تعد زيارة الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب، إلى السعودية وعقده ثلاث قمم (ثنائية مع الملك سلمان، وخليجية مع قادة دول مجلس التعاون الخليجى، و «القمة العربية الإسلامية الأمريكية» حدثا هاما بالنسبة للضيف والمضيف. بتلك الكلمات إستهل الكاتب الصحفى عبد القادر شهيب أعمال ندوة اللجنة المصرية للتضامن التى حملت عنوان: «القمة العربية الإسلامية الأمريكية» بمشاركة لفيف من المتخصصين والخبراء والأكاديميين والصحفيين، وفى مقدمتهم: الدكتور طارق فهمى استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والكاتب الصحفى نبيل زكى، والخبير الإستراتيجى اللواء طلعت مسلم. نبه شهيب، الذى أدار أعمال الندوة، إلى أن أهمية القمة تنبع من إجتماع قادة وممثلين عن 55 دولة عربية وإسلامية، أفريقية وأسيوية، مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتمخضت القمة عن بيان كانت أهم نقطتين فيه هما: تأسيس حلف إستراتيجى لم يحدد عدد أو أسماء الدول المشاركة فيه وإن تم تحديد الهدف منه وهو مواجهة الإرهاب. الإعلان عن تشكيل قوة إحتياط أو طوارئ من نحو 34 ألف جندى للتدخل عند الضرورة فى كل من سوريا والعراق. أما الشىء الأهم من البيان فيتمثل فى الكلمة الهامة التى ألقاها الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى والتى طالب خلالها بمواجهة شاملة للإرهاب. وتحدث الدكتور طارق فهمى عن ما يتعرض له الرئيس الأمريكى حاليا من ضغوط داخلية شديدة ومواجهة حقيقية قد تستدعى تعرضه للمثول أمام لجان الكونجرس تمهيدا لمثوله أمام القضاء داخل بلاده فى إطار حرب داخلية وصفها ب «حرب تكسير عظام» يمكن أن تؤدى إلى عدم إكماله لفترته الرئاسية. وركزعلى عدة نقاط كاشفة فيما يتعلق بجولة ترامب فى المنطقة، مشيرا إلى أن الدافع الرئيس لتلك الجولة مرتبط بما يجرى داخل الولاياتالمتحدة. وأن الرئيس الأمريكى يتحدث من مفهوم «النفقة والتكلفة والعائد» وقد أتى إلى المنطقة لتحقيق مصالح إقتصادية بالأساس وليس لمصلحة سياسية. وأكد فهمى أن ما رأيناه فى الزيارة ليس بفكر السياسة فقد غابت السياسة وحضر «البيزنس» والإستثمار ومشروعات التعاون الطويل الأمد. ويرى أن الأفكار التى طرحها الرئيس ترامب تندرج تحت مسمى «السلام الإقتصادى» ما يعد نسخة معدلة من ما يعرف بمشروع الشرق الأوسط الجديد. وهناك محاولة لفرض هندسة سياسية جديدة للمنطقة وإعادة فك وتركيب لتحالفات. وتحدث فهمى عن «ماذا بعد هذه القمة؟!» والإجابة تشير إلى أن إسرائيل تطرح فكرة السلام الإقتصادى ولايبدو أن هناك تفاوض على أرض الواقع. وتوقع أن ينتهى مخطط تهويد القدس بالكامل فى نوفمبر عام 2020. وأن أى مفاوضات قادمة للسلام لن تكون ذات أفق زمنى وستكون واقعية إنطلاقا من رغبة إسرائيلية فى التوصل إلى حل إقليمى يضم أطراف رئيسية مثل السعودية ودول الخليج. فإسرائيل تريد إحداث “إختراق” فى ملف التطبيع خاصة مع دول الخليج. وإذا فشل السلام السياسى فالبديل سيكون مشروع «السلام الإقتصادى» تحت شعار تتبناه إسرائيل هو «نعيش معا». وتحدث الكاتب الصحفى نبيل زكى محذرا من أن «القمة العربية الإسلامية الأمريكية» قد تمثل تدشينا لمرحلة تصفية القضية الفلسطينية نهائيا بعد تحويل إيران إلى عدو بدلا من إسرائيل. وأكد أن خطاب الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى هو أفضل ما قيل. وأشار زكى إلى أن هناك دول شاركت فى القمة على الرغم من أنها هى ذاتها من يدرب ويمول ويسلح الإرهابيين. وأشاد بأن الرئيس السيسى نبه إلى أن الحرب ضد الإرهاب هى «معركة فكرية بامتياز»، وبدفاعه عن الدولة الوطنية. وأكد زكى بأن خطاب الرئيس السيسى فى القمة يصحح المسار العربى من خلال طرحه لرؤية مصرية شاملة لما يجب أن يكون فيما يتعلق ب: الحرب ضد الإرهاب، والموقف من إسرائيل، والدفاع عن الدولة الوطنية ومؤسساتها فى العالم العربى. وشكك زكى فى جدية الولاياتالمتحدة فى محاربة الإرهاب منبها أنها لن تحارب إيران، ولن تجرؤ إسرائيل على محاربة إيران دون دعم أمريكى. وتحدث اللواء طلعت مسلم مؤكدا أن الملمح الأكبر والأهم لتلك القمة تمثل فى تحويل الدول العربية والإسلامية المشاركة فى تلك القمة لأولوياتها إلى إيران معتقدين أن هناك مشاركة قائمة بينهم وبين الولاياتالمتحدة فى مكافحة الإرهاب بعد أن كانت الأولوية موجهة فى السابق إلى القضية الفلسطينية. ولكنه أكد على عدم حدوث حرب ضد إيران. وحذر مسلم من أن ما سبق يثير القلق حول النظام الإقليمى. فبعد أن كان لدينا نظام إقليمى عربى تأتى المشاركة الجديدة التى تناولتها القمة لتطرح الكثير من علامات الإستفهام. فهل ستضمن القوة المكونة من 34 ألف جندى السلام والإستقرار فى المنطقة؟ وكيف ستكون المشاركة وماهو شكلها؟ وماهو شكل قيادتها؟ وعبر اللواء مسلم عن شعوره بعد القمة بحدوث «إنهيار لمنظومة الأمن فى المنطقة». فالولاياتالمتحدة لم تقدم خلال القمة أى ضمان لحماية أى طرف، وخلص إلى أنه دون نظام إقليمى سيكون من الصعب القيام بدور لتحقيق الأمن المنشود. وعن طبيعة العلاقات مع إيران مستقبلا، قال «هل المقصود هو منع التعاون مع إيران فقط «؟، فلم يشر أحد إلى أسلوب التعامل مع إيران، فحل الخلافات يمكن أن يتم سلميا فى ظل :«عدم رغبة أى طرف فى خيار الصدام المسلح».