تتعدد الوساطات الرامية الى إنهاء أزمة قطع العلاقات مع قطر، وفى مقدمتها الوساطة التى يقودها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، ثم وساطة كل من فرنسا وتركيا والى حدما الولاياتالمتحدة، ولكن أى من تلك الوساطات لم يفض إلى ما يدفع الى الجلوس على طاولة الحوار، هذا على الرغم من مضى ما يقرب من الأسبوعين على اندلاع الأزمة، ويعود ذلك بالدرجة الأولى الى استمرار تمسك أطرافها الرئيسيين بمواقفهم. فقطر، سبب الأزمة، مصرة على التمسك بعدم التجاوب مع مطالب الدول الأربع التى أعلنت مقاطعتها، وليس حصارها، وهى السعودية والإمارات والبحرين ومصر، والتى ما زالت تصر بدورها أيضاً على ضرورة تلبية الدوحة لمطالبها، التى تتمحور فى التخلى عن تقديم الدعم للإرهاب وتنظيماته ورموزه سواء كان ذلك الدعم ماليا أوسياسيا أو إعلاميا. لم تتوقف الاتصالات بين العواصم الإقليمية والدولية على مدى الأسبوعين الماضيين والمسافة بين الفرقاء تتسع بدلا من أن تضيق هذا لأن حسابات قطر تقوم على الاستعانة بأطراف خارجية هى إيران وتركيا، وكلاهما بادر بخطوات عملية لمساعدة الدوحة، ويساعدها على ذلك زئبقية الموقف الأمريكى الذى لايبدو واضحا بل ينطوى على تناقض فى الرؤية التى يتبناها الرئيس القابع فى البيت الأبيض دونالد ترامب ورؤية كل من وزيرى الخارجية والدفاع تيرلرسون، وماتيس اللتين على النقيض من رؤية الرئيس، حيث تتكئ على المطالبة بالحوار والتفاوض لإنهاء الأزمة بينما يدعو الرئيس ترامب الى مواقف صارمة لإجبار الدوحة على التخلى عن دعم الإرهاب، يتزامن ذلك مع الإعلان يوم الخميس الماضى عن إبرام صفقة تزويد قطر بطائرات أمريكية مقاتلة من طراز إف 16 بقيمة 12 ملياردولار، وفى الوقت نفسه الإعلان عن بدء مناورات بحرية قطرية أمريكية، الأمر الذى بعث برسالة مفادها أن واشنطن تلعب على المتناقضات .. وليس بمقدورها أن تحسم الأمور تجاه قطر، ما يشكل عاملا إيجابيا بالنسبة لقطر يجعلها تُقدم على المزيد من خطوات الخروج عن العباءة الخليجية، ورفض الاستجابة لمطالب الدول الأربع التى أعلنت مقاطعتها، لأسباب عديدة منها تدخلها فى شئونها الداخلية ومحاولاتها زعزعة أمنها واستقرارها، إضافة إلى سياستها الداعمة للتنظيمات والحركات الإرهابية، واحتضان جماعات إرهابية وطائفية متعددة تستهدف ضرب الاستقرار فى المنطقة، ومنها جماعة الإخوان المسلمين وداعش والقاعدة، والترويج لأدبيات ومخططات هذه الجماعات عبر وسائل إعلامها، ولجوء العديد من قادتهم إلى الدوحة وممارستهم نشاطات معادية. فى هذا السياق فإن الدكتور عمر الحسن رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيحية لايتوقع أن تتراجع قطر عن سياساتها، وما يؤيد ذلك ردود فعلها على تلك القرارت ورفضها التجاوب مع جهود الوساطات الراهنة وبالذات الوساطة الكويتية. وحول مستقبل الأمير تميم، يعتقد د. عمر الحسن أنه الأمير تميم باق على رأس الدولة ولكنه يتشاور الآن مع حكومته ويتابع تداعيات الأزمة وكيفية الخروج منها، وهناك ضغوط شعبية تطالب بحل هذا الخلاف وتحذر من التحالف مع إيران أو الاستقواء بها، باعتبار أن ذلك أمر غير مأمون العواقب، وعن السيناريوهات المطروحة للخروج من المأزق يرى الحسن أن السيناريو الأول المحتمل هو عزل تميم لإنقاذ قطر بشخصية مقبولة قطريا وخليجيا، هذا إذا لم يغير تميم من موقفه، وهناك سيناريو آخر، وهو أن تشهد قطر انقلابا على السلطة. وفى الإطار ذاته يرى السفير أسامة توفيق بدر عضو مجلس الشئون الخارجية أن تميم يقع الآن بين المطرقه والسندان، ففى ظل تطور أزمته مع دول خليجية وعربية، والتى لم يتخيل اطلاقا أن تصل الى هذا المنحدر، بل ربما كان يتوقع أن تتوقف عند مجرد سحب سفيرى الامارات والسعودية من الدوحة مثلما حدث فى العام 2014، لكنه فوجئ بمقاطعة سياسية واقتصادية واجتماعية شاملة. ويضيف بدر: إن المواطن القطرى أصبح معزولا ولا يستطيع التنقل بسيارته، كما كان يحدث من قبل سواء إلى الامارات او السعودية أو إلى أى مكان ولم يعد بمقدوره السفر الى الخارج.