وجد الإبداع من يدافع عنه, ويطالب بفك قيوده وأسره من سجن الروتين, والبيروقراطية بانبثاق اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق وحريات الفكر والإبداع من رحم المجلس الأعلي للثقافة. فقد أعلنت اللجنة عن نفسها ككيان شرعي عقد مؤتمره الأول يومي5,4 يوليو الحالي بدار الأوبرا, وتضمنت اثني عشر بحثا ناقشت غالبية فروع الفكر والإبداع. وتناول بحثان منهما الرقابة والسينما أولهما للباحث عماد مبارك بعنوان الرقابة علي المصنفات وتأثيرها السلبي علي حرية الإبداع, أما الثاني فأعده د. كامل القليوبي بعنوان قمع السينما مائة عام وعام من الرقابة..ليظهر لنا كيف يري المبدعون خاصة السينمائيين أن الجهاز الرقابي بقوانينه التي أكدوا شيخوختها لا يصلح في وقتنا الحالي, فخلص الباحث الأول في نهاية بحثه إلي ضرورة إعادة النظر في استمرار الجهاز من عدمه, والتدقيق بإمعان في قرار وزير الثقافة والإعلام رقم220 لسنة1976 بشأن احتوائه علي القواعد الأساسية للرقابة علي المصنفات الفنية..في حين ختم الباحث الثاني ورقته بتشككه في تنفيذ القانون البديل للرقابة الذي يجري بحثه بسبب تولي رئاسة الجمهورية لمرشح من التيار الديني يري الباحث أنهم ضد الإبداع. جاء البحثان ذا صلة بموضوع واحد, لكن تميز البحث الأول بأكاديميته وتطبيقه لمبادئ البحث العلمي صاحب المنطق في العرض والتحليل في تعامله مع مادته من منطلق العلاقة الجدلية بين الفن والمجتمع, ومن ثم جاء بحثه مرتبا الأفكار بداية من العرض التاريخي لفكرة الرقابة وقوانينها منذ العصر الروماني, وصولا إلي القرار رقم220 لسنة..1976 وتضمن هذا العرض تحليلا لطبيعة إصدار هذه القوانين طبقا للظرف السياسي والاجتماعي. علي العكس من ذلك جاء البحث الثاني مشوبا بضعف التناول والتحليل بسب اعتماد البحث علي الخلط بين دور الرقابة في تطبيق معايير الرقابية علي العمل الفني, واستخراج التصاريح التي تبتعد كل البعد عن دور الجهاز الرقابي..إلي جانب اعتماد عرضه في كثير من مقاطع البحث علي الهجوم والتوصيف غير الأكاديمي لبعض الأوضاع, والتي ظهرت وكأنها قناعات شخصية وليست قائمة علي أساس علمي ومنطقي كسابقه. لكن تبقي المحاولة خطوة جديدة بإنشاء هذه اللجنة لتطوير الإبداع, وتوسيع مساحة حريته بفك قيوده..يبقي أن ينظر القائمون علي أعمال هذه اللجنة للأبحاث بعين أكاديمية متخصصة; خاصة في ظل اعتمادها علي المادة البحثية في معالجتها للقضايا..والأهم هو الحضور الجماهيري القوي الذي يسعي للوصول لحلول بعيون متخصصة, وهو مايجب أن يراعي في اتساع رقعة الجذب الجماهيري.