قالها رحمة الله عميد الرواية العربية نجيب محفوظ فى اولاد حارتنا آفة حياتنا النسيان.. لم يكن على الارجح يدرك او كان الله اعلم وأراد ان يخفف عنا أن آفة حارتنا :الجحود والنكران.. بقيت لايام أتأمل وسط ما يجري، خبر الرحيل الصامت للأستاذة فاطمة ابنة، نجيب محفوظ.. والصامت لدرجة ان الخبر لم نعلم به إلا بعدها بثلاثة أسابيع. ابنة نجيب محفوظ تمرض وتموت ويشيع جثمانها ويوارى الثرى ولا يكون فى جنازتها الا ثلاثة أنفار واحدة منهم شقيقتها ام كلثوم.. يالله ...استحضرت تلك الايام التى كانت، ان مر احدهم على رصيف بيت نجيب محفوظ، قال انا فعلت، وضعها عنوانا وكتب..! تذكرت عصارى يوم نوبل لما أوقف زحام الصحفيين مرور الشارع وكانت طلة، مجرد طلة لواحدة من ابنتيه الكريمتين، تعد نصرا صحفيا! يالجحودنا! لكنها الايام وتبدل الاحوال وهى آفة الحارة التى تفاقمت وترسخت.. قبل نوبل نحو ثلاثة اعوام كنت أعمل فى مجلة صباح الخير قبل انتقالى للأهرام.... كان جزء من من طبيعة «صباح الخير» «كسر النمطية» الى مدى يقترب من الشقاوة الصحفية.. وهكذا قبيل عيد ميلاده،اتصلت بالاستاذ و طلبت ان أزوره فى البيت، كان الامر أشبه بالتحدى وتصور معى وبمعيار المهنة اى نصر سوف يتحقق! إلى أن حدثت المعجزة وباختصار قبل الاستاذ أن أزوره الساعة الخامسة ذات خميس من أيام ديسمبر. أصف ما اعترانى من فرح وخوف الا يتحقق ذلك لاى سبب، يحتاج مساحة، وليس هو ما اهدف اليه. حملت زهورا ورحت فى الموعد، وكتبها الله لي: أدخل بيت العظيم نجيب محفوظ قبل نوبل وربما نلت وحدى هذا الشرف وأتم الله نعمته وكتبت من داخل بيت الاستاذ، ليس عنه فقط بل عن البيت، بشرا واثاثا وروحا.. بل غمرنى بكرم الضيافة، جاتوه وعصائر، والأهم أننى التقيت بالسيدة عطية الله والابنتين، ام كلثوم وفاطمة .. وكانت المرة الاولى بالطبع التى التقيهما.. استطيع أن اتكلم عن الود والانفتاح الانسانى والبشاشة والبساطة والالفة التى مضى بها الوقت فى حضرتهما والسيدة عطية الله (اللقاء منشور وموجود) .. كان لتقارب أعمارنا ايضا، اثره وقد كنا فى منتصف الثلاثينيات، كأنما نصل تعارفا تكلمنا وضحكنا وانا فى الحقيقة لا اصدق هذه السلاسة التى كانت بفضل ما كانتا تتمتعان به من إقبال ورقى إنساني، خفف كثيرا من قلقي. وتكرر اللقاء بعدها بسنوات وساعات من اعلان نوبل.. والتقطنا الصور والى آخره. كيف وصل الامر الى هذا القدر من المرارة التى قرأتها على صفحات الاهرام العربي، فى حوار لهما، فى عدد نشر ديسمبر 2016، واعده ببراعة مهنية زميلنا نبيل سيف، ويستحق فعلا الشكر عليه لانه كشف قدر جحودنا، الذى خلف المرارة والعلقم فى قلبى ام كلثوم ، متعها الله بالصحة وفاطمة رحمها الله . نعم علقم وأسى من الحكومة والناس معا.. موقف أدركه وأفهمه واصدقه بل وأعيشه وعذرا ان بحت، فقبل ساعات اشترى شاب من على سور الازبكية نسخة كتاب الزينى بركات باهداء وتوقيع جمال الغيطانى الى صديقه الحميم الذى كتب اليه الغيطانى انه صديق العمر والفنان الموهوب وصاحب الفضل ثم آل الكتاب بمعانى الاهداء وقيمه الى سور الازبكية ليشتريه شاب وينشر كاتبا على الفيس بوك اشتريت اليوم من على سور الازبكية كتابا مهدى من الغيطانى وبتوقيعه الى صديقه الحميم، قبل مرور عامين على رحيل الغيطاني، فلا غرابة ولا استغراب ان استشعرت ابنتا الرمز المحفوظى مرارة زيف المشاعر وانفضاض المتكالبين بعد الرحيل الجسدى للاستاذ.. فتلك آفة حارتنا التى تحورت من النسيان الى الجحود. تكلمنا عن متحف نجيب محفوظ الذى أصدر الوزير الاسبق فاروق حسنى قرارا بأن يكون مقره وكالة ابو الدهب بالجمالية عام 2010 و على هذا الاساس وهبتا وزارة الثقافة مقتنيات احتاجت 13 صفحة لتسجيل محضر استلامها ولم يحدث ولم ينفذ كل وزراء ثقافة مصر فى عشر او احد عشر عاما هذا القرار. تحدثنا عن تسرب اصول بخط يده تباع فى نيويورك ولم يحدث ان منح نجيب بنفسه ولا اهدى أحدا إلا زوجته التى أهداها مخطوط احلام فترة النقاهة وحددتا ان التسرب اما من مجلة كان ينشر بها اخريات حياته وكانت تعيد له صورا بدلا من الاصول وشقة والدته التى كانت تسكن بها شقيقته حتى اول السبعينيات، وعددتا مفردات الكنز الذى وهبتاه لوزارة الثقافة ولم تستطيعا استرجاعه لان مكتبة الاسكندرية متحمسة لاقامة المتحف حتى خاطبتا الوزير حلمى النمنم شرحتا ان مكتبة الاسكندرية على استعداد لان تقيم متحفا يحفظ وهبتهم المحفوظية, ولكنه رفض (يعنى لا نرحم ولا نسيب رحمة ربنا).. لكن الاكثر مرارة جاء حول شياطين الانس بحسب تعبيرهما، هؤلاء الذين دخلوا حياة محفوظ بعد محاولة الاغتيال وسعوا لتحقيق أجندات بل وأسهموا فى ضخ اشاعات. حول الابنتين وحجابهما، و بلغ الامر حدا من الوقاحة لم تحترم فيها لا أصول الحياة الخاصة ولا ذكرى عظيم أديب كنا نتهافت على نظرة منه.. كان الاكثر وجعا ما نشرته الزميلة منة الله الابيض قبل ايام عن حكاية حوارها التليفونى مع ام كلثوم والذى انقطعت مكالماته فجأة بعد توقف ام كلثوم و عدم ردها على التليفون، لتكشف لنا خبر الوفاة، وفاة فاطمة وتشييعها الى ربها، الذى بإذن الله يرحمها ويرزقها جنات تعوضها الجحود الحكومى وشيطنة الانس. لمزيد من مقالات ماجدة الجندى