لا توجد قيمة لأى منتج دون مستهلك، فالمستهلك هو العنصر الأساسى لعملية الإنتاج؛ فلا قيمة لمحاضرة دون طلاب، ولا ندوة دون حضور، ولا مطعم بلا زبائن، ولا مسرح بدون جمهور.فالعرض المسرحى يتكون من ثلاثة عناصر أساسية، وهى النص والممثل والجمهور.ولا يمكن الاستغناء عن أى عنصر منها. فمنذ أن عرف الإنسان المسرح وهو معتمد على مجموعة من الأناس تقوم بتقديم فكرة ما فى إطار فنى لمجموعة أناس آخرى، سواء كان داخل مسرح تقليدي، أو مسرح دائري، أو حتى عرض مسرحى فى الشارع...الهدف واحد وهو تقديم هذا العمل الفنى لجمهور.كما أن حضور هذا الجمهور ومدى تفاعله دائما ما يشكل إيقاع العرض وإحساس الممثلين، بداية من المسرح الشعبى الذى كان يقدم بالقرى، حيث كان الجمهور يلتف حول الممثلين مشكلا قاعة العرض ومشاركا به أحيانا، أو مسرح العلبة الإيطالى التقليدى والذى يجلس الجمهور فيه مواجهاٌ للممثل ومقيما له.والجمهور هو ما يميز العرض المسرحى عن باقى الفنون الأخرى حيث ان ردود الأفعال تكون حية ومباشرة، وهى أيضا المتعة التى يتميز بها فن المسرح.كما أن فئات هذا الجمهور تختلف عن بعضها ويتم تصنيفها فكرياٌ وثقافياٌ واقتصاديا. لكن لوحظ فى الآونة الأخيرة قلة عدد الجمهور المتردد على دور العروض المسرحية وعدم الرغبة فى متابعة الأعمال المسرحية بات ملحوظا عاما بعد آخر إلا بعض العروض التى كانت تعتمد على الشباب وفى الغالب جمهورها من الشباب أيضاٌ، وقد برر البعض هذه الظاهرة نتيجة للظروف الاقتصادية التى تواجه الأسر المصرية، لكن هذه الإجابة لم تكن بقدر كاف من الإقناع، خاصة أن معظم مسارح الدولة بأسعار رمزية ومناسبة للجميع، وبعض آخر رأى أن وسائل الإعلام الحديثة قد سحبت الجمهور من المسارح.وأصبح النقاش فى هذه القضية مفتوحا ومطروحا فى معظم الأنشطة المسرحية والتى كانت تطرح نفس السؤال «أين ذهب الجمهور؟». وفى ظل هذا اللغز المسرحى تظهر لنا شركات خاصة تستورد أعمالا مسرحية أجنبية تحقق نجاحاٌ جماهيرياٌ واسعاٌ رغم ارتفاع أسعارها إلا أن هناك جمهورا - صبر ونال - ولم يبخل أن يشاهد ويستمتع بمثل هذه العروض التى يضفى عليها الرقى والإبهار والفن.فكانت الإجابة ببساطة هى أن الجمهور مل القديم والمستهلك والرسائل والمواعظ المباشرة، وأصبح واعيا بما يقدم على مسارح العالم ولا يبخل على مشاهدته، ليتحول السؤال من «أين ذهب الجمهور؟» إلى «لماذا لا نحرص على استقطاب الجمهور؟».
