أقيمت أول أمس ندوة لمناقشة كتاب »منامات الوهرانى ومقاماته ورسائله«، ضمن فعاليات المقهى الثقافي. وأشارت الأديبة سلوى بكر إلى أن الملتقى ضمن سلسلة ملتقيات »كتب تراثية قديمة ذات طابع حضاري«، هذا الكتاب عاش صاحبه فترة انتقال بين نهاية الدولة الفاطمية، وبداية حكم صلاح الدين الأيوبى لمصر، والوهرانى هاجر من الجزائر إلى مصر، وتنقل بين الشام والعراق، وعاش حياة ثقافية، فكل عصر له مثقفوه، فما أشبه اليوم بالبارحة، فكانت هناك جماعات ثقافية هامشية، وجماعات ثقافية مقربة من السلطات الحاكمة. والوهرانى كان من المثقفين المهمشين لذلك سنجد رسائله ومناماته وكتاباته فيها سخرية كثيرة من المثقفين الرسميين. وأضافت سلوى بكر آن بعضا من النقاد والباحثين يرون أن الوهرانى ابتدع فنا جديدا لم يكن معروفا فى الأدب العربى وهو فن المنامات. فإن المنام مختلف عن المقامة، فالمقامة أشبه بالحكاية أو القصة ذات البنية وفيها أسماء وأشخاص محدده تتمحور حولهم الأحداث. لكن المنامة فن مختلف، فيه مساحة حرية أوسع بكثير من الأحداث الواقعية، وكذلك فيها اللامنطق، فلا يوجد ترابط منهجى مثل الأحلام. والوهرانى كان يكتب بعربية فصحى وعميقة، وأيضا بالعامية المصرية، وعنده كثير من المفردات والمصطلحات ربما لم تعد موجودة الآن. وهناك دراسات لغوية عن تلك الفترة تستند إلى هذا الكتاب تحديدا. وينتمى هذا الكتاب إلي »الأدب المهمش« فى مصر، وهو أدب له تراث كبير لا يعتد به رسميا، مليء بالسخرية والتهكم وانتقاد الأوضاع السياسية والاجتماعية والدينية. وأكد د.عبد السلام الشاذلى الباحث والناقد الأدبى أن الكتاب عمل تراثي لمثقف مغترب من الأدباء المهمشين، ومن وثائق السرد العربي، والمنام عمل إبداعى له جذور ممتدة، يقابل عبره البشر بكل ألوانهم وأطيافهم، وينفس عن همومه، لأن هذه الرحله الخيالية تحدث تحت ضغط عصبى ونفسى واجتماعى لإنسان ضاق بالحياة، لأنه عاش فترة انتقالية قاسية، فظهرت سخريته وكراهيته للواقع، لكنه التقط أيضا بعض السمات الحضارية فرصد فيضان النيل وقال فى عبارات جياشة احترق نيل مصر فى هذه السنة إلى حد ما انتهى قط إليه، ظهرت آثار المجلس الذى كان يجلس فيه فرعون يوم الزينة، ويقول «أنا ربكم الأعلي، وهذه الأنهار تجرى من تحتي» ثم تأخرت الزيادة عن وقتها المعهود حتى يأس الناس منها وشنعوا أن ملوك الحبشة صرفوا النيل عن مجارى ديار مصر إلى ناحية بلاد الزنج فلا يعود إليهم أبدا.