من مياه الشرب والصرف الصحي الي الطرق والكباري والمدارس والمستشفيات, ومن الإنشاء الجديد إلي الاحلال والتجديد, ومن مشروعات البناء والإسكان الي الري وتطهير الترع, ومن المواصلات والاتصالات وحتي أبسط المرافق والخدمات.. تعاني محافظات مصر حاليا من تعثر واضح وخطير بسبب نقص الاعتمادات المالية في المقام الأول, ثم بعد ذلك تأتي الأيدي المرتعشة وارتباك الإدارة لتضيف مأساة جديدة الي مآسينا اليومية لتنخر في أساسات البنية التحتية التي تزداد سوءا يوما بعد يوم. وقد لا يبدو في الأفق ما يشير الي أن الحالة الراهنة علي وشك الانفراج, ربما بسبب الارتباك السياسي الحاصل علي الساحة ومشاحنات النخبة من حكومة وبرلمان وقوي سياسية مختلفة, وهو الأمر الذي ألقي بظلال واضحة علي القيادات التنفيذية في كل موقع, حيث كان سوء اختيار هذه القيادات عاملا مشتركا امتد من الإدارة المحلية الي الادارات الأخري المرتبطة بصورة مباشرة مع الجماهير التي اكتشفت منذ الوهلة الأولي أننا نسير من سيء الي أسوأ. مراسلو الأهرام في المحافظات يرصدون حالة المشروعات المتعثرة علي الطبيعة, كذلك حالة الارتباك التي تخيم علي صانع القرار في كل موقع. علي الرغم من أن بور سعيد تعد من أصغر محافظات مصر مساحة إن لم تكن أصغرها بالفعل.. إلا أنها واحدة من أهم المحافظات من الناحية الإقتصادية بموقعها الاستراتيجي الذي جعل منها ثاني أهم الموانئ وستكون أول ميناء في أفريقيا والشرق الأوسط بعد تفعيل مشروع شرق بور سعيد الذي يعد قاطرة التنمية الاقتصادية لمصر. ومع تلك الأهمية لهذه المحافظة إلا أن هناك العديد من المشروعات التي يقف بعضها منذ عدة سنوات كخيال مآتة والآخر تحول إلي أنقاض ولم تقم له قائمة حتي الآن وهناك مشروعات متوقف العمل بها لقلة الاعتمادات المالية منذ عدة سنوات رغم أهميتها القصوي للتنمية الاقتصادية للمحافظة. وتباين أسباب التجمد والتعطل لهذه المشروعات ولكن في النهاية هي كلها أسباب يمكن التغلب عليها, ولكنها تحتاج إلي إرادة وإدارة صاحبة قرار ودعم مالي لبعض هذه المشروعات.. وإلي حين تتوافر هذه الشروط ستظل هذه الرموز المعطلة علامة سلبية تشوه وجه بور سعيد الحضاري المليء بالإنجازات في مختلف المجالات. متحف بور سعيد القومي.. خارج الخدمة إستمر إغلاق المتحف القومي لمحافظة بورسعيد لأكثر من10 سنوات رغم موقعه الحيوي أمام مدخل قناة السويس بالبحر الأبيض المتوسط السياحية بميناء بور سعيد الذي استقبل آلاف السائحين بصورة شبه يومية يضيف مآساة جديدة لمأساتنا اليومية ودليلا رئيسا علي ضعف اتخاذ القرارات بسبب الأيادي المرتعشة للمسئولين, والحكاية تبدأ منذ عام2009 والذي خصص فيه قطاع المشروعات بوزارة الثقافة75 مليون جنيه لتطويرمتحف بورسعيد القومي وتحويله لمزار سياحي عالمي يقع عند المدخل الشمالي لقناة السويس بجوار مرسي سفن الركاب وبعد الانتهاء من إعداد مشروع ترميم وإعادة تطوير المتحف بشكل عالمي تم إعداده من قبل بيت خبرة متخصص للأعمال الفنية الخاصة بالمتاحف وتسليم التصميمات الخاصة بالمشروع وهي علي أحدث الطرز العالمية وأثناء عملية التطوير أكتشفت الشركة المنفذة عدم جدوي عملية الترميم فكان القرار بالإزالة حتي سطح الأرض علي أن يتم إعادة بنائه مرة أخري وبالفعل تمت الإزالة ولكن لم يتم البناء ليتوقف المشروع مرة أخري دون أسباب رغم وجود مخصصات مالية لإعادة البناء ولكن لا أحد يعلم متي يعود المتحف الذي أنشئ عام1963 وافتتح في عام23 ديسمبر عام1986 وأغلق وتوقفت الزيارات له منذ عام2002 حتي اليوم ليصبح المتحف خارج الخدمة!! وعلي الرغم من موقع المتحف الجغرافي المتميز وأهميته للسياحة فلم يستغل الاستغلال الأمثل الذي يدر مبالغ طائلة من العملة الصعبة علي خزينة الدولة, حيث إن بور سعيد تستقبل أكثر من250 ألف سائح أجنبي يأتون إلي المحافظة بحرا عبر البواخر من جميع أنحاء العالم ويرسون أمام المتحف في الميناء بالمدخل الشمالي لقناة السويس. ويعتبر المتحف هو الأول من نوعه في تاريخ مصر حيث يضم حوالي9000 قطعة أثرية من كل العصور بدءا من العصر الفرعوني مرورا بالعصور اليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية وإنتهاء بالعصر الحديث ولكن بعد أن تقرر تطويره تم جمع هذه القطع الأثرية وترقيمها ووضعها داخل مخازن خاصة ولكن إلي متي؟!! الله أعلم!!! شلل في مشروعات التنمية في مجال الخدمات الصحية.. الجناح البحري لمستشفي بورسعيد العام حتي الآن والمخصص لعمليات القلب المفتوح ومستشفي الحميات الجديد ومستشفي النسا والولادة جميعهما لم يتم الانتهاء منها أو تسليمها خلال السنوات الطويلة التي أهدرت في عملية إنشائها وإدخالها الخدمة, والمسئول الأول هو التمويل المالي اللازم.
الخوف مشكلة إنتاج سكر البنجر ويأتي مشروع إنتاج السكر من البنجر علي رأس المشروعات العملاقة التي تنتظرها المحافظة بعد أن سارت خطوات إنشائه بخطي السلحفاة منذ عام ونصف العام في مفاوضات شاقة بين المستثمر صاحب المشروع وهيئة التنمية الصناعية المالكة للأرض التي سيقام عليها المشروع جنوب بورسعيد. وقد أعطي اللواء أحمد عبد الله محافظ بورسعيد دفعة كبيرة علي طريق إخراج المشروع للنور بعد أن طرح أزمة تعثر مفاوضات إنشائه خلال اجتماع مع الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء والذي أعطي توجيهاته بإقامة المشروع بالمشاركة بين المستثمر وهيئة التنمية الصناعية بعد أن تسبب الخلاف بين الجهتين علي ثمن سعر الأرض في إستمرار المفاوضات خلال الفترة السابقة. وأكد المحافظ أنه سيتم توقيع عقد توقيع إنشائه المشروع العملاق خلال الأيام القادمة ليكون إضافة للإقتصاد القومي لمصر وليس لبورسعيد فقط ولم يتبق سوي أن يتحلل جميع المسئولين من بقايا الخوف من إقامة المشروع بعد أن استكملت كافة الدراسات التي أكدت أهمية إنشائه. ويبلور المهندس فوزي شندي العضو المنتدب للشركة صاحبة المشروع الأهمية الإقتصادية لهذا المشروع العملاق وأكد أنه سيقام علي مساحة80 فدانا جنوب المحافظة برأس مال مصري وخليجي باستثمارات تصل إلي400 مليون دولار ويبلغ حجم انتاجه نصف مليون طن سنويا من سكر البنجر ويوفر هذا الحجم نصف إحتياجات مصر من السكر التي تستورده سنويا من الخارج وهو بذلك يعطي دفعة كبيرة للميزان التجاري المصري في تقليل الفجوة بين الاستيراد والتصدير في جزئية سلعة استراتيجية كالسكر. ويضيف العضو المنتدب أن محافظة بورسعيد ستجني آثارا إيجابية من إقامة هذا المشروع علي أراضيها بتوفير2000 فرصة عمل ثابتة ودائمة لأبنائها في هذا المشروع, بخلاف3000 فرصة عمل أخري موسمية للمتعاملين عن المشروع في مراحل إنشائه ومرحلة الإنتاج بعد ذلك كما يسهم المشروع في إنهاء أزمة سنوية متكررة لمنتجي محصول البنجر والتي برزت بشدة في الأيام الماضية بعد أن عجزوا عن تسويق إنتاجهم لمصانع السكر القائمة في مصر سوف يستوعب المشروع إجمالي الإنتاج من البنجر المنتج في الأراضي الزراعية ببورسعيد والمحافظات المجاورة. منطقة شرق بورسعيد.. أزمة الحكومات المتعاقبة وأخيرا تطل منطقة بورسعيد بأهميتها الاستراتيجية كأهم موقع سيكون قاطرة للتنمية الإقتصادية لمصر كما وصفها بذلك البنك الدولي ويؤكد المحافظ اللواء أحمد عبد الله أن المنطقة أخذت ما تستحقه من أهمية في اجتماعات الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء في الأيام الأخيرة وتم وضع خريطة طريق لتفعيل المنطقة ومشروعاتها الاستثمارية التي يتهاتف عليها العالم, وحرص المحافظ علي توضيح التحديات التي تواجه مصر في المرحلة القادمة في ظل المتغيرات الدولية التي يشهدها العالم واصفا إياها فرصا يجب أن تغتنم من قبل المستثمرين الجادين مشيرا إلي ضرورة إصدار قرار جمهوري بإنشاء كيان خاص لإدارة منطقة شرق بورسعيد علي وجه السرعة ويكون له صفة الإستقلالية وأساليب الإدارة وله الحق في تولي منح حوافز جديدة لإستثمار نحو تلك المنطقة اللوجستية المهمة والتي ينتظر أن تستوعب استثمارات تقدر ب300 مليار دولار كما يمكن لهذا الكيان أيضا متابعة تنفيذ المخطط العام لمشروع شرق بور سعيد التي سيتم تنفيذه علي3 مراحل بفترات زمنية ومساحات محددة تضم المرحلة الأولي مساحة12 كيلو مترا مربعا من المفترض أنها بدأت العام قبل الماضي لتستمر حتي2015 وتشمل إنشاء محطات لتداول الحاويات والبضائع العامة والصب السائل ومحطات لتموين السفن بالوقود ولتخزين البترول ومنطقة خلفية للخدمات اللوجيستية. كما تشمل أيضا إقامة منشآت سياحية ومستشفي ومشروعات غذائية وخدمات تخزين وأمن وصيانة ومناطق للموازين وساحات انتظار, بينما تمتد المرحلتان الثانية والثالثة حتي عام2030 لتغطي مساحة75 كيلو مترا مربعا وتشمل إنشاء محطات الحاويات والصب السائل وتموين السفن والبضائع العامة ومن المتوقع أن تصل استثمارات تنفيذ المرحلة الأولي إلي2 مليار دولار متضمنة البنية الأساسية التحتية والفوقية المحطات والأرصفة ومشروعات الخدمات العامة وتوفر ما يقرب من250 ألف فرصة عمل, واشار إلي أهمية العمل علي تنفيذ المشروع الأهم للمنطقة وللميناء وهو شق القناة الجانبية لنضمن وجود مدخل جديد للسفن التي ستتعامل مع محطات الحاويات الجديدة التي سيتم إنشاؤها بشرق بورسعيد للقضاء علي احتكار نشاط الحاويات هناك وحتي لا يتلاعب أحد بالأمن القومي المصري أو التأثير السلبي بأي طريقة علي أمن مصر.