حملت المواقف التى اتخذها الرئيس دونالد ترامب تجاه الصينوكوريا الشماليةوإيران رسالة تفيد بأن شعاره الانتخابى «أمريكا أولاً» لا يعنى أنه سيكون امتداداً لسياسة الانكفاء التى اتبعها سلفه باراك أوباما. تنطوى هذه الرسالة على ما يمكن اعتباره انقلاباً على التوجهات التى بدا فى حملته الانتخابية أنها ستحكم سياسته الخارجية، أو فهم معظم المراقبين أنه سيلتزم بها بحذافيرها. فقد استنتج كثير ممن تابعوا حديث ترامب المرشح عن تكلفة تحالفات الولاياتالمتحدة أنه يعتزم النكوص عن هذه التحالفات. كما بدا أن هذا التوجه قد يؤدى إلى تقليص دور الولاياتالمتحدة فى أوروبا وشرق آسيا، وخصوصاً أنه انتقد بوضوح الحلف الأطلسى وتحدث عنه باستهانة لم يسبقه إليها رئيس أمريكى منذ تأسيس ذلك الحلف. ورغم أن سياسة ترامب تجاه أوروبا والحلف الأطلسى قد لا تتضح إلا بعد مؤتمر الأمن والتعاون الذى سيحضره نائبه بعد أيام، فقد أظهرت المواقف التى اتخذها تجاه الصينوكوريا الشمالية وايران أنه يتجه إلى استعادة الدور الأمريكى فى الشرق الأوسط، ودعمه فى شرق آسيا، وليس العكس. بدأ وزير الدفاع جيمس ماتيس عمله بزيارة ذات مغزى إلى كوريا الجنوبية واليابان، حيث أكد التزام إدارة ترامب بالدفاع عنهما، وتمسكها بمعاهدة الدفاع المشترك مع طوكيو، ودعم حقها فى الجزر التى تطالب الصين بالسيادة عليها فى بحر الصين الجنوبى. كما وجه تحذيراً صارماً إلى كوريا الشمالية فى إطار تأكيد الالتزام بالتحالف مع جارتها الجنوبية. ورغم أن تشدد ترامب تجاه إيران ظهر فى حملته الانتخابية، لم يكن متوقعاً أن يبادر بفرض عقوبات جديدة عليها ولم يمض أسبوعان على دخوله البيت الأبيض، وأن يعتبر هذه العقوبات بمنزلة تصعيد أول وليس أخيراً. وفى الاتجاه نفسه، خيبَّ ترامب أمل روسيا التى راهنت عليه، واتخذ موقفاً أكثر تشدداً بشأن العقوبات عليها، حيث ربط رفعها بإعادة القرم إلى أوكرانيا، وليس فقط بالتوصل إلى حل سلمى للأزمة بين موسكو وكييف. وإذا استمر ترامب فى هذا الاتجاه، سيكون قد انقلب على مواقف واضحة تبناها فى حملته الانتخابية تجاه روسيا، وعرَّضته إلى اتهامات طعن بعضها فى جدارته بالدفاع عن مصالح الولاياتالمتحدة. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد