كشفت الأزمة القطرية عن انقسام وتناقض واضح في الموقف الأمريكي، ففي الوقت الذي أشاد فيه الرئيس دونالد ترامب بقرارات الدول العربية المقاطعة لقطر وتأكيده على ضروريتها. طالب وزير خارجيته بضرورة تخفيف الضغوط على قطر ورفع الحصر عنها، كما خرج المتحدث باسم البيت الأبيض ليصف الأزمة بأنها مسألة عائلية يجب حلها، وزاد التخبط الأمريكي حيال الأزمة مع إرسال سفينتين حربيتين للمشاركة في مناورات عسكرية مع قطر. المتابع لمجريات الأزمة، يلحظ أن النظام القطري يحاول تدويرها دوليًا على أنها معاناة إنسانية، كما أنه يلعب بالنار من خلال الاستقواء بأعداء الدول المقاطعة، فها هو يسمح بتواجد قوات تركية على أراضيه، وانتشار الحرس الثوري الإيراني في شوارع قطر لحماية "تميم"، الأمر الذي يشير إلى إطالة أمد الأزمة. فيما يبدو أن الكل يسعى لاستغلال الأزمة لتحقيق مصالحه، فالنظام التركي لديه مشاريع توسعية يريد تحقيق حلم دولة الخلافة العثمانية، وإيران لديها أطماع فارسية تريد تحقيقها في الخليج العربي. واعتقد أن قطر جنت على نفسها بعدم التزامها بمطالب الدول العربية المقاطعة لها، ولن تضحي بعلاقاتها مع إيران وتركيا، كما أنها لن تغلق قناة الجزيرة، فقطر هي الجزيرة والجزيرة هي قطر. من اللافت للنظر، هو النفوذ القطري في وسائل الإعلام الغربية، وهو ما يتضح في تقارير بثتها للدفاع عن الموقف القطري، ومحاولات تبرئه النظام القطري من تهمة الإرهاب، والترويج لمصطلح الحصار، إضافة إلى مساعي قطر للاتفاق مع وسائل إعلام إيرانية ولبنانية لشن حملات شرسة ضد دول المقاطعة. والمؤكد أن وجود قوات تركية على الأراضي القطرية يمثل كارثة على أمن الخليج، كما أن إيران لن تقبل بالوجود التركي لأنها لها أطماع فارسية، ترى في الوجود التركي خطورة على نفوذها في الخليج. وفي خطوة جديدة للتصعيد، قرر عدد من قيادات الأحزاب والبرلمانيين التوجه إلى مقر المحكمة الجنائية الدولية في "لاهاي"، لتقديم دعاوي ومذكرات ضد النظام القطري تتهمه رسميًا بدعم وتمويل الإرهاب والإرهابيين وتوفير ملاذ أمن لهم. وبناء عليه، هناك عديد من الأسئلة التي ستجيب عنها الساعات القادمة، ومنها "ما موقف الدول الأوروبية من أزمة الدول العربية المقاطعة لقطر؟" .. و"لماذا التناقض في الموقف الأمريكي؟" .. و"هل التحركات التركية الإيرانية ستزيد من احتمالات التصعيد العسكري؟" .. و"هل سيكون هناك حرب عالمية ثالثة يكون مسرح أحداثها الشرق الأوسط؟. [email protected] لمزيد من مقالات عماد الدين صابر;