جعلت الكثير من أبنائها يهتز إيمانهم بالمثل التى سادت المجتمع تحت قيادتهم وقدوتهم. صحيح رحمنا الله من مليودراما أفلام الأبيض والأسود، لكننا نضبط أنفسنا أحياناً ونحن نشتهيها.. حين نستمع إلى أغانى ردح المحب للمحبوب، وكأننا فى خناقة. وإذا كانت فكرة أن الحب من غير أمل أسمى معانى الغرام فكرة سخيفة، فإن اختفاء الموسيقى من أغانى المهرجانات ظاهرة تكاد تكون مفزعة. كما أن اختفاء موسيقى الشعر من قصيدة النثر تجعلنا أحياناً نحن إليها ونفتقدها، مع الاعتراف الكامل للشعر المنثور بحق الوجود. أحن إلى العود وتقاسيم القانون، وعبارات الغزل الرقيق، وخطب مصطفى كامل الوطنية حتى وإن بالغ قليلاً حين قال : «لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً».. وأحن أحياناً إلى الأفلام التى يضحى فيها البطل أو البطلة بنفسها من أجل المحبوب حتى وإن كان بعضها سخيفاً مضحكاً.
قليل من ملح الرومانسية يصلح القلب والمعدة، ويجعل لوجبتنا اليومية الفنية والاجتماعية والوطنية مذاقا أشهى.. وحبذا لو تذكرنا القيمة العليا للطبقة المتوسطة فى مصر وفى كل مكان وأنها حارسة القيم ومبدعة الفنون والآداب والعلوم والمُثل والأخلاق، وأن قوتها وثباتها ورسوخها أساس قوة الوطن ورفعته ورقيه.. من أغانى الحب إلى النشيد الوطنى ودستور البلاد.
لمزيد من مقالات بهاء جاهين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.