سيناريو القتال المستحيل

ماذا ستفعل الولايات المتحدة إزاء التحدى الذى أظهرته القيادة الكورية الشمالية فى مواجهتها؟، فمنذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار فى الحرب الكورية خلال شهر يوليو من عام 1953 تدرك واشنطن صعوبة إنهاء النزاع مع كوريا الشمالية عسكريا، خصوصا أن الإقليم ذاته شهد العديد من الهزائم الأمريكية العسكرية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى اليوم.
سيناريو القتال هو الأبعد عن التحقق حاليا، فوفق التقديرات الاستراتيجية من غير المتوقع أن تبدأ كوريا الشمالية بتوجيه الضربة العسكرية إلى خصومها، خصوصا إذا كانت بسلاح غير تقليدى، سواء كان ذلك إلى الولايات المتحدة أو كوريا الجنوبية أو اليابان.
ويرى الخبراء أن الولايات المتحدة تمتلك قدرات عسكرية هائلة فى شرق آسيا، بما يمكنها من توجيه ضربة ساحقة لكوريا الشمالية، وأساس القوة الأمريكية هو الأسطول السابع ومجموعة القوات البرية والجوية المتمركزة فى اليابان وكوريا الجنوبية، ويقدر تعداده الإجمالى بأكثر من 70 ألفا، وبالتالى وفى ظل عدم نقل قوات إضافية من الولايات المتحدة، فإن واشنطن قادرة على أن توجه ضربات هائلة لبيونج يانج، بحرا وجوا، وكذلك القيام بعمليات برمائية.
ويرى الروس أنه فى غضون ساعات قليلة يمكن للولايات المتحدة قصف كوريا الشمالية بقنابل نووية بواسطة الطائرات بعيدة المدى، وقد تشن أمريكا هجوما نوويا على كوريا الشمالية بواسطة السفن والغواصات.
كما شكلت الولايات المتحدة تحالفا عسكريا قويا ضد كوريا الشمالية، ووفق إحصائيات «جلوبال فاير باور» تشغل الولايات المتحدة المرتبة الأولى فى ميزان القوة العسكرية، واليابان المرتبة السابعة، وكوريا الجنوبية الحادية عشرة. وعلى الرغم من تلك الجبهة القوية التى تستند إليها واشنطن، والتى قد تمنع بيونج يانج من تحقيق نصر عسكرى واضح فى حرب محتملة ضدها، فإن هذا لا يعنى أن بيونج يانج لن تبدى مقاومة شديدة وتنزل خسائر فادحة بمن يهاجمها.
وفيما يتعلق بما سيحدث إذا إندلع القتال فإن الولايات المتحدة إذا بادرت وهاجمت كوريا الشمالية جويا وصاروخيا فإن ضربة الرد الكورية الشمالية ستهدد مباشرة حياة 25 مليون نسمة من سكان عاصمة كوريا الجنوبية سيول، حيث سبق أن لوحت كوريا الشمالية بشن ضربة ضد القواعد العسكرية الأمريكية فى كوريا الجنوبية، واليابان، بالإضافة لبعض المنشآت الحيوية فى كوريا الجنوبية حال تعرضها لهجوم من قبل الولايات المتحدة، ولوحت بأن الرد سيشمل إمكانية توجيه «ضربة وقائية» في البر، والبحر، والجو. كما هددت بتدمير حاملة الطائرات الأمريكية «كارل فينسون» حال وقوع هجوم أمريكى.
وتعد فكرة وقوع هجوم نووى تنفذه غواصات تابعة لكوريا الشمالية بصواريخ بالستية نووية، من أكثر السيناريوهات المرعبة والمتوقعة التى تؤرق أمريكا وكوريا الجنوبية واليابان، حيث تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية تمتلك نحو 70 غواصة، ولكن من المرجح أن يكون جزء قليل منها قادرا على شن هجوم بالصواريخ الباليستية، كما تمتلك كوريا الشمالية كل الإمكانات لتجميع رأس نووى حربى صغير تجهز به صواريخ كورية الصنع منخفضة التكلفة. وكانت وسائل إعلام كورية شمالية عرضت فى عام 2016 لقطات لعملية إطلاق صاروخ من غواصة تحت الماء، وصل مداه نحو 310 كيلومترات، إلا أن الخبراء رجحوا المدى الحقيقى للصاروخ بألف كيلومتر. ونبه الخبراء إلى أن نظام «ثاد» الصاروخى الدفاعى، الذى نشرته الولايات المتحدة فى كوريا الجنوبية، موجه لكشف التهديدات الصاروخية من الشمال تحديدا، لكن صواريخ كوريا الشمالية البحرية التى تطلق من تحت الماء، قد تأتى من الشرق أو الغرب أو الجنوب، وبالتالى لن يتمكن النظام الدفاعى من كشفها ويمكنها اختراق كل الدفاعات. ويذهب البعض إلى أنه فى حال وقوع هجوم، سيتم حشد جيش كورى شمالى ضخم، حيث أعلن 3 ونصف مليون شخص تطوعهم خلال الأيام الماضية لبدء سيناريو صراع واسع النطاق.
وفى حال شن هجوم أمريكى أو من حلفائها فإنه يُتوقع أن تغزو بيونج يانج كوريا الجنوبية، فى عملية يرجح أن يكتب لها النجاح، فكوريا الشمالية متفوقة فى أسلحة الدمار وعدد الجنود، ووفقا لتقديرات مختلفة يتراوح العدد بين 690 ألفا، ومليون و200 ألف عسكرى، لكن يتوقع بعض الخبراء أن تتعرض كوريا الشمالية لموقف متزايد فى الصعوبة حال إطالة أمد المواجهة أو إقدام الولايات المتحدة على إشراك قواتها البرية.
فهناك سيناريو يقول إن واشنطن قد لا تكتفى بتوجيه ضربة جوية صاروخية لكوريا الشمالية بل قد تشن عملية جوية برية مثل ما فعلته فى أفغانستان والعراق، ووفق السيناريو المطروح فإن مهمة القوات الأمريكية لن تكون سهلة وستخوض قتالا عنيفا من أجل تدمير قوات كوريا الشمالية قد يمتد لفترة لا تقل عن ستة أشهر، فكوريا الشمالية ستقاوم بشدة مستعينة بالحرب الشعبية. وهناك سيناريو آخر يتعلق باحتمال التدخل الصينى العسكرى لحماية الكوريين فى تكرار لما حدث فى الخمسنيات من القرن الماضى.