«القومي للمرأة» يبحث سُبل تعزيز التعاون المشترك مع كمبوديا    محافظ أسيوط: نشر الوعي بمخاطر الإدمان مسؤولية مجتمعية    «القومي للطفولة والأمومة» ينعى الأطفال ضحايا حادث "التروسيكل" بأسيوط    رئيس البنك الإسلامي للتنمية: التعافي «الحقيقي» من الهشاشة والصراع يبدأ بالإنسان    تراجع البتكوين إلى 108 آلاف و830 دولارا وسط توترات تجارية ومخاطر ائتمانية    الكرملين: روبيو ولافروف سيتفقان على مكان لقاء ترامب وبوتين    «القاهرة الإخبارية»: بعد اتفاق وقف إطلاق النار.. العريش قبلة المساعدات الإنسانية لغزة    تفاصيل هجوم انتحارى قرب الحدود الأفغانية ومقتل 7 جنود باكستانيين    توروب يحضر المؤتمر الصحفي لمباراة الأهلي وإيجل نوار    الزمالك في معسكر مغلق اليوم لمواجهة بطل الصومال بالكونفدرالية    الأموال العامة تكشف مخطط غسل 20 مليون جنيه    تعرف على حالة الطقس اليوم الجمعة فى محافظة الإسماعيلية    باعوا الوهم بوثائق مزورة.. ضبط عصابة نصبت على راغبي السكن    الأقصر أرض التاريخ المصرى القديم تستضيف 100 مغامر أجنبى من 15 دولة بفعاليات رياضية الباراموتور.. بهجة وفرحة بين الأجانب بالتحليق المظلى فوق معابد ومقابر الملوك وشريط نهر النيل.. ومغامر فلسطينى يشيد بسحر المشهد    «السكة الحديد» تُعدل مواعيد بعض قطارات الوجه القبلي    نجمات «الجونة» يخترن الأناقة الكلاسيكية على السجادة الحمراء    تعاون بين «الاتصالات» و«السياحة» لرقمنة التراث وتحسين خدمات المواقع الأثرية    «انتظرت المعجزة لمدة عام».. تفاصيل مؤثرة في فقدان حمزة نمرة لوالدته    الاتصالات والسياحة توقعان بروتوكولين لرقمنة التراث المصري ورفع كفاءة خدمات الاتصالات بالمواقع الأثرية    السبكي: منظومة الدواء في التأمين الصحي الشامل إلكترونية بنسبة 100%    الصحة: رؤية إنسانية جديدة فى المؤتمر العالمى للصحة والسكان والتنمية البشرية    استشاري نفسي: كيف تكتشفين أن طفلك متأخر لغويًا من الشهور الأولى؟    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب مقاطعة "ايلوكوس نورت" الفلبينية    زيدان: «نقل الآثار عملية ليست سهلة» وفريق متخصص لنقلها للمتحف المصري الكبير    اليوم.. إقامة صلاة الاستسقاء بجميع مساجد الإمارات    وظائف خالية اليوم... 2914 فرصة عمل جديدة في 72 شركة خاصة لشباب 13 محافظة    أسماء المرشحين على مقاعد الفردي بدوائر محافظة مرسى مطروح لانتخابات مجلس النواب 2025    كريم بنزيما يقود اتحاد جدة لاستعادة التوازن أمام الفيحاء في دوري روشن السعودي 2025-2026    تعرف على الحالة المرورية اليوم الجمعة 17-10-2025    العلماء يؤكدون: أحاديث فضل سورة الكهف يوم الجمعة منها الصحيح ومنها الضعيف    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 17اكتوبر 2025فى المنيا.....اعرفها بدقه    أحكام وآداب يوم الجمعة في الإسلام... يوم الطهارة والعبادة والتقوى    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي رئيسة بنك الاستثمار الأوروبي خلال فعاليات الاجتماعات السنوية للبنك الدولي بواشنطن    ننشر أسماء ضحايا ومصابي الحادث المروع بطريق شبرا بنها الحر    اليوم.. قصور الثقافة تحتفل بتخرج دفعات جديدة من مركز تنمية المواهب بالمنوفية والغربية    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الجمعة في بورصة الدواجن    التعليم العالي: توقيع 42 اتفاقية بين الجامعات المصرية والفرنسية    8 قرارات جمهورية مهمة ورسائل حاسمة من السيسي بشأن أضرار سد النهضة الأخيرة    شروط قرض الموتوسيكلات من بنك مصر 2025    كريم وليد: صعب أنتقل للزمالك.. كولر مدرب عادل وموسيماني لم يتحمل الضغوط    السوبر الأفريقي.. موعد مباراة بيراميدز ونهضة بركان المغربي    المعمل الجنائي: ماس كهربائي وراء حريق شقة سكنية بإمبابة    اليوم.. المصري في ضيافة الاتحاد الليبي بذهاب الكونفيدرالية الأفريقية    جامعة قناة السويس تطلق دورة تدريبية لمواجهة الأزمات والكوارث بالتعاون مع "الكشافة الجوية"    معهد بحوث الإلكترونيات يستقبل وفدًا صينيًّا رفيع المستوى لتعزيز الشراكة    سلوت: أريد رد فعل من صلاح.. وهذه حقيقة عدم تأديته للأدوار الدفاعية    دوري أبطال إفريقيا| الأهلي يخوض المران الختامي اليوم استعدادًا لمباراة «إيجل نوار»    مقررة أممية: إسرائيل تواصل القتل والتدمير وتزرع الكراهية    حقيقة ارتفاع أسعار مواد البناء خلال الفترة المقبلة بسبب إعمار غزة    تأسيس لجنة عمل روسية - مغربية بين وزارتى الشؤون الخارجية بالبلدين    محافظ بورسعيد يعتمد تعريفة الركوب الجديدة بعد زيادة البنزين والسولار الجديدة    لميس الحديدي ترد على منتقدي إطلالات الجونة: «الإبهار جزء من أي مهرجان في العالم»    فلسطين.. الاحتلال يدمر سيارة مواطن خلال اقتحام حي المخفية في نابلس    أشرف زكي: لا يوجد أي منصب في الدنيا يجعلني أترك النقابة.. والاستقالة لسبب داخلي    ترامب يتحدى بوتين: "آلاف توماهوك بانتظار خصومك".. فما سر هذا الصاروخ الأمريكي الفتاك؟    أطعمة طبيعية تساعد على خفض الكوليسترول في 3 أشهر    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة حوض النيل وحقوق مصر المائية
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 06 - 2017

اتخذت مصر قرارها الشجاع بالعودة إلى اجتماعات دول حوض النيل مع استمرار رفضها اتفاقية الإطار التى تنص على إعادة توزيع حصص مياه نهر النيل دون الالتزام بتحقيق الأمن المائى لكل دول الحوض وعدم الإضرار بمصالح أى منها، وتم التوقيع عليها بصورة منفردة من ست دول دون الالتزام بآلية صنع القرار فى مفوضية دول الحوض التى تؤكد ضرورة توافق كل الأعضاء رغم اعتراض دولتى المصب، مصر والسودان، على بعض بنود الاتفاق.
وسوف يحضر الرئيس عبد الفتاح السيسى اجتماعات قمة دول حوض النيل التى تعقد الأسبوع المقبل فى منتجع مونيوتو على مسافة مائة كيلو متر من العاصمة الأوغندية مهما تكن مستويات حضور القمة، تقديرا لجهود الرئيس الأوغندى موسوفينى الذى ينادى بعقد قمة دول حوض النيل منذ عدة سنوات لاعتقاده أن القمة يمكن أن تجد الحلول لكثير من مشكلات دول الحوض، التى فشل الفنيون والوزراء المختصون فى ايجاد حلول صحيحة لها تضمن تحقيق الأمن المائى لكل دول الحوض والحفاظ على وحدة دول الحوض وسوف يسبق اجتماع القمة اجتماع وزراء خارجية دول الحوض العشر (مصر والسودان وأوغندا وأثيوبيا وتنزانيا والكونغو وروندا وبروندى وجنوب السودان) لتحديد جدول أعمال القمة.
الحق أن الرئيس الأوغندى موسوفينى يلح منذ عدة سنوات على ضرورة انعقاد قمة دول الحوض رغم عدم حماس بعض دول الحوض بهدف تصفية الخلافات بين دول الحوض وتهيئة المناخ لعلاقات صحيحة تمكن دول الحوض من تبنى العديد من المشروعات المشتركة التى يمكن أن تقام على النهر وتحقق المنفعة لدول الحوض دون الإضرار بمصالح أى منها، خاصة أن مؤسسات التمويل العالمية «البنك والصندوق» تشترط لتمويل مثل هذه المشروعات المشتركة ضرورة توافق كل دول حوض النيل ضماناً لعدم الإضرار بمصالح أى منها، وعندما اعترضت مصر والسودان على بعض بنود اتفاقية المياه الجديدة وعلقت مصر حضورها فى اجتماعات دول الحوض توقف صندوق النقد والبنك الدولى عن تمويل عدد من المشروعات بعد أن تأكد للمؤسستين العالميتين أن بنود الاتفاقية تضر بمصالح مصر المائية التى تعتمد على نحو مطلق على مياه النيل لشح الأمطار التى تسقط على مصر وتواضع حجم مخزونها من المياه الجوفية خاصة أن حقائق الواقع والجغرافيا تؤكد أن ما يسقط على دول حوض النيل من أمطار يتجاوز 1660 مليار متر مكعب تغطى احتياجات الزراعة فى دول الحوض وتزيد إضافة إلى مياه الأنهار العديدة خاصة نهر الكونسجو الذى يدفق المليارات من الأمتار المكعبة فى المحيط ، بينما لا يزيد حجم المياه داخل نهر النيل على 84 مليار متر مكعب يذهب منها 55 مليارا الى مصر تشكل مصدر الحياة لسكانها الذين يربون الآن على 90 مليون نسمة وتذهب 18 مليارا أخرى إلى السودان، ورغم ان مصر تدخل مرحلة شح المياه بعد أن تناقص نصيب الفرد من المياه الى حدود 600 متر مكعب فى العام ، تعرضت مصر قبل عدة سنوات لحملة مغرضة قادتها أثيوبيا ودول أخرى تتهم مصر بأنها تستحوذ على النصيب الأكبر من مياه نهر النيل على حساب دول المنبع التى تعانى الحرمان وقلة مشروعات التنمية ، ومع الأسف ترسخت هذه الفرية الظالمة فى أذهان العديد من الأفارقة يتهمون مصر والسودان بالاستحواذ على النصيب الأكبر من مياه النيل على حساب الدول الإفريقية الفقيرة، إلى أن وضحت الحقائق أمام الجميع وبات جلياً للأفارقة والمجتمع الدولى أن ما يصل إلى مصر من مياه النيل يشكل حجماً متواضعا قياساً على حجم الأمطار التى تسقط على دول الحوض وعدد الأنهار التى تجرى فى ربوعها والمخزون الضخم من المياه الجوفية بسبب تساقط هذا الحجم الضخم من الأمطار على مدى أزمان عديدة.
ما من شك أن الجهود التى بذلتها مصر على امتداد الأعوام الثلاثة الأخيرة لتعزيز إنتمائها الأفريقى ووقوف مصر فى صف الدول الإفريقية حفاظا على حقوق القارة السمراء، وحرص الرئيس السيسى على حضور كافة اجتماعات القمة الإفريقية وإختياره ممثلاً للمصالح الإفريقية فى قضية تغيرات المناخ، واهتمام مصر الزائد بتوسيع حجم استثماراتها ومشاركتها التجارية مع العديد من دول القارة فضلاً عن سياستها الثابتة فى ضرورة حل المشكلات الأفريقية عبر التفاوض وجهود الوساطة ، والتزامها الراسخ بعلاقات سلام وتعاون مع جميع الدول الأفريقية ومشاركتها الواسعة فى قوات حفظ السلام فى بقاع أفريقية عديدة، ما من شك أن هذا الجهد المصرى الدءوب على مدى ثلاث سنوات من حكم الرئيس السيسى أحدث تغييراً كيفياً واضحاً فى علاقات مصر الأفريقية أزال معظم الشوائب العالقة فى علاقات مصر الأفريقية لتظهر صورة مصر الحقيقية زاهية فى عيون الأفارقة تبدد هذا الفهم القديم المغلوط.
وبهذه الروح الجديدة يذهب الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى قمة دول حوض النيل يؤكد حرص مصر على المشاركة فى المشروعات التنموية الضخمة التى تستهدف تقليل الفاقد من مياه نهر النيل وزيادة موارده المائية بما يضمن استفادة كل دول حوض النيل ، ويزيد من حجم استفادة الدول الإفريقية من معدلات المطر العالية التى تسقط فوق ربوع أفريقيا، ويساعد على عودة الشركاء الدوليين للإسهام فى تمويل العديد من المشروعات العالقة بسبب غياب التوافق بين الشركاء الأفارقة على هذه المشروعات التى يمكن أن تضر مصالح بعض دول الحوض خاصة مصر التى طالب البعض بإعادة النظر فى حصتها المائية فى ظل الفوضى التى ضربت أطنابها فى مصر بعد ثورة 25 يناير، وكما تغيرت مواقف معظم الدول الإفريقية من مصر إلى الأفضل بعد أن تبدد الكثير من الفهم الخاطئ والمغلوط ، تغيرت أحوال مصر لتعود من جديد صورة مصر الدولة القوية القادرة على الدفاع عن حقوقها التاريخية التى تؤثر السلام مع أشقائها الأفارقة وتدعو إلى علاقات تعاون وشراكة تفيد الجميع دون الإضرار بمصالح أى من دول الحوض.
فى ظل هذا المناخ المتغير إلى الأفضل فى علاقات مصر بدول القارة السمراء يدعو الكثير من قادة وحكماء إفريقيا الذين يحضرون المؤتمر الأول لقادة دول حوض النيل إلى ضرورة التوافق بين جميع دول الحوض على عدد من المبادئ التى تحكم العديد من الدول التى تتشارك فى حوض واحد لأى من الأنهار، مستقاة من أحكام القانون الدولى وتجارب إقليمية وعالمية عديدة أهمها، أن النهر ملك لجميع دول الحوض ومن حق الجميع الاستفادة من إمكانياته فى إطار الاستخدام المنصف والعادل لمياهه، وعدم الإضرار بالحقوق التاريخية لأى من دول الحوض، وتعظيم المكاسب المشتركة، والموازنة المنصفة بين الدول التى تملك مصادر متعددة للمياه والدول التى تعتمد بالكامل على نصيبها من مياه النهر، وتعظيم استفادة الجميع من تمويل المؤسسات المالية الدولية الكبرى، والأخطار المسبق عن أى مشروع يمكن أن يؤثر على مصالح الأطراف الأخرى، وتبادل المعلومات المتعلقة بالنهر ومشروعاته فى شفافية كاملة دون تباطؤ أو مماطلة، وتحقيق الأمن المائى لكل دول الحوض دون الإخلال بالاستخدامات الفعلية.
ولأن بعض دول الحوض رفضت الموافقة على المبدأ الأخير الذى يمنع الإخلال بالاستخدامات الفعلية لمياه النهر ويحفظ الحقوق التاريخية لدول الحوض بدعوى أن هذا المبدأ يمثل فى جوهره ترديدا لما ورد فى اتفاقات تم توقيعها فى عصور الاستعمار لا تلزم أحداً، الأمر الذى يضر على نحو بالغ بمصالح مصر المائية .. ولهذه الأسباب رفضت مصر توقيع الاتفاق لأنه لا يضمن الحد الأدنى من حصتها المائية رغم اعتمادها المطلق على مياه النيل.
ولأن المناخ الإفريقى تغير كثيرا تجاه مصر لأسباب عديدة سالفة الذكر ارتأت مصر استجابة لنداءات الرئيس الأوغندى أن تحضر قمة دول حوض النيل إبداء لحسن النيات، ولأن انعقاد قمة دول حوض النيل يمثل حدثا تاريخيا مهما ينبغى الحرص عليه وتطويره بما يجعل انعقاد القمة منتظما على نحو دورى، وأملا فى أن يتمكن حكماء إفريقيا من سد هذه الفجوة التى تضر مصالح دول المصب، مصر والسودان من خلال التوافق على احترام حصص السودان ومصر المائية التى تمثل الحد الأدنى لاحتياجاتها المائية وتكاد تكون قضية حياة أو موت بالنسبة للشعب المصرى يستحيل التفريط فيها ، فهل تصحح قمة دول حوض النيل هذا الخطأ التاريخى فى حقوق مصر المائية بما يقنن حقوقها فى إطار الحفاظ على نصيبها الحالى من مياه النهر ويهييء لدول الحوض ظروفا جديدة تمكنها من زيادة موارد النهر وتقليل فاقده من خلال تعاون مشترك يحظى بمساندة مؤسسات التمويل الدولى، أغلب الظن أن الريح القادمة من أوغندا سوف تفتح أبواب الحل لمشكلات عديدة تعيشها دول الحوض أهمها بالضرورة حاجة مصر الملحة لتأمين حصتها من مياه نهر النيل حفاظاً على حياة شعب عريق بنى على ضفاف نهر النيل أعظم حضارات الإنسان وأقدمها على مر الزمان.
لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.