مربع بن عروس ما كيدهم إلا بتأسيس لا شك إنه يهرب وهما من جند إبليس وإبليس فيهم يقرب «اللِّى اختشوا ماتوا» أسيادى واسياد اجدادى اللى يعولوا همى وهم أولادي اشهد لى بكحكة اشهد لك برغيف اعزم وأكل العيش نصيب أعمش وعامل صرَّاف اقسم للأعرج يغلبك أقل باب يحوش الكلاب إشراف: أسامة الرحيمي وجيه الصقار «النداهة» من أشهر الحكايات فى التراث الشعبى بالريف المصري. وتروى الحكايات أنها امرأة جميلة وغريبة، تظهر فى الليالى المظلمة، تنادى شخصا معينا باسمه فيقوم مسحورا، ويتبع النداء إلى أن يصل عندها، ثم يجدونه ميتا فى اليوم التالي، ولا يمكن لأحد مقاومة سحر صوتها الجميل، الذى يأسر القلوب والآذان. فهل هى مجرد حدوتة نسجها الخيال الريفي. ............................................................ تقول الروايات أنها تظهر فى الليل للايقاع بالبسطاء، وتختار فريستها وتناديه فينساق بلا وعى منه ليلقى مصيره، فالفلاحون يروون أن الشخص «المندوه» يكون مصيره الموت أو الجنون ويتصرف بشكل غريب، أو تصيبه هلاوس فيكلم نفسه، ويسكن «الغيطان» ويصعب تعقبه، ثم يختفي. ويردد البسطاء أن النداهة إذا أحبت شخصا تأخذه إلى عالمها السفلى لتتزوجه، وربما يظهر ميتاً إذا رفض العيش فى عالمها السفلي، وتقتله خشية إفشاء أسرار عالمها. توارثت الأجيال هذه الحكايات، وورثت معها الخوف من غواية «النداهة»، فالأحمق «اللى ندهته النداهة وراح وراها» تجاهل تحذيرات الأجداد، وتذهب تفسيرات إلى أن البسطاء وجدوا فيها مهربا من شقاء المعيشة، ومن جانب اُستغلت لارتكاب جرائم كبيرة بمسمى النداهة، لتقيد ضد مجهول، بينما أصل الشخصية مثير للحيرة. ورأت تفسيرات أخرى أن النداهة دلالة على حرمان الشخص من العاطفة، ورغبته فى العشق حتى لو كان مع كائن لا وجود له. والأسطورة من زاوية البحث عن الحب تشبه القصص الإغريقية القديمة، حيث يؤمن الإغريق بوجود عروس البحر التى تنادى البحارة بصوتها الجميل، وتأخذهم إلى الأعماق ليعيشوا قصة حب بعيدًا عن الناس. ويذهب الدكتور «مرسى السيد» أستاذ التراث الشعبى بجامعة القناة إلى أن الشعوب تلجأ إلى تجسيد الأمور الغريبة التى تصعب على عقولهم بقدر ثقافتهم ومعرفتهم، فيدعون أن الشخص المصاب بمرض عقلى «مندوه»، وينسحب هذا على رجال تعرضوا للكبت العاطفي، أوالمبعد عن النساء لأى سبب، فيفعل أشياء غريبة للفت الأنظار، ليثبت أنه مرغوب من امرأة جميلة، هى «النداهة» وحتى لايصبح منبوذا. ولأن تلك المجتمعات تحافظ على سلامة المرء وأخلاقه ابتدعت هذه الأسطورة لمنع خروج الرجال ليلا للحد من الرذيلة. وهناك أسطورة «أم الدويس» التى تحمل طابعًا مصريًا خالصًا بدءًا من اشتقاق الاسم من كلمة «نده» أو النداء، ويختلف من بلد لأخرى حسب ثقافتهم، ففى دول الخليج، خاصة الإمارات، نجد أسطورة «أم الدويس» أو «أم الصبيان» وهى جنيّة بالغة الأنوثة والجمال، تفوح منها رائحة عطور خاطفة، تلاحق الرجال ليلًا وتفتنهم وما إن يقع الرجل فى شباكها تقتله وتأكله، وأشيع أيضًا أنها تخاف النساء وتظهر فقط للرجال. وقيل ان هذه الأسطورة مختلقة لتخويف الرجال من النساء الغريبات وإبعادهم عن المعصية. وفى اليونان بلد الأساطير، تحمل اسم «السيرينات» أو«عروس البحر» التى تفتن البحارة بالغناء بصوت ساحر، ووجه بالغ الجمال، ومن يفشل فى مقاومة إغواء الغناء يخطفنه إلى البحر، ومصير البحارة يختلف من حورية لأخري، فإذا كانت طيبة وملائكية تأخذهم إلى شاطئ آمن، ليعيشوا معها نعيما، وإذا كانت شريرة تخطفهم إلى بحر الظلمات وتقتلهم. وفى أسطورة «لا لورونا» فى إسبانيا، التى تستهدف تخويف الأطفال، تظهر كامرأة حزينة تخرج ليلًا على ضفة النهر، وتبكى حين يقترب منها الأطفال لتغويهم وتقتلهم، ويقال إن وراءها قصة حزينة لامرأة دفعتها الغيرة على زوجها إلى قتل أولادها بإلقائهم فى النهر، وأصابها الندم بعد أن فعلت ذلك فألقت نفسها وراءهم ومن يومها وشبحها يطوف عند النهر يخطف الأطفال ويصيب النساء باللعنة نفسها وتدفعهن لقتل أطفالهن. وهناك أسطورة يابانية «كوشيساكى أونا» أو«المرأة ذات الفم المشقوق»، ويقال إنها امرأة جميلة ذبحها زوجها الغيور فعادت لتنتقم منه فى كل الرجال. وأصبحت شبحا يظهر للرجال ليلًا مرتدية قناعًا يخفى وجهها المشوه، وتقترب من ضحيتها، وتسأله بنعومة «هل أنا جميلة؟» فإذا قال لا تقتله فورًا، ومن يقول نعم تخلع أمامه قناعها ليظهر وجهها المشقوق المرعب من الأذن إلى الأذن، وتسأله «ماذا عنى الآن؟» فإذا أجابها بلا تقتله فورًا، أما إذا أجابها بنعم فتشق له وجهه تمامًا مثل وجهها وتتركه. ويرى الدكتور مصطفى رجب أستاذ علم الاجتماع وعميد تربية جنوب الوادى سابقا أن «النداهة هى القهر والرغبة الداخلية التى تسيطر على الإنسان وتدفعه إلى السعى لتحقيقها وإشباعها بكل شكل ممكن». و«هذه الأسطورة التى حكاها الأجداد تتكرر بشكل أو بآخر، حيث تخطف النداهة العصرية الرجال من أسرهم وحياتهم ويتتبعونها إلى أن تنتهى حياتهم، ليس شرطًا أن يجدهم الناس جثة ولكن يكفى أن تدمر حياتهم تمامًا»، ، ويعتقد أن النساء كن وراء هذه الأسطورة فى البداية، وتحمل مدلولًا بأن الرجل الذى يهيم على وجهه خارج بيته معرض لإغواء امرأة جميلة تتسبب بإفساد حياته إذا تتبعها، والظلام أو الليل يرمز إلى تتبع الرجل لشهوته، لأن الشهوة والخطأ يحدثان دائمًا فى الظلام والخفاء، والشائع أن الرجل الذى يمشى وراء نزواته وشهوته يفقد عقله، وهناك تفسير شائع بأن وراء الأسطورة كبتا عاطفيا يدفع الرجل للتوهم بأن هناك امرأة جميلة ترغبه بقوة، لكن ذلك يحدث مع النساء أكثر من الرجال فالفتيات شائع بينهن توهم وجود عاشق مفتون بهن ويخشى مصارحتهن بحبه لأن شيئا يعوقه، ويمكن تفسير الأسطورة بطريقة إيجابية بأن النداهة هى «الشغف» الخاص بكل شخص، لا سيما إذا كان مبدعًا، ويدفعه إلى أن يغير مسار حياته بأكمله ليتتبعه، فإما ينجح وتكون النتيجة إبداعا، وإما يقوده شغفه إلى الجنون، ومع ذلك «فأثر النداهة مستمر إلى الآن، ووراء الكثير من الجرائم التى ترتكب لإشباع الرغبات أو تحقيق الثراء السريع، فالنداهة هى الرغبة الداخلية التى تسيطر على الإنسان بشكل جنونى وتدفعه إلى السعى لتحقيقها وإشباعها بكل شكل ممكن، مهما كانت العواقب، وهى الإحساس بالقهر النفسى والاجتماعى والذى لايشترط أن يكون ناتجًا عن التعرض للظلم فقط، ولكن القهر أيضًا يأتى من شعور الإنسان بقلة الحيلة وعدم القدرة على تحقيق أحلامه أو حتى إشباع شعوره بالحرمان الشديد من شيء ما».