استضافت مؤخرا مدينة أسوان الساحرة مهرجانها الدولي الأول لأفلام المرأة , والذي شرفت بالمشاركة في فعالياته , وهذا يمثل في حد ذاته حدث هام جدا , أولا لأن فكرة عمل مهرجان سينمائي للمرأة كان مطلبا قديما طالما انتظرناه طويلا , وبالتالي وبعد أن تحقق الحلم وخرج للنور أخيرا , فيصبح هذا أكبر إنجاز وانتصار للمرأة عموما . وربما من هنا كان حرص المهرجان علي منح الجوائز بأسماء رائدات السينما وذلك تكريما لهن , ونذكر منهن علي سبيل المثال , بهيجة حافظ وأسيا ونادية لطفي وسعاد حسني ولطيفة الزيات وغيرهن من رائدات الفن السابع . كما يحسب له أيضا تكريمه لزهرة السينما الجميلة " نجلاء فتحي " التي ورغم تغيبها عن الحفل بسبب مرض زوجها " حمدي قنديل " , إلا أنها كانت حاضرة وبقوة من خلال فنها الراقي وجماهيريتها الطاغية . ثانيا وهو ما زاد من أهمية المهرجان أنه عقد في تلك المدينة العزيزة علي قلوبنا جميعا , والتي وبرغم ما تتمتع به من سحر وعبق الماضي مما يجعلها من أجمل بقاع الأرض عندنا , إلا أنها مازالت مهمشة ولم تأخذ حقها الطبيعي من الرعاية والاهتمام الكافي بها . ولنا أن نتخيل مدي فرحة أهالي أسوان وهم يستقبلون أول عرس فني علي أراضيهم الغالية , ويكفي ما شاهدناه من حالة ا لحراك التي أحدثتها أيام وليالي المهرجان علي شعب أسوان الطيب الكريم , ولن نبالغ إذا قلنا أنهم قد خرجوا جميعا وبصفة خاصة النساء وطالبات الجامعة , اللاتي حرصن علي المشاركة في كل الفعاليات تقريبا . هذا بالإضافة لفرط سعادتهم وفرحتهم بهذا الكم الكبير من النجوم الحاضرين من كافة النواحي , وخاصة الفنانين والفنانات الذين حضروا سواء في الافتتاح أو الختام وعلي رأسهم الهام شاهين الرئيس الشرفي للمهرجان , ويسرا وليلي علوي ومحمود حميدة وفاروق الفيشاوي ولبلبة وهالة صدقي ورانيا يوسف ورانيا فريد شوقي وبوسي وإيناس الدغيدي وكارول سماحة والمخرج عمر عبد العزيز وغيرهم من النجوم الأجانب والعرب , إلي جانب باقي الضيوف من الشخصيات العامة والنقاد والصحفيين والإعلاميين وبعض صناع السينما. وربما يكون هذا التواجد الفني الكبير هو أحد حسنات المهرجان , فقلما نري هذا المشهد في مهرجاناتنا المصرية , بعد أن أعتدنا علي الغياب الدائم والمتعمد من نجومنا وامتناعهم عن حضور أي مهرجانات لبلدهم , بينما نجدهم علي العكس تماما في أي مهرجانات أخري , طالما كانت خارج نطاق حدودنا الجغرافية . وأهم ما يحسب لمهرجان أسوان لسينما المرأة أنه لم يكن مجرد أسم علي مسمي , بل كانت هناك أنشطة عديدة تم تقديمها بالتوازي مع باقي العروض الفنية الأساسية ويرجع هذا للدور الكبير الذي بذله المسئولين عن المهرجان سواء من السيناريست محمد عبد الخالق رئيس المهرجان , أو من زملائنا من الكتاب الصحفيين حسن أبو العلا مدير المهرجان , وأميرة عاطف السكرتير العام له . وكانت من ضمن الفعاليات أيضا " منتدى نوت " برئاسة الدكتورة عزة كامل لمناهضة العنف ضد المرأة , وكان الشعار هو " بالفن نناهض العنف ضد النساء " , وجاء في البداية من خلال مبادرة الوشاح الأبيض التي تم القسم فيها علي محاربة أو التصدي لارتكاب أي عنف بكل أشكاله ضد النساء . وكانت قضية " الختان " علي رأس جلسات العمل بهذا المنتدى أيضا , وقد ساعد هذا كله بجزء كبير علي نجاح المهرجان , خاصة وأنه لاقي ترحاب شديد وحضور طاغي من جانب المرأة الأسوانية . وهذا بالضبط هو ما تحقق علي يد المهرجان الذي نجح بالفعل في إلقاء الضوء علي هذا البلد العريق , وانعكس هذا بدوره ليحولها إلي عرس وكرنفال فني وثقافي وإعلامي كبير . كما استغل بعض الفنانين وجودهم في أسوان لزيارة معهد " مجدي يعقوب " للقلب , والمشاركة في المارثون الخيري الذي أقيم من أجل دعم ومساهمة المعهد . ولا يمكن ونحن نتحدث من داخل أرض الأحلام أن نغفل ذكر الرحلات النيلية وما أدراك ما هو نيل أسوان الذي فتن بل " جنن " العقول وخطف قلوب ونظر جميع الضيوف خاصة الأجانب , بما شاهدوه من المناظر الطبيعية الخلابة المترامية علي جانب ضفتيه . وهكذا يكون المهرجان قد ساهم ولو بقدر بسيط في إنعاش مدينة الحضارة الفرعونية القديمة , وتحريك المياه الراكدة بها بسبب غياب السياحة الخارجية . ويبقي أن نعوض ذلك بالسياحة الداخلية , ولن يحدث هذا إلا إذا تراجع أصحاب الفنادق والطيران عن أسعارهم الفلكية , فهذا هو الحل الأمثل إذا أرادنا الخروج من أزمتنا , وعلي رأي المثل " الخسارة القريبة أفضل من المكسب البعيد " , واعتقد أنه حتى لو خسرنا المال فعلي الأقل نكون قد كسبنا أسوان . [email protected] لمزيد من مقالات علا السعدنى;