يبرز الروائي المعروف (فؤاد حجازي) بما يملكه من قدرة إبداعية، ومكانة فنية وتجربة سابقة في مجال الكتابة للأطفال سواء في القصة أو المسرح إضافة إلى ما أثبتته قدراته في فن كتابة الرواية للكبار والصغار على حد سواء. وفي روايته الموجهة للناشئة (ابتسامات) الصادرة عن دار الهلال، ومن خلال ست عشرة نقلة سردية متوازية مع مضمون الحكاية وأبطالها الأطفال واللعبة على الحدث وتناميه على أسلوب سردي ممتع، شاركت القطط فيه بفاعلية فنية كان الهدف منها نشر الابتسامات على وجوه الناس التي علاها النكد والتكشيرات و«النرفزة» من أي عمل لا يُرضى أهواءهم الغارقة في دوامات العبوس الدائم على وجوههم . والحكاية رغم أهميتها بسيطة وجديدة وممتعة، أبطالها مجموعة من طلاب المرحلة الإعدادية (سالم، وراجي، وهبة، ورحمة) الذين اجتمعوا في بيت سالم صباح يوم الأحد حيث يذهب أبواه إلى الكنيسة، ويحضر الأصدقاء وتصطحب هبة قطتها (كريشو) ليناقشوا سلوك آبائهم وأمهاتهم معهم وكيف أنهم لا يكفون عن التكشير ومناقشة البحث عن أسلوب جديد لوقف التكشير في وجوههم وارتفع سؤال رحمة عالياً: (كيف نجعلهم يبتسمون؟) وهل يمكن الاحتفاظ ببعض الابتسامات. ويتفق الأصدقاء أن أفضل الأوقات لجمع الابتسامات هو في الصباح لأنها تحفز على العمل ويعودون إلى القطط الموجودة في البيوت لتقوم بجمع الابتسامات من ربات البيوت واقترح سالم أن يشتروا من مصروفهم وجبات القطط حتى لا يتعطل العمل وبعد أن انتهوا ذهب بعض الأصدقاء لتجهيز وجبات القطط للغد وبينما كانت رحمة في طريق العودة وجدت بعض النساء متشحات بالسواد لموت عزيز جلسن يولولن وكان كشاف هبة مشتعلاً في جيبها فتقوم بنشر الابتسامات التي علت وجوه النسوة فتوقف «صواتهن» ورحن يتسربن من جلسة العزاء وعندما تصلان حيثما تصك آذانهما بأصوات مكبرات الصوت بغناء نشاز فاقتربت يد منهما بالفضول وإذا بكل شيء يخف وفجأة خفت الأصوات وبدأ الناس ينصرفون ويقع نظرهم على كريشو فأدركت هبة أنه حصل على التكشيرات التي حفظتها في غرفتها، ويدافع كريشو عن نفسه قائلاً: اشتكي الجيران من إقلاق راحتهم بمكبرات الصوت، فأردت إراحتهم. لاحظ الناس اختفاء القطط التي كانت تعيش في أكوام القمامة كما لاحظوا سرعة قضاء مصالحهم في المؤسسات حيث كان الموظفون يبتسمون بشكل دائم. ويجتمع الأصدقاء يتمتعون بانجازاتهم ويتناقشون بوسائل نشر تجربتهم وراحوا يستعرضون العنوان الذي يصلح لتجربتهم وبعد أن يتداولوا ماطرحوه من عناوين لا تفى بالغرض تقترح رحمة عنواناً وافق الجميع عليه وهو (بسمة في كل مكان) لقد استطاع المبدع أن يقدم حكاية ظريفة وجديدة لها أبعاد إنسانية واجتماعية من خلال نص روائي سهل وممتع قدمه للناشئة عن طريق تعاون الأصدقاء مع القطط لجمع الابتسامات المتناثرة على الأرض وإعادة نثرها على الشفاة حتى تنثر الابتسامات على وجوههم وتدفعهم إلى مواصلة الحياة وهم أكثر حباً وتعاوناً وتألقاً مع من حولهم. لقد كان الهدف القيمي واضحاً في نص الرواية وهو هدف نبيل يسعى إلى إزاحة التكشيرة عن وجوه الناس لتحل محلها الابتسامات الصافية والمشجعة فوصل إلى هدفه بسهولة ويسر من خلال نص روائي بسيط لم يخل من المواقف الساخرة والقفشات الجميلة والمواقف البريئة التي جمعت الأصدقاء على هدف نبيل، إلا أن النص على تقنياته العالية وجمالياته التناولية والأسلوبية، وبما أنه موجه لشريحة محددة من الأطفال فقد وقع النص في بعض السلبيات التربوية، وهي قليلة، التى من المفروض ألا نكرسها في الأدب الموجه للأطفال وعدم الاقتراب منها لا سيما تلك التى تمس الأسرة والمواقف السلبية.