مؤخرا ازداد الحديث عن الجيل الرابع من الحروب خاصة فى ظل الحرب الضروس التى تتعرض لها مصر منذ ثورة الثلاثين من يونيو 2013 . ولذلك سنحاول اليوم شرح مفهوم هذه الحرب والتمييز بينها وبين الأجيال السابقة للحروب التى عاشتها البشرية منذ الخليقة حتى الآن ويصف البعض حروب الجيل الرابع بأنها «الحرب اللا متماثلة» بمعنى أنها عبارة عن صراع يتميز بعدم المركزية وباستخدام كل اشكال التكنولوجيا الحديثة والحرب النفسية . وقد سمع العالم مصطلح حروب الجيل الرابع للمرة الأولى فى عام 1989 من جانب فريق من المحللين الأمريكيين ، من بينهم المحلل الأمريكى ويليام ستِرگِس ليند لوصف الحروب التى تعتمد على مبدأ اللا مركزية وبعدها جرى إطلاق هذا المسمى على الحرب على المنظمات الإرهابية حسب المفهوم الأمريكى والتى يكون طرفى الحرب فيها جيشا نظاميا لدولة ما مقابل لا دولة أو عدو أو خلايا خفية منتشرة فى أنحاء العالم . وفيما يلى محاولة لتعريف أجيال الحروب وصولا إلى حروب الجيل الرابع التى نعانى منها فى مصر حاليا . حرب الجيل الأول: هى الحرب التقليدية بين دولتين وجيشين نظاميين ويعرفها الخبير العسكرى والكاتب الأمريكى ويليام ليند بأنها حروب الحقبة من 1648 حتى 1860 حيث عرفت بالحروب التقليدية (بالإنجليزية: Conventional War) بين جيوش نظامية وأرض معارك محددة بين جيشين يمثلون دول فى حرب ومواجهة مباشرة . وخلال حروب الجيل الأول يتم تنفيذ عدد محدود من العمليات العسكرية وتشمل عمليات المناورة والإلتفاف لتطويق الخصم وضربه فى أجنحته للقضاء عليه وتدميره وبدأت هذه النوعية من الحروب مبكراً من تاريخ البشرية واستمرت حتى منتصف القرن العشرين . حرب الجيل الثاني: يعرفها البعض بحرب العصابات (بالإنجليزية: Guerilla War) والتى كانت تدور فى دول أمريكا اللاتينية ويعرفها الخبير الأمريكى ويليام ليند بالحرب الشبيهة بالجيل الأول من الحروب التقليدية ولكن تم استخدام النيران والدبابات والطائرات بين العصابات والأطراف المتنازعة . وتتميز حرب الجيل الثانى بخصوصية أكثر دقة من ناحية القدرة على إحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر فى طرفى النزاع وهى حرب لها إستراتيجيتها وفكرها الخاص فهى تنشأ من الصراع المستمر والطويل مما يحتم عليها إتخاذ تدابير معينة ومحددة تتبع فيه أسلوب المفاجأة والمباغتة فى القتال ضد التنظيمات العسكرية التقليدية مدعمة بتسليح أقل عدداً ونوعاً من تسليح الجيوش بحيث تقاتل فى ظروف غير ملائمة للجيش النظامى بما يحقق ضربات موجعة للعدو فى معارك ومواجهات صغيرة ومتعددة تحقق لهم الهدف الأساسى وهو إضعاف قدرة الخصم وجعله يتراجع عن أهدافه تحت ضغط الضربات المتلاحقة من خصم يظهر ويختفى ويقاتل وفق إستراتيجية يفرض فيها نفسه وشروطه يحدد فيها مكانها وزمانها بما يضمن له النجاح فيها وتعتمد حرب العصابات على مساندة الإعلام بشكل رئيسى وذلك فى تصوير ونشر العمليات العسكرية قبل وأثناء وبعد أى عملية عسكرية أو كما يتطلب الموقف كما أن التركيز فى استخدام الدعاية والحرب النفسية مهم بالنسبة لعناصر حرب العصابات وذلك لكسب المزيد من الأنصار والتبرعات بالأموال. وانتشرت هذه النوعية من الحروب فى كثير من دول العالم خاصة فى أمريكا اللاتينية وأفريقيا ولعل أهم ما يميزها هو أنه ليس لها مقياس محدد لتسليح العناصر القتالية فى حرب العصابات ولكن لطبيعة ديناميكية الحركة والمناورة المستمرة فيها تكون الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بأنواعها المتعددة هى المفضلة والمعتمدة خلال عملياتها كما تحتاج لعنصر المباغته لإحداث أكبر تأثير . حرب الجيل الثالث: يعرفه البعض بالحروب الوقائية أو الاستباقية (بالإنجليزية: Preventive War) كالحرب على العراق مثلاً ، ويعرفها الخبير الأمريكى ويليام ليند ويصفها بأنها طوُرَت من قبل الألمان فى الحرب العالمية الثانية وسميت بحرب المناورات وتميزت بالمرونة والسرعة فى الحركة واستخدم فيها عنصر المفاجأة وأيضاً الحرب وراء خطوط العدو . وتتميز العمليات الخاصة بحروب الجيل الثالث باستخدم سلاح الطيران والقاذفات الإستراتيجية البعيدة المدى والصواريخ الموجهة على وجه الخصوص ولعل ما شاهده وسمع العالم عنه فى حرب العراق الثانية يلقى كثيراً من الضوء على نوعية هذه الحروب وتصاحبها فى العادة حملات إعلامية مركزة . أما حرب الجيل الرابع فقد اتفق الخبراء العسكريون بأن حرب الجيل الرابع هى حرب أمريكية صرفة طورت من قبل الجيش الأمريكى وعرفوها ب»الحرب اللا متماثلة» (بالإنجليزية: Asymmetric Warfare) حيث وجد الجيش الأمريكى نفسه يحارب لا دولة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، بمعنى آخر محاربة تنظيمات منتشرة حول العالم وهذه التنظيمات محترفة وتملك إمكانيات ممتازة ولها خلايا خفية تنشط لضرب مصالح الدول الأخرى الحيوية كالمرافق الإقتصادية وخطوط المواصلات لمحاولة إضعافها أمام الرأى العام الداخلى بحجة إرغامها على الانسحاب من التدخل فى مناطق نفوذها ومثال على هذه التنظيمات : القاعدة .. الخ . وتستخدم فيها وسائل الأعلام الجديد والتقليدى ومنظمات المجتمع المدنى والمعارضة والعمليات الأستخبارية والنفوذ الأمريكى فى أى بلد لخدمة مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية وسياسات البنتاغون . كما يطلق البعض عليها مسمى الحرب الهجينة لأنها عبارة عن نوع متميز من القتال يعجز فيه الجيش النظامى على الإطاحة بالخصم الذى يعتقد أنه غير محترف وهو عادة ما يكون كذلك لكنه يخوض حرباً غير نظامية بأفكار مبتكرة تعد خليطاً من مفهوم الحرب الشعبية والحرب الثورية وأسلوب حرب العصابات ووسائل الحرب الحديثة التى تتمتع بتكنولوجيا فائقة لا تخضع لشكل معين وقواعد ثابتة بدءاً من القيادة وإنتهاءاً بالعمليات الحالية خلالها و قد تصبح مجالاً مفتوحاً لصراع ينشأ بين الحكومات والجيوش ويتم تنفيذ عملياتها دون قيود أخلاقية وتستخدم فيه جميع وسائل القوة المتوفرة المسلحة وغير المسلحة لإجبار الخصوم للخضوع لإرادة من يشن الحرب حتى وإن تضمن ذلك سقوط الضحايا المدنيين بأعداد كبيرة . ومن مظاهر الجيل الرابع للحروب سعى الأفراد والمجموعات غير الحكومية للوصول إلى المعرفة المتطورة والتكنولوجيا الحديثة واستخدامها كوسائل هجومية فى معارك غير متماثلة لتحقيق المصالح الفردية والجماعية وذلك من خلال القدرة على تنفيذ الأعمال التخريبية من خلال الإنترنت والوسائط الإلكترونية المختلفة فيما بات يعرف بالحرب الرقمية.