مرة أخر تظهر من جديد حملات تطالب بمنع ارتداء الفتيات لما يعرف ب " البنطلون المقطوع " وخاصة في المدارس والجامعات , وهذا ما جعل النائب عبد الكريم زكريا عضو اللجنة الدينية بالبرلمان , يتقدم بتعديل تشريعي يلزم المؤسسات العلمية بتطبيق ذلك , علي أن تكون وزارة التعليم هي المسئولة عن تحديد الزى المدرسي , بينما المجلس الأعلى للجامعات يكون هو المسئول عن تحديد الزى الموحد لكل كلية أو جامعة ! كما أيدت هذا الأمر أيضا النائبة " أمنة نصير " أستاذة العقيدة والفلسفة , وطالبت الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة , أن يقوم بتنفيذ هذه الدعوة بقرار إداري من الجامعة كما فعل من قبل في قضية حظر النقاب . وجاءت نفس دعوة المنع من الدكتورة مني عبد العاطي عضو لجنة التعليم بمجلس النواب , التي طالبت هي أيضا بضرورة منع دخول الطلاب إلي الجامعات بأزياء غير لائقة مثل " الشورت والبنطلون المقطع والبيجاما " وجاءت هذه الأخيرة ردا علي انتشار خبر ارتداء أحدي الطالبات " البيجامة " أثناء ذهابها إلي الجامعة ! وبداية فنحن نتفق تماما بأن " البنطلونات المقطعة " أصبحت تمثل ظاهرة سخيفة بالفعل , خاصة وأنها أخذت تستشري سريعا ليس بيننا فقط , بل وفي جميع أنحاء العالم أيضا ! وليت الأمر توقف عند هذه التقليعة فحسب , بل وقد زاد عليها تقليعة أخري أكثر سخافة وهي " البنطلون المبلول " , والذي نال بدوره هو الأخر هجوما عنيفا وسخرية من سائر أطياف المجتمع ! ورغم هذا يبقي السؤال الذي يتردد دائما في مثل هذه المواقف هل يمكن أن نلجأ إلي القوانين لمنع ظاهرة حتى ولو كانت مرفوضة من المجتمع ؟ وحتى لو تحقق هذا مثلا مع ظاهرة البناطيل بكل أشكالها مقطوعة كانت أم مبلولة بما فيها الشورت أيضا , وتم منعها من المدارس والجامعات ! فماذا عن باقي الملابس الأخرى ؟ وهناك بالطبع العديد منها ما هو غير محتشم ولا يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا ! أم أننا سنستخدم القوانين قطعة قطعة علي حسب ما نرتديه ؟ وقد نفهم أن يطالب البعض بمنع مثل هذه الأزياء الغريبة في الجامعات لأنه مسموح فيها للطالبات بارتداء ما يحلو لهن , أما المدارس فكيف نطالبها بنفس الأمر وهي أصلا ملتزمة بتحديد " زى رسمي " موحد لكل مدرسة علي حدي ! في الحقيقة أنا لا أعلم تحديدا كيفية الوسيلة التي يمكننا بها محاربة مثل هذه الظواهر السلبية , ولا اعتقد أيضا بأن الزج بسن القوانين في كل شيء في حياتنا هو الحل , وإلا فهذا قد يصل بنا في النهاية إلي ما يتمناه ويسعي إليه دائما شيوخ السلفية المتشددين ودعاة فتاوى التحريم , الذين لا هم لهم سوي فرض الحجاب علي المرأة المصرية وربما يأتي النقاب من بعده ! لذا فأنه لا بديل أمامنا سوي بالتربية السليمة بدءا من الأسرة والأهل ومرورا بالمدرسة , فهذا ما تعودنا عليه في صغرنا أن كل واحد حر ما لم يضر ! وأن كان من المؤكد أن الملابس الغير محتشمة أو المثيرة عامة لا تضر فقط , بل قد تحدث فتنة لا يحمد عقباها , ولكن وبرغم هذا فأن منعها يجب أن يأتي من المجتمع نفسه , وليس بناء علي أوامر أو قوانين ! وإذا كنا نرفض دائما دعوات حظر أو منع الحجاب أو النقاب , فأننا ومن باب أولي نرفض أيضا الوصاية علي ما نرتديه , لذا فأنني أتعجب لمن يطالبون الدكتور نصار بتطبيق منع البنطلونات المقطعة في جامعة القاهرة , علي غرار ما فعله من حظر النقاب , وفات هؤلاء أن الحظر كان منصبا فقط علي عضوات هيئة التدريس وليس علي الطالبات , وبالتالي فمن العدل أن تكون المعاملة هنا بالمثل [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;