هذه رسالة إلى من يعنيه الامر، وخاصة لجنة الاحزاب الموقرة. فبعد أن انتخب حزب البناء والتنمية طارق الزمر رئيسا له وضع حجرا فى فم لجنة الأحزاب وألزمها الحائط.. فإن صمتت تكون قد تواطأت .. وإن تواطأت تكون قد فتحت على نفسها وعلينا جميعا أبواب جهنم. واقرأوا معي.. فى مذكرة النيابة العامة المقدمة لمحكمة قتلة السادات نقرأ «فى صيف 1980 وأثناء تردد محمد عبد السلام فرج (مؤسس تنظيم الجهاد) على مسجد الفتح فى بلدة ناهيا مركز امبابةتعرف على طارق عبد الموجود الزمر الطالب بكلية الزراعة وتردد على منزله وهناك التقى المقدم بالمخابرات الحربية عبود الزمر زوج شقيقة طارق (ص68) واتصل طارق الزمر بكمال السيد حبيب مسئول تنظيم سالم الرحال وضمه إلى تنظيم عبد السلام فرج.. ووفر طارق الزمر طبنجه (هى أول قطعة سلاح لتنظيم الجهاد) ليقوموا بالتدريب عليها. وعندما قرر التنظيم اغتيال السادات حمل طارق الزمر رسالة شفوية من عبد السلام فرج إلى طارق الزمر لإبلاغ الخطة إلى عبود الزمر وعندما تردد عبود خوفا من أن يؤدى ذلك إلى كشف وتدمير التنظيم أقنعه طارق بأن القاتل سوف يقتله الحرس ولن يعرف احد انتماءه. وطبعا سيرد علينا البعض بأن طارق قد قبل مبدأ «المراجعات» وغير أفكاره، لكن الدهشة تتصاعد إذ نجد أن كتاب طارق الزمر الذى أصدره عن مراجعاته كان تأكيدا للفكر الارهابى المتأسلم وليس تراجعا عنه، فالكتاب عنوانه «مراجعات لا تراجعات» وكل صفحات الكتاب مليئة بمفردات ترفض أية فكرة عن رفض الفكر الإرهابى المتأسلم، ونقتطف عبارات موحية لا تعبر عن تراجع ولا حتى مراجعة فطارق الزمر يتحدث من البداية عن «العمليات العسكرية بمصر عام 1997» ونتأمل عبارة «عمليات عسكرية» انها حرب بين قوتين مسلحتين أو دولتين وليست عملا إرهابيا. والمراجعة عند طارق الزمر تعنى العودة لدراسة ما فعلوه بسبب التغيير الذى طرأ على الاوضاع المحلية والعالمية. ويقول الزمر «إن قبول ما هو قائم من حكم وأحكام هو ما لا يسع مسلم أن يفعله» (ص7) ويقول «أن المراجعات التى ندعو إليها لا تعنى إلقاء اللوم أو العتاب على شباب الحركة الاسلامية «المتعجل» ) نعم المتعجل وليس المرتكب لفعل آثم) وغض الطرف عن الظروف القاسية والمطاردات المستمرة والتعذيب البشع الذى يتعرض له هذا الشباب فذلك تأييد للظلم وتكريس للبغى لا يقره الاسلام ولا يرضاه» (ص8) ثم يمضى طارق الزمر ليفرغ مراجعاته من مضمونها الحقيقى ويعود بها إلى تأسلم صارخ « فيقول القواعد الفقهية توجب تغيير الاحكام بتغيير الزمان والاعراف والعادات، ولا يخفى أن تغير الواقع المحيط يستلزم تغيير الواجب اللازم بشأنه» (ص21).. ثم هو يعود ليؤكد «أن المبادرة لا تعنى تغييرا فى الاهداف بقدر ما تعنى تغييرا فى الاساليب والوسائل»(ص20) والاهداف كما يحددها السيد طارق الزمر فى مراجعاته «الاطاحة بحكم الطاغوت الكافر» ويقول «إن المراجعة شملت فحسب عددا من الاساليب والوسائل التى تبين وقوع المبالغة فى تحقيق مناطها والتى اتضح عدم ملاءمتها للواقع» (ص13) ثم يقول فى كبرياء لا ادرى من أين أتى به، أن المبادرة تقوم على أساس «إعطاء فرصة للنظام كى يراجع مواقفه» والآن اترك طارق الزمر فى كبريائه لأسأل لجنة الأحزاب. الزمر «اعطى النظام فرصة» وها هو يعود بعد عشرين عاما ليسأل النظام.. لماذا لم تراجع مواقفك فتقبل مقولات الارهاب المتأسلم؟ ونعود مرة أخرى إلى كتاب طارق الزمر لنقرأ مفردات تكفى كل واحدة منها لإثبات تأسلمه البعيد تماما عن صحيح الاسلام. فهو يصف مثلا افعالهم ويقول عنها أنها «ما سمى بالارهاب» (ص15) أى أنها ليست إرهابا وإنما سميت كذلك، ثم يقول عن القوانين السائدة أنها «القوانين الوضعية التى فرضتها جيوش الاستعمار» (ص31). ثم يهددنا ويهددكم ويهدد كل المصريين قائلا «إن امتلاك المستكبرين للسلطة والغلبة والظهور لا يعنى أن الله راض عنهم (ص54) ثم يقول إن ما يقوم به هو مجرد «الدعوة لصيغة الموادعة مع النظام بسبب اختلال التوازن الاستراتيجي» وطبعا مفهوم بصيغة المخالفة أن تصحيح التوازن الاستراتيجى يعنى عودة لما اسمى بالارهاب. ثم هو بعد ذلك يعلن (منذ عام 1997) عن رفضه لفكرة تجديد الخطاب الدينى لأنه «يعد تعديا على قواعد فهم الإسلام» (ص76) أما «فتح باب الاجتهاد على مصراعيه فإنه احد مصادر التنوير الليبرالى المرفوض» (ص76) ثم هو يجدد رفضه وادانته : لابتداع فتاوى بإلغاء الجهاد وابتداع فتاوى تتحدث عن الاخاء الإسلامى والمسيحى واليهودي- وابتداع فتاوى تقول إن الديمقراطية افضل انواع الحكم. وابتداع فتاوى بضرورة الوقوف ضد الارهاب وتمويله- وفتاوى بحرية المرأة اجتماعيا وسياسيا- ثم هو يرفض ما يطالب به البعض بالحداثة الذين يريدون للعالم الاسلامى أن يكون جزءا من التقدم الذى يسود العالم ويرفض «ثقافة حقوق الانسان بالمفهوم الغربي». كل هذا يرفضه طارق الزمر العائد من زمن المراجعات، فماذا يقبل اذن؟ يجيب طارق الزمر قائلا انه يسعى نحو «الرؤية الشاملة المتكاملة الابعاد التى طرحها الشيخ سيد قطب» والآن يا لجنة الأحزاب هاكم الضيف الجديد على مائدتكم، أتاكم رئيسا لحزب «البناء والتنمية». وهذا هو برنامجه الذى قال انه مراجعة. ثم كان قرار الدول الاربع بوضعه فى قائمة الارهابيين التابعين والممولين من قطر، فما هو رأيكم؟ وماذا انتم فاعلون؟ فهل تتركون حزبا رسميا ببرنامج كهذا؟ وبرئيس كهذا؟ أم ماذا؟ لمزيد من مقالات د. رفعت السعيد;