لا يمكن فهم، ولا التعاطف، مع هذه الحملات المفاجِئة، بكل شراسة وبدائية، ضد المقاهى المخالِفة فى مصر الجديدة وغيرها، بهدم ديكوراتها من حديد مشغول وأخشاب مُطعَّمة وزجاج ملون وأعمال كهربائية، وتكسير أدواتها بمعاول وهرّاوات، على أيدى بعض من لا يختلفون شكلاً وأسلوباً عن أعتى البلطجية بكل ما فى أدائهم من شراسة وغلظة، وأن يجرى هذا تحت عنوان أنها تعمل دون ترخيص أو أنها خرجت على شروط الترخيص! فهل يقصد أصحاب الحملات أن يشتتوا الاهتمام عن السؤال المنطقى عن مسئوليتهم عن إصدار التراخيص دون سند قانونى، أو عن التجاوز عن الخروج على شروط الترخيص طوال الفترة الماضية، قبل أن تحدث جريمة القتل التى حركت الرأى العام؟ لم تتطرق الأخبار المُعلَنة عن هذه الهوجة إلى أهم ما فى الموضوع بخصوص الإجراءات المفروض أن تكون صدرت، أو سوف تصدر، ضد المسئولين الذين أصدروا التراخيص دون استيفاء الشروط القانونية، ولا ضد الساكتين على الخروج عن حدود التراخيص، وعن تقاعسهم عن القيام بواجباتهم الوظيفية فى متابعة الالتزام بالشروط فى الممارسة اليومية. لقد شاركتُ فى الكتابة عدة مرات، مع آخرين، منبهين إلى استفحال ظاهرة المقاهى المخالِفة وإلى وجوب فرض القانون، ولكن ليس بهدف ما نراه الآن، وإنما من أجل: أولاً، حماية السكان من الضوضاء والتلوث وإشغالات الطريق، وثانياً، ضمان حق الزبائن من الاستغلال، وثالثاً، كفالة حق الدولة فى تحصيل مستحقاتها، ورابعاً، الضرب على يد الفساد الذى يجيز أن تستمر كل هذه الانتهاكات يومياً بكل ما تنطوى عليه من استفزاز ومن مخاطر التحفيز على استمرار نشاطات خارج القانون بآلية يستفيد منها الفاسدون من فئة الموظفين، الذين بيدهم منح الترخيص ومتابعة الالتزام بشروطه..إلخ. ولم يكن الهدف إغلاق المقاهى فى مصر والتعامل معها كنشاط إجرامى، إلا لدى من يُضيِّقون على الناس ويستسهلون فى تحريم كل شىء، وإنما التشجيع على ممارسة النشاط الذى يوفر ملتقى حضارياً لمرتاديه، من المواطنين والسياح، وفق القانون والإجراءات الواجبة الاتباع. لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب