نيابة الخليفة تقرر إحالة عاطل إلى محكمة الجنح بتهمة سرقة مساكن المواطنين    مستقبل وطن المنيا يكرم 100 عامل مؤقت    متحدث الوزراء: 14 مطورا صناعيا في المنطقة الاقتصادية بقناة السويس    انهيار منزل سكني من 3 طوابق بالمحلة دون وقوع إصابات.. صور    التيسيرات الضريبية... قبلة الحياة للاقتصاد الحر والشركات الناشئة في مصر    مصر تُرحب بإعلان وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    طوابير خانقة وأسعار مضاعفة وسط غياب الحلول..أزمة وقود خانقة تضرب مناطق الحوثيين في اليمن    محلل سياسى: جولة الغد من مفاوضات إيران والولايات المتحدة حاسمة    حركة فتح: خطة نقل المساعدات الأمريكية لغزة تغليف لسياسات الاحتلال وتجويع للفلسطينيين    أزمة مباراة القمة.. رابطة الأندية: أرسلنا حيثيات قراراتنا للجنة التظلمات    الكلاسيكو| أنشيلوتي يكشف موقف رودريجو ويؤكد: واثقون من الفوز    وزير الخارجية يرأس حوار اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان مع ممثلي منظمات المجتمع المدني    مصرع طفلة وإصابة 4 أشخاص في حادث بين 3 سيارات بصحراوى البحيرة    ضبط شاب حاول التعدي جنسيًا على طفلتين داخل عقار في إمبابة    تأجيل محاكمة أربعة متهمين بالتسبب في انهيار عقار بأرض الجولف    عطلوا أحكام الدستور.. تأجيل محاكمة 19 متهمًا ب«خلية المرج الثالثة»    محمد محمود عبد العزيز يكشف تفاصيل الأزمة بين بوسي شلبي مع الإعلامي عمرو أديب    يغادر دور العرض قريبًا.. تعرف على الفيلم الأضعف في شباك تذاكر السينما    نائب رئيس الوزراء: مصر تضع الملف الصحي بجميع ركائزه على رأس أولوياتها    يوم الطبيب المصري.. وزير الصحة: الدولة تكرّم أبناءها من جيش الصحة.. نقيب الأطباء : نثمّن الجهود التي بذلت للانتهاء من قانون المسئولية الطبية.. ومستشار الرئيس: اهتمام رئاسي بالملف الصحي    السودان.. 21 قتيلا في هجوم للدعم السريع على سجن بشمال كردفان    مرسوم عليه أعداء مصر ال9.. «كرسي الاحتفالات» لتوت عنخ آمون يستقر بالمتحف الكبير    صحة الدقهلية: المرور على 863 منشأة طبية خاصة وتنفيذ 30 قرار غلق إدارى    الرئيس العلمي لمؤتمر، الذكاء الآلى بالإسكندرية: مؤتمر "آيكوميس" يحظى برعاية دولية من "IEEE"    القومي للمرأة يشارك في اجتماع المجموعة التوجيهية لمنطقة الشرق الأوسط    "صورة الطفل في الدراما المصرية" ندوة بالمجلس الأعلى للثقافة    محافظ أسيوط يتفقد تطوير مدخل قرية بنى قرة ونقل موقف السرفيس لتحقيق سيولة مرورية    بعد كتابة وصيته.. المخرج أشرف فايق يكشف تطورات حالته الصحية داخل غرفة العمليات    جدول مواقيت الصلاة في محافظات مصر غداً الأحد 11 مايو 2025    "بسبب ماس كهربائى" مصرع وإصابة ثلاثة أشخاص إثر نشوب حريق داخل حوش مواشى فى أسيوط    محافظ الدقهلية يتفقد مستشفى أجا في زيارة مفاجئة ويبدي رضائه عن الأداء    «الإحصاء»: 1.3% معدل التضخم الشهري خلال أبريل 2025    مديرية أمن القاهرة تنظم حملة تبرع بالدم بمشاركة عدد من رجال الشرطة    طريقة عمل الكيكة بالليمون، طعم مميز ووصفة سريعة التحضير    دعوة شركات عالمية لمشروع تأهيل حدائق تلال الفسطاط    جامعة أسيوط تُشارك في ورشة عمل فرنكوفونية لدعم النشر العلمي باللغة الفرنسية بالإسكندرية    وقفة عرفات.. موعد عيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    صحة غزة: أكثر من 10 آلاف شهيد وجريح منذ استئناف حرب الإبادة    شئون البيئة: التحول للصناعة الخضراء ضرورة لتعزيز التنافسية وتقليل الأعباء البيئية    رئيس صحة النواب: مخصصات الصحة في موازنة 2026 الكبرى في تاريخ مصر    انطلاق الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ    رئيس الوزراء العراقي يوجه بإعادة 500 متدرب عراقي من باكستان    جنايات المنصورة...تأجيل قضية مذبحة المعصرة لجلسة 14 مايو    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الكلام وحده لايكفي !?    رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية عقد توطين وتوريد 21 وحدة قطار مترو بواقع 189 عربة لمشروع مترو الإسكندرية.. مدبولى: هذا التوقيع تنفيذاً لتوجيهات الرئيس السيسى بالتوسع فى إنشاء شبكة من وسائل النقل الجماعى الأخضر    موقف بالدي.. فليك يحدد تشكيل برشلونة لمواجهة ريال مدريد في الكلاسيكو    مصر تستضيف الجمعية العمومية للاتحاد العربي للمحاربين القدماء وضحايا الحرب    «الصحة»: تدريب 5 آلاف ممرض.. وتنفيذ زيارات ميدانية ب7 محافظات لتطوير خدمات التمريض    بعد غيابه ثلاث مرات.. وصول زيزو ومحاميه لمقر الزمالك للمثول للتحقيق    الرمادي يعقد جلسة مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بيراميدز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 10-5-2025 في محافظة قنا    حاجة الأمة إلى رجل الدولة    تفاصيل مفاوضات الأهلي مع جارسيا بيمنتا    منة وهنا وأسماء وتارا.. نجمات يسيطرن على شاشة السينما المصرية    موعد مباراة الاتحاد السكندري ضد غزل المحلة في دوري نايل والقنوات الناقلة    الرئيس السيسي يعود إلى أرض الوطن بعد مشاركته في احتفالات عيد النصر في موسكو    هل تجوز صلاة الرجل ب"الفانلة" بسبب ارتفاع الحرارة؟.. الإفتاء توضح    عمرو أديب بعد هزيمة بيراميدز: البنك الأهلي أحسن بنك في مصر.. والزمالك ظالم وليس مظلومًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشعلنا الحريق وعلينا أن نطفئه
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 07 - 2012

بعيدا عن المزايدات والشعارات فإن من يرقب تاريخ الشرق الأوسط الحديث لابد أن يقتنع بأن مصر كانت دائما قبلة أنظار شعوب المنطقة والبوصلة الهادية لجميع البلدان المجاورة وأن كل التغييرات الجذرية التي جرت خلال القرنين الماضيين علي الصعيد الإقليمي اختمرت وتبلورت في مصر أولا فكانت القاهرة علي الدوام هي نقطة الانطلاق لكل توجه جديد.
فالنهضة بدأت في مصر علي أيدي رجال كان في طليعتهم العبقري رفاعة الطهطاوي بتشجيع من حاكم مستنير هو محمد علي, ففتحت الباب علي مصراعيه للمنطقة بأسرها لأن تدخل في العصر الحديث بعد أن ظلت حلكة التخلف تلف بها لقرون طويلة. وأخذت الدول العربية تقلد مصر في السعي إلي طريق العلم والتنوير, وظهر المفكرون والمبدعون وبزغت شمس المعرفة حتي وصلت النهضة إلي أوجها في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين.
وكانت فكرة العروبة قد نشأت علي استحياء في العقول منذ العشرينات من القرن الماضي لكنها ظلت كلمة تتردد في الأفواه لديها بعض الصدي في كتابات تلك الحقبة والأعمال الفنية المختلفة. العروبة ظلت نغمة باهتة وضعيفة إلي أن تبنتها مصر وآمن بها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فسار غالبية العرب وراءها وأصبحت الأيديولوجية الحاكمة في المنطقة لسنوات طويلة.
وفي السبعينيات من القرن الماضي عندما أقدم السادات علي تغيير جذري في سياسة المواجهة مع إسرائيل وقرر التصالح مع الولايات المتحدة والتقرب من الغرب أدركت أمريكا أنها انتصرت في معركة الشرق الأوسط لأنها تعلم تمام العلم أن مصر مفتاح المنطقة. وبالفعل سارت غالبية الدول العربية علي نفس النهج وكان تحول السياسة المصرية علي يد أنور السادات هو المسمار الأول في نعش الاتحاد السوفيتي السابق. وعندما ارتأي السادات أن أفضل وسيلة لمواجهة اليساريين والناصريين هي أحياء النزعة الدينية لم يكن يتخيل أن الأمور ستفلت من بين يديه وأنه سيكون أول ضحية لنار التطرف والبغضاء.
وبسرعة مذهلة استشري تيار الإسلام السياسي ولم يقتصر علي العالم العربي وحده بل سرعان ما كسب أرضا في جميع الدول الإسلامية أو غالبيتها.
وكانت القاهرة هي البؤرة الأولي لانطلاق نظرية مكافحة الشيوعية من خلال الإسلام. وقد يعترض البعض بأن مصر لم تقع في براثن التطرف الأعمي والعنف ولم تنادي يوما بالارهاب وسفك الدماء وكل هذا صحيح, لكن واقع الأمر أن النهج الذي سلكه السادات بدعم التيارت الدينية لضرب معارضيه من اليساريين كان الشرارة الأولي التي أشعلت فكرة الإسلام السياسي والجهاد في سبيل الله بديلا عن الجهاد في سبيل الوطن.
والأخطر أن الولايات المتحدة وجدت ضالتها في فكرة الصحوة الدينية ونجحت في توظيفها لصالحها في المواجهة الكونية بينها وبين الاتحاد السوفيتي السابق. وكان المختبر الذي أفرز المجاهدين في جميع الدول العربية والإسلامية هو أفغانستان التي كانت ترزح تحت الاحتلال السوفيتي, حتي أنه أطلق عليهم في الثمانينات اسم الأفغان مع أنهم كانوا مصريين وسعوديين وغير ذلك. وكانت أفغانستان هي المسمار الثاني في نعش الاتحاد السوفيتي الذي انهار وتفكك إلي عدة دول منها دول إسلامية مثل كازاخستان وأوزبكستان وغيرهما. وكعاتها دخلت إسرائيل علي الخط لاستثمار الأوضاع الجديدة لصالحها وتيقنت من أن إذكاء نار الفتنة الدينية واستغلال الدين في السياسة هو خير وسيلة لضرب التيارات الوطنية خاصة داخل صفوف المقاومة الفلسطينية, ووجدتها فرصة سانحة لإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية ومحاولة القضاء عليها فقامت بتشجيع منظمة بديلة تقوم علي الإسلام السياسي وهي حماس فكانت بالفعل شوكة في حلق منظمة التحرير.
من يقوم بتحليل موضوعي لتطورات الأحداث منذ أربعين عاما يكتشف أن البداية كانت من مصر حتي وإن لم يكن لها يد في تطور الأمور بالصورة السلبية التي راح ضحيتها مئات الآلاف من المسلمين من إندونيسيا إلي المغرب.
والآن وقد وقع ما لم يكن متصورا منذ أقل من عامين وهو أن يصبح رئيس مصر منتميا إلي التيار الإسلامي فقد تأتي الأقدار بمفارقة من مفارقات السياسة وهو أن يكون انتخاب محمد مرسي بداية النهاية لفكرة الإسلام السياسي والجهاد باسم الدين لا الوطن وإقصاء غير المسلمين ومعاداة الآخرين.
والآن يتوجب علينا أن ندرك الحقائق التي آمن بها الشعب المصري منذ بداية القرن العشرين وهي أن التمسك بالدين ليس معناه العودة إلي الوراء بل معناه التقدم والنظر إلي المستقبل.. التمسك بالدين ليس معناه التطرف في تطبيق أحكامه بل معناه الأخذ بما يصلح للمجتمع في الظروف الراهنة.. إعلاء الدين ليس معناه الانغلاق والتكفير ونبذ كل فكر خارجي بل الانفتاح علي العالم والاستفادة من خبرات الغير, ودور مصر الآن هو إعادة العالم العربي والإسلامي إلي إيقاع التطور العالمي ونبذ عقيدة الإسلام السياسي.
المزيد من مقالات شريف الشوباشي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.