وزير العدل يشهد أداء اليمين القانونية للأعضاء القانونين الجدد بمصلحة الشهر العقارى    150 مليار دولار.. خطة التوطين «الذكية» قاطرة مصر نحو المستقبل |خاص    صندوق تحيا مصر يطلق أسبوع الخير بالأقصر لدعم 10 آلاف أسرة و4 آلاف طالب    دونالد ترامب: سنلحق ضررا كبيرا بمن هاجموا قواتنا في سوريا    مصر تدين الهجمات علي مقر بعثة الأمم المتحدة بمدينة كدوقلي في السودان    «مو» يسجل رقماً قياسياً جديداً مع ليفربول.. ويشعل آنفيلد    مدرب بصالة ألعاب يعتدى على شاب لخلاف على قيمة مشروبات ببولاق الدكرور    تحقيقات موسعة في العثور علي جثة سيدة بالعمرانية    أمن الجيزة يكشف غموض مقتل سيدة بالعمرانية.. شقيقها وراء ارتكاب الجريمة    تفاصيل وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولي.. فيديو    مصطفى كامل يتصدر الترند بعد طرح «هما كده» في أقل من 24 ساعة    الأثنين.. افتتاح متحف المقرئين بالعاصمة الجديدة    بعد تسجيل عبلة كامل.. مفيدة شيحة تشيد بلميس الحديدي: رجّعتي لنا صوت بنحبه ونحترمه    "الإفتاء" توضح حكم صلاة المرأة دون ارتداء الشراب    مسئولو الإسكان يتابعون سير العمل بالإدارة العقارية بجهاز مدينة دمياط الجديدة    بحضور كمال وزكي.. وزير العمل يستقبل وفد لجنة الطاقة والبيئة بمجلس الشيوخ    كريستال بالاس ضد مان سيتى.. جوارديولا: ملعب بالاس صعب وفودين يتطور    صندوق تحيا مصر يطلق "أسبوع الخير" بالأقصر لتقديم أضخم حزمة خدمات اجتماعية وصحية ل 10 آلاف أسرة و4 آلاف طالب    كرة القدم وكأس العرب «1»    منتخب مصر يحقق برونزية بطولة كأس العالم للفرق المختلطة للاسكواش    محمد أنور يساند أحمد السقا بعد الهجوم عليه بسبب رسالته إلى محمد صلاح وليفربول    حل مجلس إدارة الزمالك؟ وزارة الرياضة توضح الحقيقة بعد بيان النيابة العامة    الإفتاء: التنمر عدوان محرم شرعًا.. وإيذاء الآخرين نفسيًا إثم مبين    العزل المنزلى!    باحث سياسي: حادث سيدني هزَّ المجتمع الأسترالي بأسره    البورصة تختنم تعاملات اليوم بارتفاع جماعي وربح 7 مليارات جنيه    محافظة القليوبية تنتهي من تجهيزات اللجان وترفع درجة الاستعداد    وكيل صحة سوهاج يلتقى مدير مستشفى جهينة المركزي لمناقشة تطوير الخدمات    «عبد الهادي» يتفقد الخدمات الطبية بمستشفى أسوان التخصصي    الفيوم تتميز وتتألق في مسابقتي الطفولة والإلقاء على مستوى الجمهورية.. صور    وفاة طفلة دهسا تحت عجلات القطار في محافظة أسيوط    إزاحة الستار عن تمثالي الملك أمنحتب الثالث بعد الترميم بالأقصر    إحالة المتهم بقتل موظف بالمعاش بالمنصورة لفضيلة المفتى    جريدة مسرحنا تصدر ملف «ملتقى الأراجوز والعرائس» إحياءً للتراث في عددها الجديد    وكيل تموين كفر الشيخ: صرف 75% من المقررات التموينية للمواطنين    الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا بزعم محاولة تنفيذ عملية طعن قرب الخليل    رافينيا: وضعي يتحسن مع لعب المباريات.. وعلينا الاستمرار في جمع النقاط    محمد صلاح ولاعب الزمالك بالقائمة.. موعد حفل جوائز ذا بيست 2025    "قيمة العلم والعلماء".. ندوة توعوية بكلية علوم الأرض بجامعة بني سويف    غلق 156 منشأة وتحرير 944 محضرا متنوعا والتحفظ على 6298 حالة إشغال بالإسكندرية    محافظ أسوان يتابع جهود مديرية الطب البيطرى لمكافحة مرض السعار    رئيس الوزراء الأسترالي: حادث إطلاق النار في سيدني عمل إرهابي    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    "القومي لحقوق الإنسان" يطلق مؤتمره الصحفي للإعلان عن تقريره السنوي الثامن عشر    هناك تكتم شديد| شوبير يكشف تطورات مفاوضات الأهلي لتجديد عقد ديانج والشحات    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    مصر تطرح 5 مبادرات جديدة لتعزيز التعاون العربي في تأمين الطاقة    "الغرف التجارية": الشراكة المصرية القطرية نموذج للتكامل الاقتصادي    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    سوريا تكشف ملابسات هجوم تدمر: المنفذ غير مرتبط بالأمن الداخلي والتحقيقات تلاحق صلته بداعش    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسئلة التنوير فى مكتبة الإسكندرية
نشر في الأهرام اليومي يوم 17 - 07 - 2017

لم يكن لقاء تقليديا ذلك الذي حمل عنوان «لقاء المثقفين والمفكرين» في المؤتمر الذي عقدته مكتبة الإسكندرية، والذي جمع أطيافا مختلفة من النخبة المصرية، وشرفت بحضوره، تلبية لدعوة كريمة من الدكتور مصطفى الفقي، المدير الجديد لمكتبة الإسكندرية، والذي تنتظر منه المكتبة ودورها الطليعي الكثير، والذي جاء خلفا للدكتور إسماعيل سراج الدين الذي قدم الكثير للمكتبة على مدى الخمسة عشر عاما الماضية، وكشفت النقاشات المكثفة التي دارت عن جملة من الإشكاليات التي لم تزل بحاجة إلى جلسات علمية ومنهجية تشتبك مع الواقع المصري وقضاياه الحياتية وتسعى صوب تقديم رؤى مغايرة تستند على التفكير الموضوعي والحلول الإبداعية.
بدا واضحا أن ثمة خلطا لدى البعض بين الطابع العالمي للمكتبة، والدور التنويري المحلي الذي يجب أن تلعبه، فعالمية المكتبة لا تعني بأي حال من الأحوال تخليها عن واقعها المصري والعربي، وقد لعبت المكتبة في هذا السياق دورا جيدا، وإن كان بحاجة إلى تعميق أشد، وقد أحسن الدكتور مصطفى الفقي قولا حين أدرك بحسه السياسي أن الدور الوطني المنشود للمكتبة يختلف عن الاشتباك السياسي المرفوض، ولا شك أن المشتركات الإنسانية هي الإرث الذي يجب على المكتبة أن تسعى صوب الحفاظ عليه والتأسيس لتعاون خلاق بين مصر ودول العالم في إطار هذه الصيغة الإنسانية الخلاقة الداعمة لحريات التفكير والبحث والتبادل العلميين وحرية الرأي والتعبير. وقد أدهشني هذا التصور التقني المحض لدى البعض في التعامل مع فكرتي السياسة والثقافة، والنظر إليهما باعتبارهما كيانين منفصلين، حيث يتجاهل هذا الوعي الغض ذلك الجدل المستمر بين السياسي والثقافي. وفي لحظة فارقة من عمر الأمة المصرية، بدا واضحا فيها أن هناك عطبا حقيقيا في أدوات صناعة العقل العام، وتقاعس المؤسسات المنتجة للمعرفة والمنوط بها تحرير الوعي المصري عن أداء دورها الطليعي في رفد الثقافة الوطنية بقيم طليعية جديدة ستكون ثمة مهام وغايات كبرى على المكتبة أن تنهض بها، بدءا من التكامل مع المؤسسات المعرفية والثقافية والعلمية الأخرى، ومرورا بالإسهام الفاعل في صناعة العقل العام، ووصولا إلى المشاركة في تهيئة المناخ العام الداعم لقيم الاستنارة والتقدم. تتجدد أسئلة التنوير بوصفها أسئلة لأمة في خطر، يضربها إعصار الإرهاب الدامي، والذي يشهد الآن تغولا وحشيا يروح ضحيته أبناؤنا وجنودنا البواسل، وتبدد مواردنا وتتصدع مصادر الدخل القومي، ومن ثم فعلى المكتبة أن تؤسس مشروعا قوميا وعالميا يجابه التطرف والإرهاب، اعتمادا على طابعها العالمي من جهة، وانطلاقا من دورها الوطني من جهة ثانية، وأن يكون لهذا المشروع آليات تنفيذ، بما يجعله متخلصا من حالة الرطان الفارغ التي لا تنتج معنى، وينبغي أن ينطلق هذا المشروع من تصور منهجي يحمل رؤية كلية للعالم، فلا تجزئة في النظر إلى الظاهرة، ولا تعمية في الكشف عن أسبابها، ولا حلول تلفيقية لن تفضي إلى شيء سوى المزيد من العتامة، فمساءلة الموروث، والكشف عن أسباب الانقطاع الحضاري، ودراسة الإخفاق العربي في مشروع التنوير، وإعادة الاعتبار إلى أسئلة النهضة، وتجديد النخبة، والكشف عن العلاقة بين الرجعية والاستعمار الجديد، ومراجعة التحولات الاجتماعية، والانسداد السياسى، والالتحاق بكومبرادور رأس المال العالمي، وهيمنة التصور الاستهلاكي على الواقع المصري، كلها قضايا مهمة ينبغي مناقشتها، مع الأخذ في الاعتبار حتمية التأسيس لخطابات مختلفة في الواقع، تملك آلية النفاذ إلى الجماهير من جهة، وإمكانية التطبيق من جهة ثانية، اتكاء على إرادة سياسية يجب أن تجعل من مشروع التنوير للعقل العربي هدفا وغاية. تبدو مصر الآن بحاجة حقيقية إلى الابتعاد عن الصيغ الرجراجة في فهم العالم، فلا الإسلام السياسي به جماعات معتدلة، ولا الجماعات الدينية المغلقة بها أفكار صالحة للحياة، ولا البنية المعرفية التراثية قادرة على الخروج بنا من النفق الراهن، ومن ثم يجب مثلا إلغاء الأحزاب الدينية، وإعادة الاعتبار للطابع المدني للدولة المصرية التي عانت كثيرا منذ السبعينيات من القرن الماضي من مظاهر التديين الزائفة للمجتمع، والتي تعاظم معها نمو شرس للأصولية الإسلامية اعتمادا على سلطة العرف والواقع والتأويل الديني الخاطيء، فصارت الحقيقة محتكرة، وصكوك الآخرة يوزعها أمراء الجماعات الدينية وشيوخها.
في اللحظات التي تتعثر فيها الأمم، وتفقد قدرتها على المساءلة، وتتجه صوب الركون والاستنامة، لن يكون من مخرج سوى اعتماد التفكير العلمي منهجا وطريقة في رؤية العالم وإدارة المؤسسات، وبما يعني أن من بين الأدوار المركزية التي يجب على مكتبة الإسكندرية التوسع فيها الاهتمام بالنشر العلمي، ووصله بمشروع التحديث المصري، أو بعبارة أدق، جعله حاملا رؤية التحديث للأمة المصرية في لحظتها الراهنة، بدءا من استعادة المناطق المضيئة في تراثنا الفكري العقلاني المعاصر، ووصولا إلى قراءات راهنة للواقع المعيش تحمل هذه الروح النقدية بعقلانيتها وانفتاحها الحر على العالم.وبعد.. يمكن أن تخرج أسئلة التنوير من القاعات المكيفة وتصل إلى الجماهير، ولكي تصل إلى الناس يجب أن يكون هناك خطاب متماسك لدى النخبة، عقلاني، غير متعال على الوجدان الجمعي، يدرك الحاجات النفسية والفكرية للجماهير، ويعي الظرف التاريخي، والسياقات المحيطة، وإذا توافر هذا الخطاب الحر النزيه المسئول مسئولية وطنية وقيمية فإنه سيمثل قيمة مضافة إلى الدولة المصرية من جهة، وإلى إرث التنوير في العالم كله من جهة ثانية، كل ما علينا فحسب أن نبدأ ونراكم، ونفكر خارج الصندوق، ونؤمن أن قيم العقل النقدى والخيال الجديد ممر ساحر صوب المستقبل.
لمزيد من مقالات د.يسرى عبد الله ;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.