الرصاص من الملوثات العالية الثبات فى البيئة والأنظمة البيولوجية، ويتعرض الإنسان له عن طريق الأغذية الملوثة، أو من خلال مياه الشرب، أو الهواء الملوث بعوادم السيارات وغيرها من الصناعات القائمة على استخدام عنصر الرصاص كمادة خام أو كإحدى الشوائب الموجودة مع المعادن الأخري. فى هذا السياق، تُعتبر المخلفات الزراعية بمصر، إحدى المشكلات البيئية الملحة التى تواجهنا، إذ بلغ إنتاج مصر من هذه المخلفات (قش الأرز- حطب القطن - مخلفات الذرة - نوى البلح.. إلخ)، أكثر من 35 مليون طن سنويا، ينتج عنها العديد من المشكلات البيئية والاقتصادية للمزارعين، وكذا العديد من المشكلات الصحية المتعلقة بالإنسان، التى تنتج عن حرق هذه المخلفات فى الحقول عقب كل موسم. وتُعد المخلفات الناتجة عن الصناعات القائمة على الزيتون إحدى هذه الملوثات، التى لها تأثيرات سلبية على البيئة المصرية، وقد بلغ إنتاج مصر، طبقا لمجلس الزيتون العالمي، خمسة آلاف طن من زيت الزيتون، وخمسمائة ألف طن من زيتون المائدة، مما أدى الى توافر كميات ضخمة من مخلفاته المشار إليها. «تفلة الزيتون» هنا يقول الدكتور أحمد عبد الجواد القاضي، الأستاذ المساعد بالمركز القومى للبحوث، بقسم السموم، إنه يمكن استخدام «تفلة الزيتون» كمادة أولية لإنتاج مادة عالية القيمة مثل الكربون المنشط، واستخدامه فى التخلص من الرصاص كأحد الملوثات غير العضوية فى البيئة المصرية، وكذا دراسة أهم العوامل المؤثرة على كفاءة الكربون المنتج فى التخلص من أيونات الرصاص. ومن ثم يكون قد تم إنتاج الكربون المنشط عن طريق معاملة «تفلة الزيتون»، كيميائيا تحت درجات حرارة عالية. فى هذا السياق، تمت دراسة الخصائص الطبيعية والكيميائية المؤثرة على كفاءة كلا النوعين: الكربون المنشط الناتج، والكربون المرجعي، مثل مساحة السطح الكلية، وحجم الثقوب. وأوضحت النتائج حدوث إدمصاص (تراكم) سريع لأيونات الرصاص، إذ تم إدمصاص 48% خلال 30 دقيقة عند استخدام الكربون المنشط الناتج من تفلة الزيتون، بينما تم إدمصاص 27% فقط باستخدام الكربون المرجعي. تجربة علمية فى خلال ساعتين فقط تم الوصول إلى حالة الاتزان (أقصى نسبة إزالة)، بالنسبة للكربون النشط الناتج من تفلة الزيتون، إذ تم التخلص من 81% من أيونات الرصاص، فى حين استلزم الوصول إلى حالة الاتزان بالنسبة للكربون المرجعي، ثلاث ساعات، للتخلص من 59% فقط من أيونات الرصاص، بزيادة الجرعة المستخدمة من الكربون المنتج، إذ زاد إدمصاص أيونات الرصاص، وبلغ أقصاه عند تركيز 2جم/ لتر، فى حين كانت الزيادة طردية مع الكربون المرجعي، وبلغ أقصاها عند تركيز 4 جم/لتر. كما بلغت السعة الأدمصاصية القصوى للكربون المنشط المنتج محليا 188 مجم من الرصاص لكل 1 جرام من الكربون المنشط مقابل 40 مجم من الرصاص لكل 1 جم من الكربون المرجعى التجاري، أى ما يفوق أكثر من أربعة أضعاف ونصف الضعف. وهكذا يمكننا من الاستفادة من هذه التجربة العلمية فى التخلص من المخلفات الزراعية، كإحدى الملوثات البيئية، بطريقة فعالة، من خلال إعادة تدويرها فى إنتاج منتج عالى القيمة مثل الكربون المنشط. وكذلك يتم استخدام الكربون المنشط فى إزالة المعادن الثقيلة كملوثات غير عضوية من الأوساط المائية الناتجة عن مخلفات الصناعات المختلفة.