كان افتتاح أول مدرسة للطب بأبو زعبل فى عام 1827 أي منذ 190 عاما، وهي التي تم نقلها فيما بعد لتصبح مدرسة الطب بالقصر العيني في عام 1837،وهى أول مدرسة للطب تأسست فى مصر فى عهد محمد على باشا على يد الطبيب الفرنسي كلوت بيك والذي كان من كبار الأطباء والجراحين بالجيش المصري، وتعد أقدم مدرسة للطب فى إفريقيا والعالم العربي وأول مدرسة علمية لتدريب الكوادر وإنتاج البحوث الطبية فى العصر الحديث. لمهنة الطب الحديث فى مصر تاريخ علمى واجتماعى طويل، وعلى مر العصور شهد ت هذه المهنة العديد من العقبات والأزمات، وأيضا فترات من الازدهار وهذا ما يعرضه لنا بالتفصيل كتاب» الطب والجراحة في مصر من زمن الحملة الفرنسية وحتى العصر الحديث» تأليف الدكتور أحمد جميل الشرقاوي أستاذ الجراحة بكلية الطب جامعة القاهرة. ويسجل الكتاب تطور الطب الحديث في مصر فيبدأ بوصف الأحوال الطبية في آخر العصر العثماني مع مجيء الحملة الفرنسية وأول حكم محمد على قبل إنشاء مدرسة الطب بأبي زعبل، ثم تأتى قصة إنشاء مدرسة الطب التي تكاد تكون ملحمة تضافرت فيها الإرادة السياسية ومهارة كلوت بك لتخطى العقبات الدينية والاجتماعية حتى ظهرت هذه المدرسة واستقرت لتعانى من هزات في فترتي حكم عباس وسعيد باشا وخصوصًا أثناء حرب القرم، حيث أغلقت المدرسة أبوابها أمام الطلاب لفترة. أما عصر إسماعيل فقد شهدت فيه المدرسة ازدهارًا بعد أن تولى أمورها نخبة من الأطباء المصريين، ولكن المدرسة تعرضت بعض الأزمات بعد الاحتلال البريطاني لمصر حيث وقعت تحت سيطرة المحتلين. وعندما قامت ثورة 1919 التي صاحبتها الصحوة المصرية في مجالات السياسة والاقتصاد والتعليم والصحة تحولت مدرسة الطب إلى كلية الطب ويدهش المجتمع المدني بنشاطه فى تطوير وتوسيع الخدمات الصحية فى مصر. وبعد ثورة يوليو 1952 بدأ مفهوم العدالة الاجتماعية يمتد ليشمل قطاع الطب من خلال انتشار الوحدات الصحية فى القرى والمناطق النائية. ويكشف الكتاب معلومات شيقة وقيمة حول تاريخ مهنة الطب في مصر حيث بدأ التدريس فى مدرسة الطب باللغتين الإيطالية والفرنسية مع ترجمة فورية للشرح إلى اللغة العربية. كما يكشف للقارئ أن خريجي المدرسة كانوا يحصلون على رتبة عسكرية حيث كان الخريج يسمى ضابط صحة، وكان كلوت بك يرفض إضافة لقب دكتور للخريجين حيث إن هذا اللقب كان يستلزم دراسات إضافية وإعداد رسالة. وتناول الكتاب أيضًا تاريخ إنشاء مدرستي الصيدلة والطب البيطري وطب الأسنان، بالإضافة إلى الجمعيات الطبية والمستشفيات الكبرى ومنها على سبيل المثال: جمعية الهلال الأحمر، مستشفى الكلب، مبرة محمد على ومعهد بحوث أمراض الرمد. الكتاب :الطب والجراحة في مصر من زمن الحملة الفرنسية وحتى العصر الحديث تأليف: د. أحمد جميل الشرقاوي الناشر : الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية