من مدينة سوهاج، انطلقنا جنوبا إلى مركز «البلينا». ساعة ونصف الساعة مضيناها بين القرى ببيوتها الصغيرة وحقولها الخضراء، إلى أن جاءت لحظة عبورنا «البوابة».. بوابة أبيدوس. . أقدم منطقة أثرية فى مصر والعالم. تبدل المشهد تماما.. أتوبيسات مكيفة تحمل السياح.. صحراء مترامية يحدها الجبل، وفى بقعة ما، يستقر معبد أبيدوس أو "سيتى الأول" بفناءيه الأماميين الشهيرين. هانحن أمامه وجها لوجه، نرتقى درجاته صعودا، وكأننا فى موكب ضخم يتحرك ببطء وعظمة، كتلك المواكب التى كانت تتوافد عليه منذ آلاف السنين فى طقس دينى معروف. شعرنا أننا مقبلون على مبنى رائع ، وصدق إحساسنا بمجرد دخولنا الصالة الأولى، بصحبة مرشدنا حازم صلاح ، الذى كشف لنا سر قدسية أبيدوس، وهو إيمان المصريين القدماء بأن رأس أوزوريس إله الحياة الأبدية قد استقر هنا وفقا لأسطورة إيزيس وأوزوريس الشهيرة ، فأصبحت قبلة الحج فى مصر القديمة أما اسمها فقد تحور من أب جو بالفرعونية، الى أبيدوس باليونانية. داخل الصالة الأولى التى تضم24 عمودا على صفين، حكى لنا حازم أن هذا المعبد هو الوحيد فى مصر تقريبا الذى وجد كاملا، وصمم بشكل فريد على هيئة زاوية قائمة، بخلاف الشكل التقليدى للمعبد المصري. 20 عاما استغرقها بناء المعبد، بدأها الملك سيتى الأول (الاسرة19)، وأكمل البناء بعد وفاته ابنه رمسيس الثانى، لكن جمال ودقة واتقان الجزء الداخلى الذى جاء فى عهد سيتى يتضح جليا على عكس الجزء الخارجي، أما الصالة الثانية فتضم 36 عمودا، بينها ممرات تنتهى إلى 7 مقصورات، كل واحدة منها مخصصة لعبادة إله، والعجيب أن منها مقصورة لصاحب المعبد! أهم ما يميز المعبد هو ذلك الممر الضيق الذى تضم جدرانه قائمة ملوك مصر الذين اعتبرهم «سيتى الأول» ملوكاً شرعيين بلغت 76 اسما ، بدأت ب «مينا»، وانتهت ب«سيتى»، متجاهلة اسم الملكة «حتشبسوت»، «أخناتون» و«توت عنخ آمون»!