بهدف التعايش السلمى بين الشعوب، ونبذ التعصب والعنف، خاصة الذى يأخذ صبغة دينية، ولبيان حقيقة الأديان، وتبرئتها من الدعوة للعنف، ولتأصيل فكرة قبول الآخر، والتعايش معه برغم الاختلاف الموجود بين الثقافات والحضارات والأديان، تم إطلاق شبكة للكليات والمعاهد الدينية الإسلامية والمسيحية بالعالم العربي، بهدف تأصيل ثقافة الحوار وتقديم حلول مستدامة لمواجهة تحديات العصر الحالى حول الشبكة، وإنشائها، والمنضمين إليها، وأهدافها، كان هذا الحوار مع الدكتور فهد أبو النصر مدير مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز.. وإلى نص الحوار: ما الهدف من إنشاء شبكة الكليات والمعاهد الدينية؟ يعد إطلاق شبكة المعاهد والكليات الدينية حدثا رياديا غير مسبوق فى المنطقة، ويأتى تنفيذا لأهداف مركز الملك عبدالله للحوار العالمى ضمن مبادرة «متحدون لمناهضة العنف باسم الدين» التى أطلقها المركز فى عام 2014 فى مؤتمر عُقد فى فيينا. وقد أصدرت القيادات الدينية المشاركة فى ذلك المؤتمر بيانا، يدينون فيه وبصوت موحد، جميع أنواع العنف وخصوصاً المرتكب منه باسم الدين، وقد واصلت المبادرة نموها وحققت انتشارًا كبيرًا مع انضمام المزيد من الأصوات التى تدعو إلى الحوار والسلام والعيش المشترك. فها نحن الآن، بعد أكثر من عامين من الاجتماعات والعمل والتنسيق، مجتمعون لتطبيق أحد أهم توصيات مؤتمر فيينا، وهى إنشاء شبكة من القيادات الدينية لدعم التنوع والتعددية فى العالم العربي. فهناك إدراك صريح بأن المجتمعات العربية، بأمس الحاجة لتعميق الحوار، والتشديد على أهمية بناء ثقافة تعددية منفتحة، ومن هذا المنطلق، نحن على اقتناع تام بأن المدرسين والباحثين الذين يعملون فى المؤسسات الدينية التربوية، والتعليمية الجامعية لهم دور محورى فى نشر ثقافة الحوار والتعددية فى العالم العربي. ما هى أهمية هذا المشروع من وجهة نظركم؟ هذه المعاهد والكليات الدينية لها دور مهم فى تأصيل ثقافة الحوار، خاصة بين القيادات الدينية الشابة، بالإضافة إلى أهمية المشروع فى الحرص على تقديم حلول مستدامة وليست مؤقتة، لمواجهة التحديات الكامنة فى عصرنا الحاضر، فإننا نسعى لأن تكون الشبكة مساحة عمل مستمر، ومنظم للقيادات الدينية والتربويين والقائمين على المؤسسات التعليمية الدينية الجامعية فى المنطقة، وذلك من منطلق أن تلك المؤسسات التربوية لها دور أساسى فى الانفتاح على الآخر وترسيخ قيم الحوار والعيش المشترك. هذا المشروع يعكس فى جوهره رسالة المركز فى تيسير الحوار وتعزيز التعاون واحترام التنوع والسلام. نريد أن تعرفنا بمركز الحوار العالمى “كايسيد” وما مميزاته؟ المركز هو منظمة حكومية دولية أُنشِئَت فى 2012 من قبل جمهورية النمسا والمملكة العربية السعودية ومملكة إسبانيا بالإضافة إلى الفاتيكان بصفته عضوا مراقبا مؤسسا. ما يميز المركز هو أنه بالإضافة إلى مجلس الأطراف الذى يضم تلك الدول، لدينا أيضا مجلس إدارة يتألف من ممثلين عن خمس ديانات وثقافات رئيسية فى العالم، وهى الإسلام والبوذية والمسيحية والهندوسية واليهودية، يتكون من 9 قيادات دينية. ما هى أهداف المركز الرئيسية؟ فلسفتنا الرئيسية التى نؤمن بها فى المركز هى أن الدين جزء من الحل للمشكلات التى تواجه العالم اليوم، كما نؤمن بأن القيادات الدينية لها أثر إيجابى فى إحلال السلام فى مناطق الصراع حول العالم، ومن هنا يأتى دور المركز فى نشر ثقافة الحوار، ودوره كحلقة وصل ما بين القيادات الدينية، وصانعى السياسات من أجل العيش المشترك وبناء الترابط الاجتماعى فى مختلف أنحاء العالم. نؤكد لكم التزامنا بدعم هذه الشبكة والعمل الدءوب معكم لتحقيق أهدافها قدر المستطاع ووفق الإمكانات المتوافرة والظروف الواقعية. وكلنا أمل أن تسهم هذه الشبكة، فى تشجيع التفاعل والعيش المشترك وتعميق التعاون بين الكليات والمعاهد الإسلامية والمسيحية فى المنطقة العربية، من أجل تربية جيل يؤمن بمبادئ التعددية والمواطنة المشتركة والعيش المشترك. فمن خلال الحوار، يمكننا القضاء على الخوف والشك الناجم من عدم معرفة الآخر والتوصل لمرحلة احترام وتفاهم متبادل، لنتذكر دوما أن هناك فرقا، فالاختلاف ليس خلافا. ما هى أهم الكليات والمعاهد العاملة معكم؟ يوجد لدينا كلية الشريعة بالأردن، وجامعة الزيتونة فى تونس، ومعنا 18 كلية ومعهدا دينيا خاصة بالعالم العربى، ومن خلال هذه المنصة يوجد برنامج لتبادل الطلاب لتفعيل الحوار والتعرف على الآخر وكذلك بين أعضاء هيئة التدريس، ومن الممكن الاتفاق على وجود منهج للتعرف على الآخر ويتم تدريسه، وقد أطلقت الشبكة ووضعت اللوائح التأسيسية، ووضعت الخطة المستقبلية لمدة 3 سنوات مقبلة.