اليوم ذكرى واحد من أهمّ وأعظم أيام التاريخ الحديث لمصر، وكان ملمحه الأساسى إصرار عشرات الملايين من عموم الشعب، لأول مرة، على موقف واحد ضد الانتهاكات الهائلة لرئيس نظام دولتهم المركزية العتيدة، الذى لم يكن له أن تستقرّ إلا فى غياب الإرادة الشعبية، التى تجلَّت يومها كأوضح ما يكون، وبصورة استثنائية، على رحيله، والثبات على الاختيار بضريبة مئات الشهداء، حتى تهاوى من قمته بلا جلال! ولما تكاتفت قواعده مجدداً عجزت عن أن تسدّ كل الثقوب، ونجح الشعب فى التوصل إلى إدانته بما يُخلّ بالشرف ويصادر أوسمته ويجحده حق الجنازة الرسمية، فجرى وصمه إلى الأبد بأسوأ من الحكم بإعدامه، خاصة بعد أن توافرّت له كل السبل القانونية فى الدفاع عن نفسه. وكان هو الذى عاند وكابر ووضع نفسه فوق كل القواعد الدستورية والقانونية، وحتى تلك المتعلقة بالكياسة، وتمادى فى إغلاق أى أمل فى التغيير السلمى، بالتأبيد على رأس السلطة ثم توريثها إلى نجله واحتضان الفساد والمفسدين، فى ظل استهزاء بالشعب وبالنخب المنخرطة فى الشأن العام! وكان آخر شعاراته المستفزّة «خلوهم يتسلوا»! فكان الخروج العظيم للشعب يومها وإبداء قبول التحدى هو التغير الثورى التاريخى بعد أن أخفقت النخب فى إحداث المطلوب. ثم تكرر الموقف، عندما تورطت رموز فاعلة من النخب فى تبديد منجزات الثورة وشاركت فى الدفع بجماعة الإخوان إلى الصدارة! ولولا تدخل الجماهير مرة أخرى، ولولا انتباه الوعى الجمعى إلى الاستجارة بالجيش الوطنى، ولولا تلبية قيادة الجيش، لما كان من الممكن الإطاحة بحكم الإرهاب إلا عبر مذابح حقيقية أشعل الإخوان بوادرها. ومع الذكرى السادسة للثورة، تلوح لأول مرة بشارات تغيير دولى كبير داعم لها، بما يدعو للتفاؤل بإمكانية دعم القدرات فى مواجهة إرهاب الإخوان وذيولهم، وبما يُعزِّز من وجوب الإسراع بتلبية استحقاقات الشعب الذى ثار من أجل حياة أفضل، وقد انتظر وصبر كثيراً حتى تتحقق أحلامه فى مستويات أرقى فى كل ما كانت النظم الغابرة تصادره من المنبع. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد عبد التواب