أثار تفوق مرشح اليسار بنوه آمون علي المرشحين السبعة الذين خاضوا الانتخابات التمهيدية الأولي لليسار جدلا شديدا علي الساحة الفرنسية خاصة ان كل المؤشرات كانت تتنبأ بفوز رئيس الوزراء الاشتراكي السابق مانويل فالس. وجاءت النتيجة صادمة لأتباع فالس الذي لم يحصل سوي علي تأييد 31٫19 في المئة تقريبا في حين تفوق عليه بنوه آمون وزير التعليم السابق بحصوله علي 36٫2 في المئة. والواقع ان النتيجة لم تُظهر الانقسامات الواضحة في جبهة اليسار فحسب بل انها قد تشير إلي خروج الاشتراكيين من الأليزيه لتفتح الطريق امام المرشح الشاب إيمانويل ماكرون وزير الاقتصاد الذي استقال من حكومة فالس الاشتراكية منذ ستة أشهر في أغسطس 2016 ليؤسس حزبا سياسيا جديدا تحت عنوان «حركة الي الأمام» كخطوة لخوض السباق الرئاسي الفرنسي. ومما لاشك فيه أن وزير الاقتصاد الفرنسي السابق ايمانويل ماكرون لديه شعبية عريضة وقد بزغ نجمه في عالم السياسة في فترة قصيرة تجعل المراقبين يتوقعون فرصا عظيمة لوصوله الي هرم السلطة في مايو 2017. وتجدر الإشارة الي ان وزير المالية السابق ماكرون اصبح الشبح الذي يتحسب له اليمين الجمهوري باعتبار انه المنافس الأشرس لمرشحهم فرانسوا فيون - الذي شغل رئاسة الوزارة في حقبة الرئيس نيكولا ساركوزي- رغم أن فيون أيضا قد حقق اكتساحا في الانتخابات التمهيدية بداخل حزبه اليميني الجمهوري بتفوقه علي نيكولا ساركوزي والآن جوبيه رئيس الوزراء السابق الذي توقعت له الساحة الفوز الا ان صناديق الاقتراع قلبت الموازين آنذاك ليصبح فرانسوا فيون مرشح الجمهوريين للاليزيه. المخاوف نفسها نجدها لدي الاشتراكيين فهم يلقبون ماكرون-ببروتوس الجديد - ذلك لانه خان الرئيس فرانسوا اولاند الذي منحه فرصة تبوؤ منصب رفيع في الحكومة الاشتراكية وجعله مستشارا له في قصر الاليزيه عام 2012 وذلك رغم انه لايملك خبرة سياسية ولا ينتمي للحزب الاشتراكي. وتنتظر الساحة الجولة الثانية للانتخابات التمهيدية لليسار في 29 من الشهر الحالي. ليقول الفرنسيون كلمتهم الاخيرة في اختيار من يخوض السباق في الانتخابات الرئاسية المقرر جولتها الاولي في ابريل المقبل ولتكون الجولة الحاسمة في مايو 2017. وتذهب كل التوقعات الي فشل الاشتركيين في الوصول للانتخابات الرئاسية في حالة حصول بنوه آمون علي نفسها النتيجة بمعني تفوقه علي مانويل فالس اعتقادا منهم ان فالس ربما تكون لديه القدرة لمناطحة زعيمة الجبهة الوطنية لليمين المتطرف مارين لوبن التي تمنحها مراكز الاقتراع توقعات كبيرة بالوصول الي الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقرر لها مايو المقبل. الجدير بالذكر ان الانتخابات التمهيدية لليسار في جولتها الاولي قد شهدت نسبة إقبال ضعيفة جدا من الناخبين تراوحت بين 1٫7 و1٫9 مليون شخص حسب الإحصاءات الرسمية وهي بالطبع تمثل نصف المشاركة التي حظيت بها الانتخابات التمهيدية لليمين والتي سجلت في التوقيت نفسه4 ملايين ناخب. وهي ايضا إشارة صريحة لرغبة الفرنسيين في عدم اعادة اختيار الاشتراكييين من جديد. وحسب ما أظهرت صناديق الاقتراع ان 81 في المئة من الناخبين قد اختاروا بنوه آمون نظرا لاتفاقهم مع أفكاره في ان 8 في المئة فقط قد صوتوا لفالس الامر الذي يعتبره مؤشرا قويا لخروج فالس من السباق في الجولة الثانية من الانتخابات التمهيدية. وفي ظل هذه الظروف يعيش ثمانية ملايين فرنسي تحت خط الفقر ومازالت نسبة البطالة مرتفعة في البلاد اذ سجلت مايقرب من 9٫7 في المئة تقريبا فضلا عن تدني مستوي المعيشة الذي يعاني الفرنسيون. تجدر الإشارة إلي ان من اهم الأسباب التي تنذر بالإطاحة بالاشتراكيين في الانتخابات المقبلة هي مشكلة الامن والإرهاب وتفاقم الهجرة.