بعض الناس يرددون ما حفظوه من جدول الضرب لكنهم يقفون في عجز كامل أمام حل المسائل الحسابية; يسمعون النظريات ويحتاسون في تطبيقها. وبينما يختلط الحابل بالنابل, بين المتخصصين وبين من لا يعرف في القانون الفرق بين الألف من كوز الذرة, لم يعد أحد يتردد في الشرح والإفتاء, ولم لا مادامت المغالطات هي سيدة الموقف؟ يقف مثل المخرج خالد يوسف يحاجج المستشارين القانونيين والفقهاء الدستوريين ويؤكد أنه قرأ ما نصه النص وفهمه من دون حاجة إلي تخصص! برافو! ولا يهم أن ما فهمه لا يعدو رغبته المسبقة في رفض حق الناخبين في استعادة برلمانهم الذي كلفهم الجهد والهمة والمال! لو استعرنا بداهة الطفل الذي لم ينافق لعدنا إلي منطق ثورة 25 يناير 2011, التي صار البعض يستخف بها وبثوارها وينكر شرعيتها الثورية ويسميها تمرد و يشير إليها الأستاذ أحمد رجب في نص كلمته بأنها الفوضي التي عشناها, لتذكرنا أنها أطاحت برئيس كان يحكم البلاد بالعسف والجور والقوانين المستبدة, وأن هذا الرئيس المخلوع سقط هو وقوانينه وأحكامه ومحاكمه ولا حق له ولا لذيوله في إدعاءات واجبة التقديس أوالإحترام, و أنه لا يجوز, بحكم الشرعية الثورية, أن يعلو صوت فوق إختيارات إختارها شعب مصر الباسل ودفع ثمنها بدماء غالية لشهداء منهم من رحلوا إلي رحمة الله ومنهم من يعيش بخسائره الجسمانية أحياء بيننا أو محابيس في المعتقلات ظلما. المطلوب حالا وفورا من السادة الذين أعطاهم الشعب ثقته, من أول السيد رئيس الجمهورية إلي كل نائب في البرلمان, أن يحرروا الآلاف من أبنائنا المحكوم عليهم والمعتقلين ظلما في قهر السجون, وهذا المطلب العاجل لا يتطلب ذكر حيثيات مضافة, وعلينا أن نعلم حق العلم المثل القائل: صاحب الحاجة أرعن! في سياق ثورة القاهرة الثانية مارس 1800, التي إستمرت 37 يوما, بعد أن أخل كليبر بالشروط التي وافق بها علي الخروج من مصر, والتي كان من بينها أن تكون نفقة رحيل عسكره علي مصر فاجتهد المصريون في جمع المال المطلوب بواسطة كبير تجار العاصمة السيد أحمد المحروقي, يذكر محمد فريد أبو حديد في كتابه السيد عمر مكرم, أن الثورة أدخلت قلوب المصريين عامة في بوتقة الانصهار ليتكون منها شعب جديد يتقارب فيه الأمير من العامي... وتنبغ من غمرات ذلك أمة حديثة يحس فيها الفرد بأنه للمجموع ويحس فيها المجموع بأنه من الأفراد, ولقد كانت حوادث الاضطراب الكبري أبدا هي المعالم الظاهرة في تاريخ الشعوب, ولو شئنا ضرب الأمثال لذكرنا من تاريخ كل شعب حوادث اضطرابه وثوراته, وكما جمعت ثورة 25 يناير 2011 كل أطياف المجتمع المصري; جمعت ثورة القاهرة مارس 1800 الأمراء المماليك إلي جانب العامة من أهل القاهرة, وهم بين بناء وقصاب وخضري وجعلوا قبلتهم جميعا تحرير مصر والجهاد في سبيلها. وشهد الفرنسيون من تلك الثورة غير ماكانوا يتوقعون فراسلوا بعض الزعماء يطلبون إليهم الصلح فذهب إليهم جماعة من المشايخ ففاوضوا الفرنسيين في شروط الصلح وكان في هؤلاء المشايخ الشرقاوي والمهدي والفيومي والسرسي وعادوا إلي الناس يحملون مطالبة الفرنسيين بايقاف الحرب علي أن ترجع الحال إلي ماكانت عليه قبل الثورة... فما كاد الناس يسمعون هذه الشروط حتي ثار ثائرهم ونادوا باستمرار الثورة وقد بلغ من حنقهم أن اعتدوا علي وفد المشايخ بالضرب ورموا عمائمهم إلي الأرض وأسمعوهم قبيح الكلام! صحيح يامصر: الذي أنجب لم يمت! المزيد من مقالات صافى ناز كاظم